الإثنين 12/مايو/2025

استحقاقات اتفاق مكة الأكثر وجوبا: نحو رئاسة تمثل فلسطين!

رشيد
لم يعد من المقبول بعد الآن ترك محمود عباس يغني على هواه وكأن اتفاقاً على الوحدة لم يوقع.

فمنذ انتخابه رئيسا للسلطة وعباس يتصرف في كثير من الأحيان كمحمود عباس الفرد الوفي لأهوائه؛ والوفي لتاريخه العريق في حب التفاوض وعشق المفاوضات من أجل المفاوضات كما فعل منذ مطلع سبعينيات القرن المنصرم. لذلك هو اندفع لمقابلة ايهود اولمرت والأمريكيين في أي مناسبة وفي أي وقت وفي أي مكان ودون شروط ولو بين يدي مذبحة فلسطينية اقترفها الصهاينة؛ ولو بين يدي مؤشرات تقطع كلها بأن لا أفق ولا فائدة من هذه الاجتماعات – حتى في عرف من يقبل بفكرة المفاوضات.

وفي أحيان أخرى كثيرة تصرف محمود كرئيس فتح التي ترى فلسطين تركة لها يحق لها التصرف فيها كيف تشاء؛ وعلى نحو تفاقم بعد فوز حماس في الانتخابات؛ حيث تصرف عباس كأنه وجسم فتح في واد وباقي فلسطين في واد! فقبل هذا الجسم الفتحاوي على نفسه أن يكون معفيا من تبعات الحصار؛ وقبل بعضه أن يخدم الحصار ويعين عليه؛ وكان أحسن قطاعات هذا الجسم طريقة هم المحايدون حيادا سلبيا؛ وكأن من حاصر حكومة فلسطين كان يحارب حماس دون فلسطين وكأن فتح لا تهمها الا فلسطين التي هي في جيبها ومكتوبة باسمها وحدها!

منذ ذلك الوقت كان موقف فتح مستهجنا وغريبا؛ ومن حينه كان من العار الوطني والأخلاقي على الرئاسة ومؤسستها وأجهزة الأمن الرئاسية والاعلام الرئاسي والتلفزيون والاذاعة والمدعي العام أن ينعموا بالاعفاء الأمريكي من الحصار؛ فيما حماس والحكومة وفلسطين تتعرض لأشد أنواع تضييق الخناق! قلنا إن ذلك عيب في حينه مرارا وتكرارا لكن أجواء البلبلة والتعمية سمحت لفتح بالتنصل من واجباتها أمام من اختلط عليهم الأمر! لكن؛ من يوم اتفاق مكة لا يمكن أن يعود هذا ممكنا!

على حماس والجناح الاسلامي في الحكومة وعلى الرئيس المكلف وضع رئيس السلطة الفلسطينية أمام مسؤولياته كلها؛ ويجب وضع الرئيس وجناحه من السلطة أمام استحقاقات تفرضها الوحدة؛ فيعني هذا أول ما يعني توحيد الذمة المالية للرئاسة مع السلطة ووزارة المالية كما ينبغي؛ فيشرح الرئيس بالكشوف والأرقام مصير الأموال التي حولت له؛ ويشرح مصير المائة مليون دولار التي حولها له الصهاينة كجزء من عائدات الضرائب المجمدة؛ ويشرح مصير الستة والثمانين مليونا التي حولت له من أمريكا لأغراض بناء حرسه الرئاسي؛ بل يشرح ما هي أغراض وأهداف وأجندات هذا الحرس الرئاسي ومصير الاعداد لادخال لواء بدر لفلسطين!

ويتبع ذلك وفي القريب العاجل وقبل حلول موعد لقاء عباس بأولمرت والآنسة “كوندي” هو مساءلته عن جدوى هذا اللقاء وأجندته؛ ومساءلته عما أعد لفك الحصار عن فلسطين ودعوة المجتمع الدولي لإنهاء الحصار بعد الاتفاق على الوحدة؛ ودفعه لعرض برنامج سياسي لفك الحصار ينهي حالة العبث في اللقاءات والاجتماعات دون جدوى؛ وينهي الفشل الذريع والمريع في مدرسة فتح للمفاوضات من أجل المفاوضات!

وأهم من هاتين القضيتين الإجرائيتين المترسبتين من مرحلة ما قبل الاتفاق هي القضايا الوطنية المصيرية الأكثر الحاحا وضغطا؛ وهي في هذه الأيام تتمثل في قضيتي المسجد الأقصى وقضية الأسرى…

فعلى الرئاسة ادراك أن الشعب الفلسطيني الذي ثار قاطبة من يمينه الى يساره من أجل الأقصى ونفذ أحد أكثر انتفاضاته اشتعالا فقط لتدنيس المسجد بزيارة شارون – وكفى بهذا دنسا – هذا الشعب لن يغفر بعد الآن لأحد – أيا كان هذا الأحد – التنصل من المسؤولية الشرعية والوطنية نحو المسجد؛ ولن يقبل أن يتم اللقاء مع هادمي المسجد وقتلة شعبنا عبثا ودون حرص على وضع الأولويات الفلسطينية على رأس الأجندة السياسية للرئاسة والحكومة على السواء.

وفيما يخص الأسرى فان من الواجب على الجناح الفتحاوي في الحكم الكف عن الحديث عن شاليط وملفه على أنه أزمة في عينها؛ ويجب – لو كانوا يفقهون في شأن المفاوضات وأوراق الضغط وكسب المعارك السياسية – أن ينظروا لشاليط وملفه على أنه ورقة ضغط رابحة لإجبار الصهاينة على الرضوخ لمقتضيات الملف العادل لأكثر من أحد عشر ألفا من أسرانا البواسل المختطفين نساء وأطفالا وجالا من منازلهم وبيوتهم في الأرض المحتلة.

فالدفع نحو توطين الرئاسة وتوطين العمل السياسي الرسمي الفلسطيني هو النتيجة الأهم للوحدة؛ وهو النتيجة الأهم التي ان تحققت فانها ستطبع هذا الاتفاق بسيماء الخير الحقيقي؛ وتخرج الآمال التي علقت عليه من دائرة الوهم والفرح المجاني الساذج الى دائرة الفعل المؤثر؛ وأي نكوص من الرئاسة وجناحها عن تحقيق ذلك سيكون خيانة لفلسطين وللجمهور الفلسطيني!

ويبقى أملنا معلقا في الجناح الاسلامي في الحكم في أنه لن يقبل الا أن يدفع بكل ما أوتي من قوة نحو منع العابثين من الغدر بآمال الفلسطينيين؛ ونحو تحويل العمل السياسي الرسمي الفلسطيني الموحد الى عمل وطني مخلص وشريف؛ ولأول مرة في التاريخ السياسي الرسمي العربي المعاصر!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات