عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

شروط نجاح اتفاق مكة

أحمد الحيلة

استقبل الفلسطينيون اتفاق مكة ببالغ الفرح، وبمظاهر التلاقي والسعادة المشتركة بين أبناء حركتي فتح وحماس.

هذا الاحتفاء والاحتفال الفلسطيني بالاتفاق دلالة على أن عموم الفلسطينيين يتوقون للوحدة الوطنية، التي هي المخلص من جحيم الاقتتال وإراقة دماء الأبرياء تحت سمع وبصر الاحتلال الإسرائيلي الشامت، وهي الوحدة القادرة على تصليب الموقف الفلسطيني في وجه الاحتلال والضغوط الخارجية..

الرابح الأساس من الاتفاق هو الشعب الفلسطيني الذي صمد تحت الحصار، ورفض الانقلاب على ذاته ـ استجابة للضغوط والاشتراطات الخارجية ـ ، أي لم ينقلب على خياره الديمقراطي في إسقاط الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس، والتي بدورها حافظت على مواقفها السياسية، ورفضت الالتزام بشروط الرباعية الرامية للاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، ذلك الاحتلال الشغوف لنيل شهادة ميلاد أصلية وشرعية لا تتوفر بضاعتها إلا عند أصحاب الأرض الأصليين.

لقد جاء الاتفاق بعد أن أدركت الأطراف الفلسطينية المتدافعة، بأن هناك توازناً للقوى بين حركتي فتح وحماس يصعب تغيير ميزانه على الساحة الفلسطينية، وأن استمرار الجذب والتصادم الداخلي سيستنزف قوة أكبر فصيلين، مما سيعود بالضرر على الشعب الفلسطيني، وبالنفع على الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فلا مناص من تغليب لغة الحوار، ومن الشراكة السياسية التي توجب على كل طرف ـ حتى لو كان الحق إلى جانبه ـ أن يتنازل للطرف الآخر.

الآن وبعد أن تم توقيع اتفاق مكة، يأمل الجميع أن يجد هذا الاتفاق طريقه إلى حيز التنفيذ، أملاً في فتح صفحة ومرحلة جديدة من الشراكة السياسية الحقيقية التي تجمع الأشقاء رغم اختلاف الرؤى وتعدد البرامج التي أضحت اليوم أقرب إلى بعضها البعض من أي وقت مضى ولو بالحد الأدنى من القواسم المشتركة.

لكن هذا الأمل والتفاؤل في نجاح تطبيق اتفاق مكة معقود في تقديرنا على توفر مجموعة من الشروط التي لا بد منها على النحو التالي:

  • حسن نوايا الأطراف الموقعة على الاتفاق: فمن المعلوم أن هناك فئة فلسطينية لم يرق لها صعود حركة حماس إلى الحكم، ولا يروق لها الشراكة السياسية مع حركة حماس لأنها تعتبر نفسها “متضررة” في عرف المصالح الضيقة، هذه الفئة هي ذاتها المتهمة بالتواطؤ لجر الساحة الفلسطينية إلى الاقتتال ومستنقع الدم بالتنسيق مع قوى خارجية. ولقد أشرنا في مطلع المقال أن حالة التوازن بين حركتي فتح وحماس، أقنعت القيادات السياسية بضرورة الالتقاء والشراكة..، ولكن السؤال: هل هذه القناعة تسربت إلى عقول ووعي تلك الفئة المحرضة والمسئولة إلى حد ما عن الفتنة؟ وهل هذه الفئة تحللت من التزاماتها وارتباطاتها بواشنطن وتل ابيب اللتين ما زالتا تتحفظان على اتفاق مكة وتطمحان لتوسيع الهوة بين فتح وحماس رغم الاتفاق المبرم؟ نأمل من تلك الفئة أن تكون قد ارتدعت، وغيرت قناعاتها بعد أن انكشف أمرها للقاصي والداني، وأصبحت محل شبهة لدى قطاع كبير من شعبنا الفلسطيني، وإلا فعلى قيادات حركة فتح وفي مقدمتهم الرئيس أبو مازن أن يتخذوا موقفاً حازماً من هؤلاء حتى لا تُفتح ثغرة في جدار اتفاق مكة.
  • ضرورة استبعاد الشخصيات المثيرة للجدل أو المتهمة بالفساد أو التي يشار إليها بالمسؤولية عن الفتنة الأخيرة، ومنعها من المشاركة في حكومة الوحدة حتى لا يعتري الحكومة أية إشكالات أو أية مناكفات سياسية قد تعيق عمل الحكومة. أي أن المرحلة تتطلب حكومة وحدة متجانسة ومتعاونة يسود فيها روح الفريق الواحد خاصة وأن الأطراف (فتح وحماس) خارجة للتو من جو مشحون ومتوتر.
  • مساعدة الدول العربية لحكومة الوحدة سياسياً واقتصادياً، وتوفير بدائل للفلسطينيين بديلاً عن الاحتياج لواشنطن والاتحاد الأوروبي إن هما أصرا على مقاطعة الحكومة الفلسطينية الجديدة. فالدول العربية إن أرادت إنجاح الاتفاق فإنه في تقديرنا سينجح لأن المنظومة العربية قادرة بيسر على مساعدة الفلسطينيين مادياً إن كان بالدعم المباشر أو بفتح الأسواق أمام الصادرات الفلسطينية.

أما مسألة اعتراض الولايات المتحدة، فنعتقد أن أوراق واشنطن للضغط والاعتراض أضحت ضعيفة لأن الفلسطينيين اتفقوا وأصبحوا يعبرون عن موقف موحد ـ نتمنى أن لا يكون قابلاً للاختراق ـ هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الراعي لاتفاق مكة والحريص على إنجاحه هي المملكة السعودية بما تمثله من ثقل لدى الدول العربية وخاصة دول الخليج الغنية، وبالتالي ففرص اختراق الحصار كبيرة، هذا إذا أخذنا في الاعتبار حاجة واشنطن للسعودية وليس العكس، في ظل سعي الأولى لتهيئة المنطقة والخليج العربي لضربة محتملة للمنشآت النووية الإيرانية.

إذن اتفاق مكة يوفر فرصة كبيرة للفلسطينيين لينتقلوا إلى مرحلة جديدة من الشراكة السياسية، ومن ثم تطوير رؤية وبرنامجاً سياسياً مشتركاً لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي واستحقاقات الأيام القادمة الحبلى بمخططات بوش المغامر.

*كاتب فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....