عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

الأقصى.. إشراقة النصر.. ووعد الله الصادق

ميسون الرمحي

لك الأرواح والمهج تهدى وبالدماء والشرايين تسرج أيها المسجد المبارك الطاهر ، يا من داست ثراك أقدام خير البشر وسيد الخلق أجمعين ، يا من ذكرت بآيات محكمات وأحاديث من لا ينطق عن الهوى ، اختارك الله لتكون لعبده المسرى ومن أعتابك تفتح أبواب السماء فكنت طريق المعراج للقاء لم يحظى به إلى النبي العربي الكريم برب العرش العظيم ، عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ، من أجلك سالت دماء زكية طاهرة وكنت دافعا ومحركا لغضبة للحق في أكثر من مرة على مدار التاريخ القديم والحديث .

منذ أن وطئت أقدام الصهاينة المستجلبين الأرض وحين دنست ليس بأقدامهم فحسب بل بأنفاسهم الغريبة وترانيمهم الحاقدة وأنت تشكل لهم هدفا إستراتيجيا ومحطة تاريخية عقائدية لا يمكن التنازل عنها بحال من الأحوال .

فمن خلال دراسة لأسس بناء الحركة الصهيونية واستراتيجية إنشاء الكيان الصهيوني نجد أنها تقوم على ثلاث مرتكزات رئيسة : أولها إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وثانيها : أن تكون القدس عاصمة هذا الكيان وثالثها : بناء الهيكل الثالث مكان المسجد الأقصى وهو ما يعرف بعقيدتهم “جبل المعبد ” والذي بناه نبي الله سليمان عليه السلام . لخص ذلك بن جوريون أول رئيس وزراء لهذا الكيان حين قال ” لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون الهيكل ” .

هذه القواعد الثلاث تشكل المنطلق الإستراتيجي لإقامة الكيان الصهيوني يستند في ذلك إلى عقيدة تلمودية محرفة ومزورة لعودة المخلص ” المسيح الدجال ” وحدوث المعركة الكبرى في سهل مجدو جنوب شرق حيفا تبعد حوالي (20) ميلا عنها وهي ما تعرف بالهرمجدون والذي استطاعت الحركة الصهيونية أن تحشد  التأييد العالمي له من خلال المنظمات المسيحية الصهيونية والتي تتبنى العقيدة التوراتية (Old testement)كأساس والإنجيل كتابع (New testement) والتي تتحكم في القرار السياسي الأمريكي وتشكل المناخ التربوي والحاضنة والدفيئة التي أسست لفكر وأيديولوجية عدد لا بأس به من رؤساء أمريكا على مر الزمان وكذلك شريحة لا يستهان بها من الشعب الأمريكي ولعل المحافظين الجدد هم نتاج لهذه العقيدة المضللة وقرارهم بالحرب على العراق مرتبط إلى حد ما بهذه العقيدة الضآلة .

وحيث أن الكيان الصهيوني أسس بناءً على رؤية عقدية وقرارات ساسته تنبثق من خلال هذه الرؤية فلا بد من أن يهدم الأقصى ولقد شكل لهم هذا الأمر الهم الأكبر منذ سقوط القدس بأيديهم عام 1967 ضمن إستراتيجية منظمة وممنهجة حيث تم مباشرة إزالة حي المغاربة في خطوة تسارع الزمن ومن ثم تم تحويل حائط البراق إلى ما يدعى حائط المبكى ضمن خطط كفيلة بتحويل القدس إلى الصبغة اليهودية ، وانصب اهتمام الحكومة الإسرائيلية آنذاك على (خلق واقع جديد للمدينة المقدسة )كما أسماها موشية ديان رئيس أركان جيش العدو حينها والذي رفض أن يدخل القدس بعد انتصارهم إلا وراء الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي ( شلومو غورين ) حيث أدى الجميع الصلوات عند حائط البراق وسط هتافات مدوية ” بالثارات خيبر  يوم بيوم ” وقال ديان يومها “اليوم فتحت الطريق إلى بابل ويثرب ” .

وقد تعددت السيناريوهات لهدم الأقصى سواء بالحفريات تحته أو إحراقه أو وضع المواد المتفجرة في أماكن مختلفة من جنباته أو إقامة كنيس تحته وشق الإنفاق والطرق أو قصفه بالطائرات وقد تم تدريب ابن باروخ جولدشتاين للقيام بهذه المهمة ذلك المجرم الذي قام بمجزرة المسجد الإبراهيمي في الخليل بتاريخ 25 رمضان لعام 1415هـ وسقط نتيجة ذلك عشرات الشهداء والجرحى . كما أن الدراسات الجيولوجية تؤكد على حدوث زلازل خلال فترة وجيزة وقد يتم الترتيب لذلك بعد الترويج الإعلامي من خلال تفجيرات نووية وإسرائيل تملك سلاحا نوويا وذلك لا يخفى على أحد وفي هذه الحالة فالتدمير حاصل لا محالة ضمن ناموس كوني وتصفع وتقاتل إسرائيل بعبارات الشجب والاستنكار والإدانة والتي ستنطلق من هنا وهناك ثم تتلاشى . وبعدها يصبح من المؤكد بناء الهيكل الثالث مكان المسجد الأقصى المبارك .

وبالرغم من كل ما ذكرت وبكل الألم والحسرة التي تعتصر وتدمي قلوبنا ولقلة الحيلة وضعف القوة وهواننا على الناس قد يهدم الأقصى ولكن حينها ستكون بشارة حتمية لزوال الكيان الصهيوني والنصر للطائفة المنصورة المرابطة .

 فمن خلال إعمال للفكر في الآيات القرآنية يبدو جلينا أن معارك حسم الصراع قريبة والمعيار لذلك لا يقاس بعمر الأفراد وإنما بعمر الأمم ” لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من ورآء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ” ولقد حصنت المستوطنات وبنيت الجدر وزودت بكل ما تفتق عنه العقل البشري من وسائل للحماية والردع وتوفير الأمن .

قول الحق في سورة بني إسرائيل “الإسراء ” “وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ”

” فإذا جاء وعد الآخرة ليسيئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا” فالبشرى بهزيمتهم ودحرهم واضحة جلية في كلتا الحالتين من الإفساد والتدمير .

تنامي المد الإسلامي وزيادة التأييد للمشروع الإسلامي الوحدوي النهضوي التحرري في العالم العربي والإسلامي حيث أن هدم المسجد الأقصى سيزيل الغبش واللبس عن أعين وقلوب الكثير من أصحاب المشاريع الوطنية والقومية من المسلمين وغيرهم والتي تصنف الصراع العربي الإسرائيلي بعيدا عن بعده العقدي والذي يشكل الأقصى لب أحداثه وتبعاته .

بداية تراجع المشروع الصهيو _ أمريكي عالميا وإقليميا وليس بعيدا عنا ما يحدث في أمريكا اللاتينية من فوز كاسح لمعارضي السياسة الأمريكية ، دراسة أروبية حول أكثر الدول تهديدا للسلام والأمن العالمي والتي أجريت عام 2005 فحازت أمريكا وإسرائيل على ما نسبته 60% ممن استطلعت أراؤهم من الأوربيين ، الهزيمة النكراء التي لحقت بالجيش الأسطوري والسوبر الأمريكي في العراق والذي فاق عدد قتلاه حسب الإحصائيات الأمريكية 3100 قتيل ، وخسارة الجمهوريين ” فريق بوش ” في كل من مجلسي الشيوخ والكونغرس لصالح الديمقراطيين والذين استخدموا التورط الأمريكي في مستنقع العراق لهزيمة نظرائهم ،  هزيمة إسرائيل أمام مشروع المقاومة والمتمثل في حزب الله في الجنوب اللبناني وحركة حماس والفصائل المقاومة الأخرى في فلسطين ،و هزيمة ادعاءات الديمقراطية الأمريكية أمام الفوز الكاسح لحركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية والكيفية التي تعاطت بها أمريكا مع هذه النتائج والتي أثبتت أمركة الديمقراطية وعولمتها .

ختاما فإن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بوابة السماء مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه أرض المنشر والمحشر يستصرخ كل الضمائر الحية والشرفاء أصحاب القلوب النابضة بحب الأرض وشذا البرتقال وعبق الزيتون وبركته ، يستنهض غضبة عمرية وهمة وعزيمة أيوبية في الأمة التي لم ولن تعجز أرحام نسائها أبدا فأنا على يقين أنها قاب قوسين أو أدنى .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات