الأحد 07/يوليو/2024

فصارحني بلا خجل…لأية أمة تنسب؟؟

فصارحني بلا خجل…لأية أمة تنسب؟؟
في العام 1969 وقع الحدث الأكبر في المؤامرة التي تحاك ضد المسجد الأقصى المبارك، شاب يهودي يقتحم المسجد الأقصى ويشعل النار فيه. في ذاك الوقت قالت غولدا مائير، رئيسة وزراء الكيان الصهيوني في حينها، أنها قضت الليل تنتظر ردة فعل العرب والمسلمين على ما حدث، وعندما استيقظت صباحا ولم تر الدبابات تعبر نهر الأردن، علمت أن العرب والمسلمين لن يحركوا ساكنا إزاء ما حدث.

كانت رئيسة وزراء الاحتلال تخشى من ردة فعل غاضبة لا تكتفي بالتنديد والشجب والاستنكار، ومطالبة الاحتلال بكف عن انتهاك حرمة المسجد الأقصى، ومطالبة الأمم المتحدة بوقف اعتداءات الاحتلال، بل كانت تخشى من هجوم عسكري ينهي وجود الدولة العبرية إلى الأبد، لكن ذلك لم يحدث، فكان إشارة واضحة للاحتلال بأن المسجد الأقصى لم يعد رقما صعبا في قضية زعماء الأمة العربية والإسلامية، وأن أي انتهاك يمكن أن يمرر بشجب واستنكار.

قبل أسبوع تقريبا كانت خطبة الجمعة الأولى على منبر صلاح الدين بعد عودته إلى المسجد الأقصى المبارك، بعد إصلاح وترميم في المملكة الأردنية الهاشمية. ولم يستطع الكثيرون التعبير عن فرحتهم بعودة هذا الصرح العظيم الذي يمثل ثورة في تاريخ فلسطين، ورمزا للقائد المسلم المجاهد الذي يعرف كيف يرد على الاعتداءات على المسجد الأقصى. فصلاح الدين لم يبتسم والأقصى في أيدي الصليبيين، وظل يعد العدة حتى حرر المسجد وأعاد له طهره وقداسته.
الفرحة التي صاحبت عودة المنبر لم تدم طويلا، فمشهد الجرافات الصهيونية وهي تهدم اليوم أجزاء من باب المغاربة المؤدي للمسجد الأقصى، حرك كل مشاعر الغضب والسخط من أنظمة لم تعد تعطي القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية فيها أي اعتبار. ولم تلق نداءات علماء الدين في فلسطين بالخطر الذي يتهدد المسجد الأقصى أي آذان صاغية، بل اعتبر الأمر عاديا وكأن شيئا لم يكن.
حريق المسجد الأقصى كان البداية في سلسلة الاعتداءات، لم يكن سوى عملية جس نبض لردود أفعال زعماء الأمة العربية والإسلامية وشعوبها إزاء إحدى أقدس بقاع الأرض لدى المسلمين. فبعد ذلك استمرت المجازر التي ارتكبت في ساحات المسجد الأقصى، وتواصلت الحفريات تحته، ما صدّع أسواره وأضعف مبانيه، وأصبح مهددا بالانهيار في ظل منع عمليات الإعمار فيه.

وكان العام 96 محطة هامة أخرى في قضية المسجد الأقصى حين حفر الصهاينة النفق تحته، وهبّ الفلسطينيون للدفاع عنه، ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى، واكتفى العرب مرة أخرى بالتنديد، ولم تكن المجازر المرتكبة تستحق منهم حتى عقد جلسة لمناقشة التهديدات المحدقة بالمسجد الأقصى.
ثم جاءت زيارة أرئيل شارون، رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق، للمسجد في أواخر العام 2000 لتفجر انتفاضة جديدة في الشارع الفلسطيني، أوقعت آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين، وارتكبت بحق الشعب الفلسطيني أبشع المجازر وعمليات القتل، في ظل استمرار الصمت العربي والإسلامي على ما يحدث في ساحات المسجد الأقصى.

ومرة أخرى تعود سلطات الاحتلال لممارسة عمليات التهويد بحق المدينة المقدسة، من خلال توسيع المستوطنات المحيطة بالمدينة وبناء الجدار الفاصل حولها، والاعتداءات المتكررة على المقابر الإسلامية في القدس، وعلى الآثار الإسلامية فيها. إلى أن وصلت الاعتداءات اليوم إلى البدء بأعمال هدم لأجزاء من أسوار المسجد، بحجة ترميم منطقة أثرية قريبة منه، ويدّعي الاحتلال بأن ذلك لن يؤثر على المسجد.

والصور التي عرضت اليوم أظهرت انهيار أجزاء من طريق باب المغاربة بفعل حفريات نفذت من قبل، وهذا يظهر حجم الخطر الذي يحدق بالمسجد الأقصى، مع استمرار أعمال الهدم والسعي إلى إعادة بناء ما يسمى بالهيكل المزعوم على أنقاض المسجد بعد تنفيذ خطة هدمه.
والغريب أن زعماء العرب والمسلمين في هذا اليوم، وأثناء متابعتهم لجرافات الاحتلال على بعد أمتار من المسجد تهدم أجزاء تابعة له، لم يجرؤ أحدهم على إرسال برقية تهديد للاحتلال يطالبه بالكف عن استهداف المسجد ذو القدسية، ولم تأخذ أحدا النخوة بالتلويح باستخدام أي إجراءات من شأنها أن تظهر للاحتلال بأن هناك من لا زال يعطي المسجد الأقصى ولو أدنى اهتمام.

فإذا كانت المجازر التي ارتكبت بحق المصلين في ساحات المسجد الأقصى، وأعمال الحفريات التي تتواصل أسفله، وتوسيع المستوطنات المحيطة بالمدينة المقدسة، وبناء الجدار الفاصل وعزل المدينة عن باقي مدن فلسطين، والاعتداءات على المقابر الإسلامية في المدينة المقدسة، إن كل ذلك لا يحرك مشاعر المسلمين ولا يشعرهم بحجم الخطر المحدق بمسرى الرسول-صلى الله عليه وسلم- فما الذي يمكن أن يحرك هذه المشاعر ويوقظها من غفوتها قبل فوات الأوان؟.

الدعم المادي والاعتناء بالمسجد الأقصى والمدينة المقدسة أمر ضروري ولا بد منه، إلا أن التلويح باستخدام القوة في حال المساس بالمسجد أو أي جزء منه هو ما يشعر الاحتلال بأهمية هذا المكان لدى المسلمين، ويحميه من الاعتداءات المتواصلة، وإلا ما فائدة الحديث عن أهمية المسجد الأقصى ومكانته لدى المسلمين إن لم يكن لديهم الاستعداد للدفاع عنه؟، وإن لم تتحرك أمة الإسلام للدفاع عنه فمن يحميه إذن؟ وإن لم نكن على قدر مسؤولية حماية المقدسات الإسلامية، فما معنى انتمائنا لأمة الإسلام إذن؟.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات