الأحد 11/مايو/2025

إسرائيل وحكومة الخيال

حسام جحجوح

اتفاق مكة المكرمة بما أفرزه من وضع مبادئ لتشكيل حكومة الوحدة التي لم توجد بعد،  خلق مشكلة حقيقية لحكومة إسرائيل. فرغم أنه سيقف علي رأسها أحد كبار رجال حماس، إسماعيل هنية، فليست هذه حكومة حماس التي من السهل إقناع الأسرة الدولية بمقاطعتها.

 الولايات المتحدة وإسرائيل ستجدان صعوبة في مطالبة الأسرة الدولية بمواصلة الحصار الاقتصادي على السلطة الفلسطينية. في الوقت الذي يكون فيه نائب رئيس الوزراء هو رجل فتح ووزير ماليتها يلتقي في كل أسبوع تقريبا بوزيرة الخارجية الإسرائيلية والسفير الأمريكي.

بعد 24ساعة من الصمت الرسمي والصدمة غير المتوقعة لإسرائيل ، بدأت ترشح ردود فعل حكومة تل أبيب على اتفاق مكة ، وحين سئل احد المسئولين الإسرائيليين عما إذا كانت حكومة تل أبيب تتحفظ على الاتفاق أشار إلى أن الأمر يبدو أكثر من تحفظ واستخدم مصطلح” ترفع الكرت الأصفر في وجه اتفاق مكة”.

وتعني ” ترفع الكرت الأصفر”  أشار المسؤول إلى إمكانية إلغاء لقاء قمة واشنطن الثلاثية المقررة في 19 فبراير الجاري بين اولمرت وعباس ورايس.

كتب المحلل السياسي والمتخصص في الشئون الفلسطينية في صحيفة يديعوت احرونوت في مقال رئيسي له أن الاتفاق الذي وقع في مكة هو انتصار كبير لحماس وخالد مشعل وإسماعيل هنية، ما كانا يمكنهما أن يتمنيا انجازا بهذا الحجم. حتى بعد الضغط الهائل الذي مارسه الملك السعودي، فحماس لم تتنازل وخرجت من هناك أقوى بكثير في الساحة الفلسطينية الداخلية وأقوى بكثير في الساحة العربية والدولية. كما يقول الكاتب .

التقديرات الإسرائيلية تشير انه إذا اعترفت الأسرة الدولية بالحكومة الجديدة التي لم تولد بعد  – وهذا بالتأكيد قد يحصل في ضوء الشروخ التي نشأت في موقف الرباعية – فان إسرائيل ستجد نفسها معزولة أمام الموقف المطالب بالتفاوض مع حكومة بقيادة حماس

أما المصادر الرسمية الإسرائيلية ففي أول تعقيب رسمي على توقيع اتفاق مكة،  صرحت أن الاتفاق لا يلبي الشروط التي وضعتها الرباعية الدولية.

وفي الأوساط الإسرائيلية تسود  مخاوف من تجدد المساعدات الأوروبية للسلطة الفلسطينية

وتأكيدا على ذلك أفادت مصادر إعلامية أن عناصر في الإتحاد الأوروبي قد أشاروا إلى تقديرات تفيد أن وزراء خارجية الإتحاد، الذين سيجتمعون في الأسبوع القادم، من الممكن أن يقرروا تجديد المساعدات الاقتصادية للفلسطينيين في أعقاب تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.

ويرى الإسرائيليون انه في حال تم تحويل المساعدات فإن الحكومة الفلسطينية، برئاسة حماس، سوف تحصل على الميزانيات بدون الحاجة إلى الاعتراف بإسرائيل.

إسرائيل ترى أن الميزة الوحيدة في اتفاق مكة هو أن وجود وزراء من حركة فتح في الحكومة قد يؤدي إلى حصول تقدم في الاتصالات من أجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليط.وهذا ما بنت عليه مصادر أمنية إسرائيلية التي توقعت إطلاق شاليط .

 الخيار العسكري في إسرائيل مطروح فقد قال رئيس حزب ميرتس يوسي بيلين إنه لم يستبعد الخيار العسكري ضد الفلسطينيين في حال “استمر العنف ضد إسرائيل قائلا:” إذا لم يكن هناك شريك في الجانب الفلسطيني، لا أستبعد عملية عسكرية أو خطوة أحادية الجانب.

إذاً ارتباك وترقب وتخوف وتصريحات يشوبها الحذر وعدم الجزم في موقف إسرائيل من حكومة الوحدة التي لا تخلوا من قيادات فتح في وزاراتها والذين يجتمعون بشكل شبه يومي بقادة إسرائيل فلا يمكن لهم نعت الحكومة بالإرهابية وهم يجلسون مع وزرائها.

وفي النهاية تجمع الأوساط السياسية في إسرائيل أن حماس” لـم تتنازل عن الحكم، لـم تتنازل عن الايدولوجيا، لـم تعترف بإسرائيل، لـم تنبذ “الإرهاب” ولـم توافق على الالتزام بتنفيذ كل الاتفاقات الـموقعة. ومقابل هذا الـموقف العنيد وافقت على حكومة الوحدة التي تاق الجميع لها جدا.
 
* كاتب وصحفي – غزة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات