أبو مازن يضفي شرعية على تهويد القدس

لو ابتعدنا قليلاً عن هذا الجانب وعالجنا القمة من زاوية أخرى ،من زاوية الدلالات المصاحبة لمكان وظروف انعقاد القمة فإننا سنرصد ملاحظات خطيرة تتعلق بهوية القدس والمساعي الرامية إلى تهويدها .
نبدأ هذه الملاحظات مع تعمد الجانب الصهيوني اختيار مدينة القدس مكاناً لانعقاد القمة ،ليس بصفتها عاصمة مشتركة للصهاينة والفلسطينيين ،ولكن بصفتها بيتاً يهودياً خالصاً قام سيده -أولمرت – باستقبال الضيوف فيه وتقديم واجب الضيافة لهم دون أن يعني ذلك أن للضيف حقاً في بيت مضيفه ،وهو ما تأكد برفض رفع العلم الفلسطيني أمام المبنى الذي عقدت فيه القمة والاقتصار على رفع العلم الأمريكي إلى جانب العلم الصهيوني في تنكرٍ واضحٍ لأي حق للشعب الفلسطيني في القدس واستهانةٍ بالغةٍ بمن يدَّعون تمثيله لو أنهم كانوا يعقلون .
وإذا كان هذا السلوك متوقعاً من جانب أعدائنا لأنهم يسعون إلى تحقيق أهدافهم القومية والدينية وإلى إرضاء شعبهم ،فإنه من غير المفهوم أو المعقول أن يتجاوب الوفد الفلسطيني بقيادة أبي مازن مع هذه المقاصد الصهيونية،ولا نسمع منهم أي اعتراض على مشيئة أولمرت في تحديد المكان والزمان اللذين يرتئيهما ويتوافقان مع اعتباراته وحساباته هو ودولته ،وهؤلاء أنفسهم هم الذين ملئوا الدنيا ضجيجاً قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة وطالبوا بإلغائها إن لم يُشرَك المقدسيون فيها ،وبرروا ذلك بحرصهم على فلسطينية القدس وعروبتها .
فما الذي تغير الآن والقدس تتعرض لأخطر مراحلها ،والدفاع عن هويتها بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى؟أم أن القدس ليست في حساباتهم أكثر من وسيلة مزايدة يستعملونها حين تلجئهم الحاجة لذلك؟.علماً بأن هذه المرة ليست الأولى التي يجتمع فيها مسئولون في السلطة مع
مسئولين صهاينة في مدينة القدس وقد أثار اجتماع أبي مازن الذي سبق الاجتماع الأخير مع أولمرت في القدس عدداً من المخلصين من أبناء شعبنا ونبهوا إلى ما يحمله مكان الاجتماع من دلالات سياسية تمس هوية القدس ،لكن أبا مازن كعادته لم يعر هذه النصائح أي اهتمام وأعاد الكَرَّة مرة أخرى ،ولعل مما ساعده في ذلك هو حالة التوافق الداخلي وعدم رغبة المعارضة في التأثير على حالة الهدوء بإثارة مثل هذه القضية .إذا كان لدى أبي مازن ما يسوقه لتبرير مبدأ الجلوس مع الصهاينة والتفاوض معهم ،فليس من المقبول إطلاقاً تبرير الموافقة على اختيار القدس مكاناً للجلوس خاصةً إذا علمنا أن معظم دول العالم ترفض إقامة سفاراتها في مدينة القدس وتقيمها في تل الربيع ،وما دام الأمر كذلك فإن من العار أن يتصدى فريق فلسطيني لمنح الصهاينة غطاءً شرعياً يساعدهم أمام العالم في ترويج القدس عاصمةً لهم مستندين في ذلك إلى أن الفلسطينيين وهم أصحاب الشأن يأتون إلينا في مدينة القدس ويتفاوضون معنا تحت ظل العلم الإسرائيلي .
إن تكرار مثل هذه اللقاءات في مدينة القدس خاصة في ظل أعمال التهويد التي تتعرض لها هو مباركة عملية لتلك الأعمال وإقرار بملكية اليهود لهذه المدينة المقدسة وعلى المسئولين الفلسطينيين أن يكفوا عن تصرفاتهم غير المدروسة ،وعلى الفصائل الفلسطينية أن تبدي معارضةً قوية لهذه الخطوات وألا يمنعها حرصها على العلاقات الجيدة مع الرئاسة من تبني مواقف قوية تتناسب وأهمية قضية القدس.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....

المقاومة توقع قوة إسرائيلية بكمين في حي الشجاعية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية مركبة في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمس السبت، أسفرت...