الإثنين 12/مايو/2025

اتفاق مكة… ومحاذير التطبيق الميداني

د. حسن محمد أبو حشيش

من المهم لنا نحن الكتاب والإعلاميين والساسة وقادة الرأي العام أن نُري الجمهور الزوايا المختلفة والمتعددة لأي حدث يرتبط بمصيرهم وحياتهم ومستقبلهم وذلك لأننا كما أفهم غير مسموح لنا بالتضليل والغش بل ومن العيب علينا الانجرار العاطفي وراء الأحداث دون الإمعان العقلي والمنطقي فيها . أقول هذا رغم ما يبدو عليه من البداهة  والمسلم به ونحن نرى ونراقب حالة الانفعال السعيدة وردة الفعل الإيجابية والتعبير بالأحاسيس والقلوب والضمائر قبل العقول من قبل الجماهير العريضة بعد الاتفاق بين حركتي فتح وحماس في مكة المكرمة الأمر الذي أراه يُعظم الموقف ويُعقده لدى الأطراف التي اتفقت أمام هذا السيل الجارف من الانفعال السعيد… ولا أعتقد أن هذا الموقف الشعبي مستغربا ومستهجنا لأنه عبر عن أصالة الشعب الفلسطيني ورغبته الكبيرة في الوحدة والتوافق والتآلف.

لقد راقبتُ حركة الجماهير في الشوارع ومكالمات الناس عبر الاتصالات الهاتفية وما حملت من عبارات التهنئة الحارة المصحوبة بالدموع المنهمرة من العيون كما تابعتُ حالة الانقلاب المفاجئ للكثير من الكتاب والناطقين والسياسيين نحو الايجابية في الخطاب بعد حالة من السلبية المقيتة… تابعتُ كل ذلك وانتابني القلق والارتباك ليس رفضا للاتفاق الذي تمنيته من قبل أن تغرق البلاد والعباد فيما غرقت فيه بل وتبادلتُ مع الأحباب التهاني لأنني فلسطيني ينطبق عليه ما ينطبق على كل الشعب ولكن القلق نابع من عُمق الجرح وبُعد الهوة وتباعد الفرقاء وعظم الخسائر المادية والبشرية وكثرة العابثين وقوة تأثيرهم وطول لسان المُحرضين وفشل التجارب السابقة رغم ضجيجها الإعلامي… لذلك تخوفتُ على هذه الجماهير التي تنفست الصعداء بعد أن حبستها كثيرا واشتد الحبسان خلال أيام التحاور في مكة. من هنا أكتبُ اليوم محذرا المسئولين من الفشل ومنبها الجماهير لتتوقع الأسوأ لا سمح الله. وإنني أرى أن تطبيق اتفاق مكة- رغم انه بدأ بالفعل من خلال الاستقالة والتكليف ثانية- يلفه ويحيطه الكثير من المحاذير سنسلط الضوء في هذه المقالة على ثلاثة محاذير أساسية من باب المكاشفة والشفافية حتى نكون على بينة من أرمنا.

المحذور الأول : وهو مرتبط بصدق النوايامن عدمه والتخوف من الرغبة في استخدام الاتفاق كهدنة لجولة جديدة وهذا ما حدث في كل الاتفاقيات التي حدثت بين الطرفين سابقا والتخوف من استغلال البعد العائلي وخاصة العائلات المكلومة والمجروحة ومما يعزز ذلك هو وجود بعض الأحداث التي حدث خلال الأيام الماضية من ارتكاب عمليات قتل وخطف وحرق واعتداءات ومحاولة إلصاق القضية ببعض العائلات وخاصة أن هناك  مواطنين مصابين إصابات  حرجة ومن المتوقع وفاتهم في أي لحظة. وإنني إذ اعتبر هذا المحظور خطيرا ومدخلا لإعادة الفتنة فإنني أعتبر قرار الرئيس أبو مازن بتشكيل لجنة وطنية لحصر الأضرار ومعالجة الضحايا على أساس الواجب الوطني قرارا صائبا ومدخلا مهما للرد على هذا المحذور ولكن القرار لا يكفي بل المطلوب التدخل من الجميع لإنزاله على الواقع ضمن مصالحة عامة .

أما المحذور الثاني : فهو خطورة التسريبات الإعلامية والتصريحات غير المسئولة والتي تؤدي إلى موقف إعلامي وموقف مضاد وبالتالي تعكير الأجواء وتوتيرها وانعكاس الأمر على القرار الميداني وهذا لمسناه في اليوميين الذين سبقا لقاء (هنية وعباس) حيث أربكت وسائل الإعلام الساحة وانطلقت التصريحات المُؤولة والمفندة  وشعرنا بسخونة الردود و انزعج الجمهور وبُهتت فرحة الناس وكادت أن تُسرق راحة البال التي سادت . وهنا أُشدد على الدور المسئول لوسائل الإعلام وعلى توقف الناطقين الإعلاميين عن الشطحات والمزايدات وأُحذر من الرواية الخبيثة والتسريب السياسي والأمني الأسود والاعتماد الأعمى على الرواية الإعلامية الصهيونية.

وبخصوص المحذور الثالث : فهو الخوف من نجاح التدخل الأمريكي والصهيوني والخضوع لمطالب الرباعية المعاكسة للثوابت الفلسطينية مما سيؤدي حتما للفشل والعودة للوراء حيث الاقتتال والدم لان ذلك هو الهدف من قبل هذه الأطراف ولعل زيارة رايس الجارية الآن للمنطقة واللقاء الثلاثي تقلقنا بشكل مباشر وكبير بسبب ارتباط مصائبنا الداخلية والخارجية بمثل هذه الزيارات واللقاءات.

أعرف أنني أكتُب عكس التيار وعكس ما يرغب القارئ أن يقرأ وهنا أكرر أن ذكر هذه المحاذير  جاء من باب الحرص على النجاح والخوف من الفشل والحذر من المؤامرة ولتوضيح أن المسألة ليست نزهة وغير مرتبطة بكلمة اتفقنا ولم نتفق بل مرتبطة بتعقيدات ميدانية وتراكمات سابقة ومصالح وحقوق للعباد والمواطنين وبإرادات حقيقية ونوايا حسنة.لذا أعتقد أن عملية نجاح الاتفاق مرتبطة بتفكيك كل عقد الأزمة التي هي ليست وليدة الشهور العشرة الماضية بل هي وليدة تطور النظام السياسي الفلسطيني خلال العقود الخمسة الماضية. وتغيرات في الخارطة السياسية الفلسطينية ومبدأ القبول والرضي بالقول والفعل بذلك

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....