الثلاثاء 13/مايو/2025

سيف التتار أم دم الأحرار؟

د. صلاح البردويل
يعتبر الأمريكان مما حدث للتتار بعدما أحدثوا في بغداد!!، التتار أحرقوا معاهد العلم وقتلوا العلماء، وأشاعوا الفاحشة والفجور في بغداد الرشيد، وبعد مئات السنين جاء الأمريكان فأعادوا الكرة مرة أخرى ، فاستهدفوا المساجد ودمروها، وقتلوا المصلين واغتالوا علماء الدين من حفظة القرآن الكريم ولاحقوا أساتذة الجامعات والعلماء فقتلوهم وأخفوهم عن وجه الأرض، ودمروا الجامعات!!.
 
ترى ما هي العلاقة ما بين همجية التتار وهمجية الأمريكان ؟! إنها علاقة الجهل والحقد على الحضارة البشرية ، والرغبة في تدمير الإسلام ، هؤلاء جاءوا من أقصى شرق العالم ليدمروا حضارة الإسلام ، وهؤلاء جاءوا من أقصى غرب العالم ليصنعوا نفس الصنيع ، وهكذا فعل الصليبيون عندما اجتاحوا بلاد فلسطين، فقتلوا آلاف العلماء والمصلين ، ودنسوا حرمة المساجد والمصاحف، ومنعوا الأذان في المساجد ، وجعلوا من المسجد الأقصى اصطبلا لخيولهم ، ولم يحركهم إلا الجهل بحقيقة الإسلام والحقد على طهارة المسلمين وحضارتهم ..
 
وتمر عشرات السنين ليكتشف العالم زيف دوافع التتار، حيث لم تجدهم قوتهم ولا سيوفهم أمام عقيدة الأحرار وثقافتهم، ودماء المجاهدين المخلصين، لقد سقطت جيوش جنكيزخان وانهارت قوى هولاكو ، واستسلمت سيوف تيمورلنك أمام سطوع ثقافة المؤمنين الأحرار الذين ثبتوا على العقيدة ودافعوا عن الحق بكل ما أوتوا من صلابة وإيمان.
 
لكن الأمر مع الأمريكان لم يحتج إلى عشرات السنين بل إلى بضع سنين فقط لتنهار أكاذيبهم أمام دماء العراقيين من المجاهدين الأطهار ، والعلماء الأبرار ، والذين رووا بدمائهم تراب الرافدين ، وأناروا بجهادهم وثباتهم أفق الأمة العربية ليفهم أبناؤها أن دم الأحرار لا يمكن أن ينهزم أمام همجية الفجار.
 
وهكذا فعل صلاح الدين ، وهكذا فعل قادة المماليك عندما وضعوا حدا لأكثر من قرن من الزمان مارس فيه الصليبيون كل ألوان الهمجية والعدوان على الإسلام والمسلمين في عقر بلادنا المقدسة.
 
واليوم وخلال الأيام الماضية يدرك القارئ للتاريخ وجه الشبه بين ما مارسه التتار وما مارسه الصليبيون وما مارسه الأمريكان والصهاينة وما مارسه الانقلابيون وما يسمى بأمن الرئاسة التابع للرئيس عباس!!.
 
سلسلة من جرائم التتار والصليبيين ترتكب، وبنفس الأسلوب ، ولنفس الأهداف: اقتحام المساجد وقتل من فيها من المصلين أو جرحهم، مسجد فلسطين .. مسجد الهداية .. مسجد رام اله .. مسجد النور .. مسجد عمار بن ياسر .. مسجد المتقين .. مسجد الشهيد إسماعيل أبو شنب .. ودار تحفيظ القرآن الكريم بالخليل .. مؤسسات الأتيام … إلخ .
ثم تأملوا يا أبناء شعب فلسطين الأبرار عمليات تصفية العلماء وحفظة القرآن الكريم التي نفذها في الأيام القريبة الانقلابيون وإرهاب الرئاسة : اغتيال العالم الرباني الدكتور حسين أبو عجوة، اغتيال الإمام حافظ القرآن المهندس زهير المنسي، وهو صائم وقائم في محراب الهداية يقرأ القرآن ، ومعه ثلاثة آخرون من قراء القرآن .. اغتيال الشيخ الإمام حافظ القرآن الأستاذ حسين الشوباصي إمام مسجد النور .. اغتيال المجاهد الحافظ للقرآن أيمن النجار وهو يدافع عن مسجد الشهيد إسماعيل أبو شنب ، واغتيال الشيخ المصلي ماجد درابيه وهو عائد من صلاة العشاء ، واغتيال رجل الإصلاح المجاهد أبو رائد الديري ، واختطاف عميد كلية الشريعة بجامعة النجاح بنابلس الدكتور خضر سوندك وإطلاق النار بدم بارد على كل من الدكتور سمير الأخرس وإصابته بجراح خطيرة وهو صائم يوم عاشوراء، وعائد من عمله ، وإطلاق النار على الدكتور خليل حمد وهو عائد إلى بيته ، فقط لأنه طبيب ملتح وحافظ للقرآن !!. إلخ.
 
والقائمة طويلة .. والجرائم واحدة .. ولكن الذي كشف حقيقة العلاقة التترية الرئاسية في غزة هو الهجوم التتري البشع على الجامعة الإسلامية بغزة ، وتدميرها ، وإحراق معالمها الحضارية ، ولا سيما مكتبتها العامرة بعشرات آلاف الكتب !!، ولو كان بجانب الجامعة نهر كنهر دجلة لشهد التاريخ بتحول لون مائه إلى السواد كما حدث لنهر دجلة عندما اختلط به رماد الكتب التي أحرقها التتار فاسود ماؤه حدادا على سقوط الحضارة وانقلاب الموازين!!!
 
هذه هي الجامعة الإسلامية التي تخرج منها الأبطال والشهداء والعلماء ، وحفظة القرآن الكريم ، والأئمة ، هذه هي الجامعة التي ظلت شوكة في حلق الاحتلال ، وذيوله من قوات الإرهاب الرئاسية والانقلابية ، لكن الفرق بين الاحتلال وبينهم أن الاحتلال لم يجرؤ على فعل ما فعلوا من حرق وتدمير ونهب لمحتويات الجامعة وطمس لمعالمها الحضارية.
 
ترى هل يستطيع الشعب الفلسطيني أن يفهم بعد ذلك الدوافع؟! إن القضية لا علاقة لها بالسياسة أو البرامج السياسية ، إنها عملية تواصل بين أسياد الإرهاب والحقد على الحضارة وبين أحفادهم وذيولهم من الانقلابيين وإرهاب الرئاسة ، ولكن من الذي سينتصر في هذا الصراع أخيرا دم الأحرار أم سيف التتار؟
لاشك أن المنتصر أخيراً هو دم الأحرار

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات