لماذا يكره العالم أمريكا ؟

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، برز هذا السؤال وبقوة على كثير من محطات الإذاعة والتلفزيون، ورددته الإدارة الأمريكية ورئيسها والشعب الأمريكي أيضا: “لماذا يكرهوننا ! “
ولاشك بأنه سؤال منطقي يستحق الإجابة عليه. أما الإجابات السريعة والسهلة على هذا السؤال المعقد والصعب من مثل: “لأنهم يكرهون حرياتنا” ، “لأننا أقوى دولة في العالم” ، “لأنهم يكرهون حقيقة أن أمريكا قوية وخيرة” فإنها تنبئ عن أحد أمرين لا ثالث لهما. إما عن غباء أو استغباء.
أما الآن ولأني لا أدعي العلم بالسياسة التي تمكنني من الإجابة على هذا السؤال إجابة علمية رصينة؛ فاسمحوا لي أن أتجول بكم بين صفحات كتاب يحمل نفس العنوان “ Why Do People Hate America ” لمؤلفه ، “Ziauddin Sardar & Merryl Wyn Davies” الذي طبع عام 2002 ثم ترجمه إلى العربية “معين الإمام” وتكفل بطباعة نسخته العربية مكتبة العبيكان عام 2005.
سأحاول الآن ذكر أهم النقاط التي وردت في الكتاب والتي تعطي (في ظني) نوعا من الإجابة العلمية المختصرة على هذا السؤال، أحيانا بالاقتباس وأحيانا بتلخيص النقطة.
ولنبدأ الآن …
– أجرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) استطلاعا في أحد عشر بلدا ووجدت أن 60% ممن شملهم البحث خارج الولايات المتحدة يتبنون مواقف سلبية أو معادية للرئيس الأمريكي، واعتبر المستفتون في كافة الدول ما عدا استراليا وإسرائيل والولايات المتحدة، أن أمريكا أشد خطرا من سورية وأنها مرشحة محتملة للانضمام إلى محور الشر.
– نشر زولتان غروسمان – وهو ناشط أمريكي قي مجال السلام العالمي- أن الولايات المتحدة قامت بين عامي (1890 – 2001) أي خلال (111سنة) بـ (134) عملية تدخل عسكرية، صغيرة وكبيرة، عالمية ومحلية في شؤون الدول.
– ذكر بطرس بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة (في إحدى كتبه) أن الأمم المتحدة أصبحت الآن من أملاك قوة وحيدة –الولايات المتحدة- تتلاعب بها وتستغلها لمصلحتها الذاتية.
– (يقول وليام بلوم في كتابه “الدولة المارقة(2001): “وجدت الولايات المتحدة نفسها بشكل متكرر يلفت الانتباه أنها تقف – لوحدها، أو مع دولة أو اثنتين – موقفا يعارض قرارات الجمعية العامة التي تستهدف تعزيز ومساندة حقوق الإنسان، وتدعيم السلام، ونزع الأسلحة النووية، وتحقيق العدالة الاقتصادية، ومؤازرة الكفاح ضد النظام العنصري في جنوب أفريقيا، وخروج إسرائيل السافر على القانون، وغير ذلك من القضايا التقدمية”. ويعدد بلوم مائة وخمسين مثالا على حالات تكررت بين عامي 1984 – 1987 كانت فيها الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي صوتت بـ “لا” ضد قرارات الجمعية العامة).
– (هذا الاستياء هو الذي أدى إلى قيام المجلس الاقتصادي والاجتماعي” التابع للأمم المتحدة بطرد الولايات المتحدة من لجنة حقوق الإنسان التي تضم خمسة وثلاثين عضوا في أيار/ مايو 2001. وهو أمر يحدث لأول مرة منذ تأسيس اللجنة في عام 1946).
– (عارضت الولايات المتحدة بإلحاح متواصل مبادرات الأمم المتحدة المهمة في مجال حقوق الإنسان. وهي إحدى اثنتين من الدول فقط –الأخرى هي العراق- التي لم تصادق حتى الآن على ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل) … (كما امتنعت عن المصادقة على معاهدة حظر الألغام الأرضية وميثاق تأسيس محكمة الجنايات الدولية.)
– ( وكما لاحظ بلوم، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي عارضت في عامي 1982 و1983 إعلان أن التعليم والعمل والرعاية الصحية والغذاء المناسب والتنمية الوطنية هي من حقوق الإنسان). !!!
– لا تهتم الولايات المتحدة كثيرا بالهيئات الدولية ماعدا “منظمة التجارة الدولية (WTO) ” التي تسيطر عليها سيطرة تامة. وذكر المراقبون بأن هذه المنظمة ما هي إلا أداة رئيسية للمحافظة على الاستعمار الأمريكي الجديد.
– بالإضافة لمنظمة التجارة الدولية، تسيطر الولايات المتحدة أيضا على صندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي أيضا. والسبب هو أن لهذه المنظمات آليات مؤثرة لتنفيذ الالتزامات، خصوصا بالنسبة للدول النامية.
– (وتبعا للتقليد المفروض من قبل الولايات المتحدة، فإن الوظائف القيادية العليا في المؤسسات الثلاث توزع بالمشاركة بين الولايات المتحدة وأوروبا. وحين ظهر أول مرشح مؤهل من العالم الثالث، وهو التايلندي سوباشاي بانيتشباكدي، لرئاسة منظمة التجارة الدولية، قامت الدنيا ولم تقعد. فقد هدد الرئيس الأمريكي –آنئذ- بيل كلنتون بعرقلة أنشطة المنظمة إذا لم تقبل المرشح الذي اختارته أمريكا).
– ( تمت الموافقة على إنشاء منظمة التجارة الدولية وإقرار الاتفاقية بالإجماع وبمشاركة الدول النامية. أما في الحقيقة فقد جرت صياغة الاتفاقية برمتها بواسطة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ووصفت من قبل العديد من الخبراء والمنظمات التنموية المتخصصة (ومن ضمنها “أوكسفام” على سبيل المثال لا الحصر) بأنها “عملية خداع مضللة”، فاقمت من حدة الفقر في الأرياف ودمرت رزق المزارعين الصغار، في حين مكنت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من تصدير بضائعها بأسعار رخيصة إلى الدول النامية).
– (حسبما يقول اندروسيمس، رئيس برنامج الاقتصاد الدولي في “المؤسسة الاقتصادية الجديدة”، “وكعاقبة للسياسات الأمريكية، تخسر الدول الفقيرة في ظل العولمة حوالي ملياري دولار يوميا بسبب التلاعب بالتجارة العالمية، ويموت ثلاثون ألف طفل نتيجة أمراض يمكن الوقاية منها).
– فرضت الولايات المتحدة ما يعرف بـ (العقوبات الاقتصادية) على العديد من الدول. ففي عام 1998 وحده فرضت عقوبات مختلفة على 75 بلدا، تضم 52% من سكان العالم.
– انسحبت الولايات المتحدة في مارس 2001 من “بروتوكول كيتو” وهي الاتفاقية التي وقعت في ديسمبر 1997 في اليابان والتي تنص على تقليل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من الدول الصناعية لأنه تسبب في ارتفاع حرارة الأرض وتغير المناخ مما سيؤدي إلى مشاكل وخيمة في المستقبل. وقد ذكرت أعذاراً واهية لهذا الانسحاب. لكن السبب الرئيسي هو أن وزارة الطاقة الأمريكية استنتجت أن هذه الاتفاقية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، لذلك انسحبت الولايات المتحدة منها مما أثار غضب العالم (خصوصا الأوروبيين منهم)، أي أن مصلحة المستهلك الأمريكي أهم من سلامة جميع سكان الأرض.
– تمنع الولايات المتحدة الدول من الحصول على الأسلحة النووية، كما فرضت عليها العقوبات، لكن الولايات المتحدة تملك أكبر مخزون من الأسلحة النووية في العالم. وهي الدولة الوحيدة التي استخدمت القنبلة الذرية في الحرب. كما تجبر الدول الأخرى على الإذعان وتوقيع “معاهدة الحظر الشامل على التجارب النووية” والتصديق عليها، لكنها ترفض هي التوقيع بكل عناد. وفي حين أنها تجبر الدول الأخرى على التخلي عن برامجها النووية، إلا أنها تستمر في تطوير برامجها الخاصة، بما في ذلك تصميم وتطوير “القنابل النووية المصغرة”
“Mini nukes” ، والعودة إلى إجراء التجارب النووية.
– (هنالك العديد من الأسباب الواضحة التي تدعو إلى كره أمريكا، أكثرها شيوعا وورودا ثلاثة: التأييد الأمريكي لإسرائيل، التي يعتبرها الكثيرون في العالم العربي مستعمرة تسلحها وتمولها الولايات المتحدة؛ الدعم الأمريكي للأنظمة الديكتاتورية؛ وعمليات التدخل المتكررة في دول العالم النامية).
– أما الأسباب الأربعة الرئيسة وراء الاعتراض على الولايات المتحدة:
1- وجود الولايات المتحدة جعل الوجود صعبا جدا على الشعوب الأخرى من الناحية الاقتصادية (لتحكمها باقتصاد العالم وزيادة الفقر) والسياسية (بسبب اتساع نفوذها وسيطرتها على العالم قلصت حريات الدول السياسية) والثقافية (لقيادة الولايات المتحدة لعملية العولمة مما تسبب في اندثار وتهديد ثقافات ولغات الشعوب الأخرى).
2- أنها السبب الرئيسي لكل شيء في العالم. فليست هناك مشكلة بين الدول لا تتدخل فيها أمريكا لأنها “الوحيدة” القادرة على حل المشاكل. وليست هناك اتفاقية دولية يمكن أن يكون لها قيمة دون توقيع الولايات المتحدة عليها.
3- ازدواجية المعايير. فكثيرا ما تدعي بأنها راعية العدالة المطلقة وأنها تشجع الديمقراطيات في العالم وأنها تسعى للحفاظ على حقوق الإنسان بينما تعمل بعكس ما تدعي.
4- احتفاظها لحق تعريف المصطلحات. فهي الوحيدة التي تعرف ما هي الديمقراطية وما هي العدالة وما هي الحرية وما هو الإرهاب ! فما تقول عنه بأنه إرهاب فعلى جميع دول العالم أن يصدقها. وما تقول عنه بأنه ليس من حقوق الإنسان فهي الوحيدة المحقة.
الآن وبعد كل ما سبق ذكره، هل يحق للأمريكان أن يسألوا … “ Why Do People Hate America ! ! ! “
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حراس الأقصى يحبطون ذبح “قربانًا تلموديًا” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حراس المسجد الأقصى المبارك، اليوم الاثنين، إدخال مستوطنين "قربانا حيا" إلى باحاته، عبر باب الغوانمة....

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...