الإثنين 12/مايو/2025

الأقصى والعرب ونيوتن

د.عبد الكريم الجبالي

يمكن للمتابع أن ينظر من زاوية أخرى لبعض القضايا بتحليل وتقييم ما تقوم به مختلف أطراف الحدث ويمكن بذلك أن يجيب على بعض الأسئلة ويتوقع تطور الحدث وما ينتج عنه من تداعيات، فدولة العدو الصهيوني قامت وتقوم باعتداءات كثيرة على المسجد الأقصى وعلى إثر كل خطوة تكون هناك ردود أفعال عربية وحين نقارن الفعل مع رد الفعل ( أو ردود الفعل مجتمعة أو متفرقة) ترى خرقاً لقوانين الفيزياء أو أن تلك القوانين تحتاج لمراجعة وتعديل وأن نيوتن مخطئ في قانونه.

فقانون نيوتن كما يعرف كل طالب مدرسة فضلاً عن كل متعلم ينص على أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه وحتى ينطبق هذا القانون على قضية المسجد الأقصى وأفعال إسرائيل فلا بد أن يكون لكل اعتداء إسرائيلي على المسجد كما حصل هذه الأيام رد فعل مكافئ من حيث المقدار من طرف الجانب العربي.

فإذا قامت إسرائيل بهدم جزء من المسجد الأقصى فهل ردود الفعل العربية المتمثلة بالاستنكار والرفض اللفظي مكافئة أو شبه مساوية للفعل الصهيوني؟ وللإجابة على ذلك لا خيار سوى أحد خيارين:الأول أن رد الفعل مكافئ وهذا يدل على المكانة الحقيقية للأقصى عند من يعتقد ذلك والثاني أن رد الفعل غير مكافئ وحينئذ نستنج أنه لا بد أن رد الفعل الحقيقي لم يحدث أو يكتمل ولا أحد يعرف حجم ما هو قادم من رد فعل أو حتى مصدر الرد ووقت الرد

وهذا يستدعي سؤالاً آخر: لو قامت إسرائيل بهدم كل المسجد فماذا نتوقع من ردود؟ ومتى تكون وكيف؟

ولعل آخر يشطح في خياله ويسأل أولئك الذين يكتفون بردود أفعال دون إمكانياتهم ما هو الفعل الصهيوني الذي يستجلب رد فعل مثل إعلان الحرب مثلاً أو ما هو الإجراء الذي لو قامت به إسرائيل فسيكون رد العرب قطع العلاقات معها أو إقفال المكاتب أو إلغاء المعاهدات أو ما هو مكافئ؟ أم ليس بالإمكان أكثر مما كان من ردود فعل؟ وأن أقصى الممكن من ردود أفعال هو الشجب والاستنكار مهما كان الفعل، أتمنى أن لا يكون ذلك كذلك وأتمنى أن يقوم البعض بإعداد استبانة توزع على فئات مختلفة تجيب على سؤال واحد فقط ما هو الفعل الصهيوني بحق الأقصى الذي يستوجب رداً عربياً مكافئاً؟

 لكن ما لا خلاف عليه – من ناحية أخرى- أن قانون الحياة والحضارة وسننها يقول أن رد الفعل الحقيقي على أعمال الصهاينة لم يأت بعد وأن كل ما نراه ليس من رد الفعل الحقيقي وسيكون الرد المكافئ للفعل هو  الذي يصدر عن الشعوب والأمم في لحظات التغيير التاريخية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات