الثلاثاء 13/مايو/2025

حول سياسة الحسم على الأرض

إبراهيم غوشة
في لقاء الخرطوم مستهل عام 1993 جرى حوار بين فتح وحماس، وجرى نقاش ساخن في اليوم الأخير عندها توجه أبو علي شاهين عضو وفد فتح إلى عرفات قائلاً “هؤلاء أي حماس لا يفهمون إلا الحسم على الأرض”، وكان ضمن الوفد الفتحاوي محمد دحلان الذي لم ينطق بكلمة واحدة طيلة فترة الحوار·

وكانت فتح قد حاولت تصفية حماس في تموز 1992 وقبل أوسلو بعام واحد ولكنها فشلت مع أنها كانت أكثر عدداً وأحسن تسليحاً وعندها صمت رئيس فتح وجرى تعتيم على ما يجري في قطاع غزة ولمدة ثلاثة أيام، وبعدها طلبت فتح التهدئة والصلح! وفي الأيام الأخيرة من شهر كانون الثاني 2007 أعاد التاريخ نفسه!

عباس يلتقي مشعل يوم الأحد 21/1/2007 وبعد يومين تلتقي لجنة الحوار في غزة يومي الثلاثاء والأربعاء وفي هذا اليوم الأخير يتم إطلاق النار على سيارة للقوة التنفيذية فيجرح أربعة من ركابها وفي يوم الخميس يتم تفجير عبوة كبيرة تفجر سيارة للقوة التنفيذية في جباليا ويستشهد عنصران من القوة ويجرح سبعة آخرون·

وفي يوم الجمعة تهاجم مجموعة من الأمن الوقائي مسجد الهداية في تل الهوا في مدينة غزة بعد صلاة المغرب فيستشهد أربعة من المصلين بينهم الإمام الشيخ زهير منسي وبعدها يندلع الاقتتال حتى يوم الثلاثاء حينما توقف بتدخل المبادرة المصرية·

أما عباس رئيس السلطة فقد كان يتنقل من دافوس إلى مدريد إلى أديس أبابا إلى القاهرة متجاهلاً الدعوات الكثيرة لعودته، وهو الذي يملك الصلاحيات الأساسية الأمنية والسياسية والمالية بعد أن استلم 251 مليون دولار منها 100 مليون من صديقه اولمرت وبعد أن وعد الأمريكان بدعمه بـ 86 مليون دولار لتسليح قواته بأسلحة جديدة لتصفية حركة حماس وخاصة القوة التنفيذية التي أهدر دماء أفرادها بعد أن كرر مراراً وتكراراً بأنها غير شرعية ورفع الغطاء عنها·
والسؤال : هل يُعقل لرئيس مسؤول أن يتجاهل الاقتتال الدموي بين عناصر شعبه ويستمر في تجواله في الخارج لولا أن في الأمر سراً؟؟

نعم·· إن المنطق والعقل يقول بأن الهجمة الشرسة على حماس والتي دفعت فيها قوات الأمن الوطني والوقائي والمخابرات والحرس الرئاسي والقوة 17 وغيرها كانت بأمر من عباس نفسه وتحت إشراف دحلان الذي اختفى عن الأنظار ولم يرافق رئيس السلطة ليقوم بالحسم على الأرض كما دعا لذلك الأب المعلم لدحلان قبل 14 عاماً!

ومن هنا فإن القول بأن هناك تياراً انقلابياً داخل فتح يقوم باستهداف المقاومين الحقيقيين من حماس هو قول غير دقيق لأن عباس يريد ترتيب أوراقه بتحجيم حماس وبتعليمات مباشرة منه ليمهد الطريق للقائين هامين: الأول لقاء اللجنة الرباعية، والثاني اللقاء الثلاثي مع بوش واولمرت وعباس وذلك في خلال هذا الشهر، وهو يأتي منسجماً ومتناغماً مع دعوة وزيرة الخارجية الأمريكية رايس ووزيرة الخارجية الصهيونية ليفني بضرورة خنق حماس وإسقاط حكومة هنية قبل أية مفاوضات قادمة·

ومما يحزّ في النفس أن البعض وخاصة من المحبين للمقاومة يتعجلون بإلقاء اللوم على المعتدي والمعُتدى عليه علماً بأن المعتدي يملك الإعلام الخاص به من فضائيات وإذاعات وصحف وقد اخترق بعض وكالات الأنباء وأرعب بعض الفضائيات الخارجية التي عددٌ من موظفيها في الداخل هم من منتسبي حركة فتح·

والأمر الآخر الذي يجري التعتيم عليه هو مئات الاعتداءات بإطلاق الرصاص والحريق والخطف والضرب بالهراوات من قبل الأجهزة الأمنية ومسلحي فتح في الضفة الغربية ضد أفراد حركة حماس العزل وتوجيه الإهانات لهم يومياً في نابلس وطولكرم وجنين وقلقيلية ورام الله وبيت لحم وغيرها، بعد أن ظن شباب حماس بالضفة بأن عهد الديموقراطية والتشريعي والوزارة قد هلّ عليهم، وان القانون سيحميهم ! مما يتطلب إعادة النظر بأقصى سرعة وترك شباب حماس أبناء الأبطال من الشهداء والمعتقلين يحيى عياش وأبو هنود والسركجي وعبدالله البرغوثي ووائل قاسم وعبدالله القواسمي وغيرهم من أن يمارسوا الحق الشرعي في الدفاع عن أنفسهم أمام الزعران والعملاء.

 
* عضو المكتب السياسي لحركة حماس

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات