الثلاثاء 13/مايو/2025

رسالة محبة وتهدئة وصفاء

أبو سمرة المقدسي

رسالة محبة وتهدئة وصفاء إلى ثلاثة دوائر فلسطينية عربية إسلامية حول العالم،

إلى عموم أبناء الشعب الفلسطيني الذين يحملون السلاح لمقاومة العدو فقط ،

إلى عموم أبناء الشعب الذين يحملون القلم سلاحا ، وإلى الذين يتخذون العلم والدين والضمير سبيلا لكسر الحصار الظالم وإزالة الإحتلال بكل الوسائل الشريفة .

إليهم جميعا في كافة أرجاء فلسطين وهم المعنيون بداية في تفعيل هذه الرسالة معنى ومضمونا بلا استثناء أوجه رسالتي الأولى الأساسية وعنوانها التهدئة والسكينة والعقلانية. كما أوجه رسالة فرعية إلى القلة القليلة من الذين يسميهم الشعب بالمنحرفين والعملاء رسالة دعاء عل الله يهديهم ويتوبوا ويعودوا عن الغي والإنحراف.

وفي رسالتي الأولى الأساسية المتعلقة بالتهدئة والسكينة والعقلانية أقول:

يا إخوتي يا أبناء شعبي ، على ماذا نختلف فكرا وقولا ثم يا للأسف فقد شمل الإختلاف صليل السيوف وأزيز الرصاص وترويع الأطفال وقتل الأبرياء ، نعم على ماذا كل هذا ؟ هل سوينا الخلاف مع العدو لنبدأ بأنفسنا ؟ هل طهرنا الوطن من المحتل وتحررنا ؟ هل لنا من مكسب أي مكسب من الإقتتال الداخلي ؟ أم هو الخسارة بكل ما في الكلمة من معنى ، وهي الخيبة والعار والشنار ، فعلى ماذا هذا ؟ ألا نستحي من أنفسنا ؟  ألا نستحي من أبنائنا وأمهاتنا؟ ألا نستحي من وجه الله سبحانه وتعالى ؟

أتذكر الآن ماذا يعني الحياء والاستحياء في ذاكرتي التي ستأكلها ديدان القبر، وأقسم بالله أن هذا واقع وليس خيال قلمي ، كان ذلك يوم سقط الأقصى في يد العدو ويومها كنت بطولي وعرضي وجسمي من حاملي السلاح ، من المقاتلين لحماية الأقصى وما يمثله في أنفسنا من صفاء وعزة وإيمان وكنت يومها شاباً في العشرينات من عمري ، سمعت المذياع يقول كلاما عن اقتحام العدو لأسوار القدس ، فبكيت بكاء فيه غصة أغلقت حلقي الذي انقبض ، وأنزلت دمعي ، فمسحتها وأمرت من معي  من المقاتلين بالجلوس والتوقف عن التراجع نحو بر الأمان ، البر الذي لا يقع الأقصى  في منطقته بل سيصبح خارج حدوده . أمرتهم بالمبيت في تلك النقطة المشرفة التي لو غادرناها لأصبحنا بعدها مفصولين عمليا عن الأقصى بحدود مصطنعة ، ولكن الأقصى سيبقى منغرسا في صدورنا ولن ينفصل عنها مهما طال الزمن .

أمضيت ليلتي يا إخوتي مفترشا الأرض وعيوني تنظر في السماء وصوت ضميري في جوفي يئز كأزيز المرجل أو صوت الرعد يأتي من بعيد . نعم يا إخوتي نمت ولم أنم  وبقيت عيوني مسمرة في عمق السماء ، أحاكي ضميري الذي بدأ يحاسبني ، كيف لك أن تخرج وتترك الأقصى وراءك ؟ كيف لك تترك الأقصى تدنسه أقدام صهيون ؟ فصرخت مجيبا ضميري في الثالثة مناجيا للخالق البارئ ، يا رب اغفر لنا خطيئتنا وقلة حيلتنا في عجزنا في الدفاع عن الأقصى ، يا رب وأنت تعلم أن أمر الدفاع عن الأقصى وبيت المقدس وأكناف بيت المقدس هو بيد قادة وحكام قصروا في الدفاع وأعطوا الأولوية لكراسي الحكم التي ينعموا من فوقها بالجاه والسلطان ، أما نحن فلا حيلة لنا ولا طاقة وقد غلبتنا قدرة العدو وسلاحه ولا تناظر لما يحمله العدو من السلاح ولما أحمل ومن معي.

ثم يا ربي العزيز الجبار القادر القهار ، أتوسل إليك أن لا تغيب شمس هذا اليوم ( التاسع من حزيران عام 1967) ” إلا وقد أقمت القيامة ” يا رب إنن أدعوك من ضيق فاستجب لي ، يا رب أنت أعلم بالمقصرين عن الدفاع والاستعداد للدفاع عن الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين فحاسب كل مقصر على تقصيره .  أما أنا العبد الفقير لله ففي حينها كنت أدعو الله بتوسل وقصدي من الدعاء لحظتها الحياء والخجل من ضميري ومن مواجهة أقراني في صبيحة الغد ، وأهم منه كان شعوري بسواد الوجه فكيف سأقابل والدتي – وكانت عائشة رحمها الله تعالى وأسكنها وجميع موتى المسلمين الجنة – كيف سأقابل والدتي وابني الصغير وماذا سأقول لهم! لقد عدت سالما وأي سلامة ، ليتني نلت الشهداة حينها، لقد أبقيت الأقصى ورائي يئن تحت أقدام المحتلين ! سادتي أقسم لكم بالله أن ما رويت هو جزء يسير من الحقيقة التي لا مجال للإسهاب فيها ولم يكن مقصدي أن أرويه هنا ، ولكن عاطفة جياشة من وحي واقعنا الحالي المرير ساقته في غير إرادتي.

أتوسل إليكم أهلي بأن تضعوا السلاح جانبا وأن تدفنوا الجراح بلا ضغينة ، وأن نتصافى ونتحاور ونتعاون على مهمة واحدة شريفة وليس أشرف منها شيء ، أن ننصهر ونتوحد ونتآخى ونتعاهد على عدم الإقتتال أبدا أبدا ، وأن نوحد سلاحنا ونوجهه فقط لعدونا الصهيوني وهدفنا التحرير ليس سواه . إن هذا التآخي ممكن لو أخلصنا النوايا ، فما على كل منا إلا أن يعد للعشرة قبل الرد على نظيره وأن يسبق الرد بابتسامة في وجه أخيه وأن يدعو الله له الهداية .

لن أنسى رسالتي الثانية التي وعدت بتوجيهها للفئة الضالة القليلة وهم أفراد قصيرو النظر أطغاهم الشيطان وجندهم العدو ليخدموا مآربه ، يثيرون الفتنة هنا وهناك كلما هدأت الساحة ، أثاروا حادثة إطلاق نار أو قتل نفس بريئة ثم يتسللون بعيدا في الظلام . ما علينا نحن كمواطنين شرفاء إلا أن ندقق النظر ونعرف المجرم العميل مثير الفتنة ونبلغ عنه وعن إسمه كاملا وشهود العيان ومكان تواجد كل منهم وقت الحادثة (بأن يصبح كل مواطن خفيراً وحارس أمين) فإذا بلغنا أدلينا بالتفاصيل تحت القسم ليصدق الإتهام ولا يكون تنفيذا لانتقام لمآرب شخصية وأن الجهات الأمنية تخاف الله وتقوم بواجبها وتفتش عن الجاني العميل وتقدمه لعدالة المحكمة وعلينا ان نتجنب الرد على النار الخبيثة بالمثل إذ أن هذا مقصد العدو والعملاء أن يشعلوها بعدما هدأت أو تكاد تهدأ ، قاتلهم الله وأبعد شعبنا عن نار الفتنة.  

ورد في صحيح البخاري : 4622 – قال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( كنا في غزاة – قال سفيان مرة: في جيش – فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما بال دعوى جاهلية). قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: (دعوها فإنها منتنة). فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال: فعلوها، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عمر فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعه، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه). وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة، ثم إن المهاجرين كثروا بعد ذلك.

اللهم اشهد فإنني بلغت ، اللهم وألهم كل من قرأ هذا المقال أن يجند نفسه لمخاطبة من حوله بروح التآخي والموعظة الحسنة . اللهم وأسبغ عليهم ثوبا من المحبة والتوادد وأن تلهمهم الصبر وقول الحق وأن تبعدهم عن الباطل والشر والأشرار ، وأن تعينهم على تخطي هذه المحنة ، فلا حول ولا قوة إلا بيدك أنت التواب الرحيم فتب علينا جميعا ، اللهم واحلل عقدة من لسان كل منا لقول الحق والصدق وفعل الخير ، اللهم آمين آمين

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات