الإثنين 12/مايو/2025

وأعـــدوا.. سياسة حماس الممتثلة لهذا الأمر الإلهي

أسامة العربي
حقت كلمة ربك صدقا وعدلا،ومهما تنطع المتنطعون، وابتدعوا، واجتزأوا من آياته ليصدوا بها عن سبيله ،سبيل العز والشرف ،فلا مفر من أمره، ولا تبديل لكلماته ، رغما عمن اختلقوا الذرائع ،وانتزعوا التبريرات من تحت إبطهم، لتسويغ هجر الخنادق ،حتى صفرت رياح السموم بخنادقهم ،وحل البوار بديارهم ،وعلى ما في هذه من نكاية، يبقى الأنكى ،أولئك الذين ابتدعوا فكرا،أضحت معه جماجمهم أدوات لطمر مصدر عزتهم ،وتمادوا في غيهم ،وكأن لسان حالهم يقول ،أقسمنا بالله جهد أيماننا ،لنصد عن سبيل الله ،وأن لا يدخلوها وفيهم بقية من رمق ، فاجعة ليس لها من دون الله كاشفة.

فنادق وقبور ، وغرابيب سود ، أخذت معها الخيل تموء ،وانقلب مفهوم الإعداد ، حتى ولدت البندقية كوز ماء ،والطائرة خيمة نصبت على الحدود ، ولكي لا نقع في المستنقع الذي نحاول تجفيفه ،لا بد من العودة إلى التوجيه الرباني ((وأعـــــدوا )) فالانتقال من ضيق أزقتهم، التي أغرقتها الرطوبة النتنة ،ونمت فيها الطحالب على الجدران، إلى المستقبل المقيم على فوهة البنادق ،واستحضار صور من يعمرون خنادقهم، تحقيقاً لهذا التوجيه ،ومشاركة في الإعداد الذي تتعدد صوره .

مما لا شك فيه أن الصورة التي تطغى على ما دونها من الصور، وتعلو دائما في الآفاق الرحبة ،المشاركة بالإعداد بالمال والنفس ،صورة تخدش إذا ما حاولنا الاقتراب منها، لننقلها إلى الواقع المادي ،فلتبق في عليائها تزاحم الأقمار في بهائها وحسنها .

وتبقى هناك صور ترفد الأولى ومنها ما يقع على عاتق الفرد ومنها ما يقع على عاتق التنظيم وهو ضمن امتلاك مقومات القوة المستطاعة.

كثر الحديث عن السياسية والسلطة بعد أن جابت حماس معتركها في الآونة الأخيرة، حتى أن هناك من تذكرها وكأنها لم تكن إلا في عهد حماس ، وان كنت اتفق معهم أن هذه السياسة وليدة حماس (سياسة فن التمسك بالثوابت ) كما وصفها أسد فلسطين الشهيد الرنتيسي رحمه الله ، إلا أنني أعارضهم بأن رهنوا حماس لسياسة الشرور، والآثام، والنفاق ،وطريق التفريط ،وبغض النظر عن الدوافع التي انطلق منها هؤلاء والتي غالبا كانت للنيل من حماس ،لا يمكن بحال نفي السياسة من الإسلام لعدم مقدرة البعض وفق فكره المجزوء من ممارستها !!

مما يثر الدهشة والاستغراب حتى الحيرة المقززة ،معاداة البعض للغرب في كل مفاهيمه ، إلا مفهوم الغرب للسياسية ،ففداه بأمه وأبيه ، لا لشيء إلا ليدنس غيره به ، وليحلق في فضاء العفة والطهر تحليقاً ليس له مثيل إلا من وقع في مستنقع الرذيلة!!

لم يشفع لحماس عند هؤلاء اعتماد أمريكا ،التي يدعون معاداتها ،على استراتيجية توظف بها وسائل لتدمير خصومها،وسائل لا يمكن تفاديها إلا بامتلاك ناصية السلطة ومنها على سبيل المثال لا الحصر المعلومات الاستخباراتية والتدخل السافر وعن طريق السلطة في شؤون البلاد، والعباد، ومحاولة تطويع هذا الداخل ليأتمر بأمرها!!

وخير دليل على ما ذهبت إليه محاولة أمريكا شق الصف الفلسطيني ضمن خطتها لضرب المقاومة ،وفق ما تبنته من فوضى خلاقة ،ولكل فرد أن يتخيل الحال الذي سنصل إليه لو لم يكن لحماس يد في السلطة .
مجمل القول إن دخول حماس لمعترك السياسة ،شكل بحد ذاته عنصر إعداد ، ويقع ضمن دائرة المستطاع التي سعت إليها حماس وفق التوجيه الرباني للمسلمين والوارد ب((وأعـــــدوا ))

أما ما يقع على عاتق الفرد ،ويقع ضمن دائرة الإعداد ،وامتثالاً لأمره جل في علاه المتمثل ب(( وأعدوا)) اليقين بنصر الله ، ما دامت هناك فئة تعمر الخنادق ،وإشاعة
هذا اليقين كونه وعد الله للفئة المؤمنة المرابطة ،ولن يخلف الله وعده

والأخرى الوفاء بالالتزام للجماعة والقيادة ما دامت قائمة على أمر الله ، وهنا لا بد من وقفة قصيرة، فمع توقيع مكة ،اختلط الأمر على البعض، وشابه هذا الالتزام شائبة، وإن كان الكثير من هذا البعض دفعه حرص جارف ،جرف معه الثقة بالقيادة، ( إن جاز التعبير ) والقليل الآخر غفل أن هناك من ينتظر عند الحرم ينصب شراكه للحرام ،للمخادعة، وتعكير المياه للاصطياد فيها ،((وأعــدوا)) تذكير للوفاء ليبقى الجميع بإذن الله ضمن دائرة الإعداد

بقي القول إن الإخوان عندما أضافوا (وأعــــدوا ) لشعارهم ،لم يكن شعارا يتغنون به فقط ،وإنما سلكوا كل السبل للامتثال لهذا الأمر الرباني ، فمن دماء أولئك الذين تسللوا تحت غطاء الأبحاث العلمية، بعد أن ضاقت بهم السبل، لصد الهجوم البربري الصهيوني ، إلى الياسين وأبنائه ،وقيامهم وسهرهم على امتلاك ما يستطاع من قوة ، يتجسد امتثالهم لهذا الأمر .

 
* عضو في شبكة فلسطين للحوار

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات