الثلاثاء 13/مايو/2025

إعادة بناء أجهزة الأمن الفلسطيني ضمانة لاستمرار وقف إطلاق النار

أبو سمرة المقدسي
نسمع هذه الأيام مواضيع تتعلق بالأمن الوطني الفلسطيني وما الاشتباكات الأخيرة إلا سبب ريس لهذا المقال من أجل ضمان حدوث وقف إطلاق النار قابل لأن يدوم. هذا وقد كتب يوم ( الثاني من شباط 2007 )  د. جمال نزال مقالا في الصحيفة الإلكترونية قدس برس بعنوان ( لماذا تدمر إسرائيل أجهزة الأمن وتعارض حماس إعادة بنائها؟) وهو مقال خادع يبعد الناس عن الحقيقة العملية لوقف إطلاق النار .
 

عبر المقال عن وجهة نظره كاتبه باعتباره متحدثاً رسمياً لفتح ، فجاء فيه مغالطات كثيرة أبعدته عن الواقعية وجانب الحقيقة في ثلاثة نقاط سوف أفندها وأرد عليها محايداً ناقداً بانياً :

(1) أجهزة أمن السلطة الوطنية تنحاز لشعبها ودورها الوطني وتحمل مشعل الاستقلال .

(2) أقرت “أمريكا” حليفة إسرائيل بعد أن استيقظ ضميرها من سباته العميق بأنها ستعزز وتساند الرئيس عباس وأنها ستعيد بناء أجهزة الأمن ، فاحتجت حماس على ذلك ووصف الكاتب ذلك بمعادلة مفادها أن ( إسرائيل تدمر الأجهزة الأمنية الفلسطينية وحماس تحتج على إعادة بنائها ) .

(3) ترغب حماس أن تبقى هذه الأجهزة ضعيفة ” لتستأسد عليها عصابات القتلة وتجار الحشيش” ، وطلع علينا كاتب المقال باعتباره المتحدث الرسمي لفتح في الضفة الغربية بأن حماس جعلت القوة التنفيذية رأس الحربة لها.

ولأن الوقائع والاشتبكات فرضت كثيرا من الحديث عن الاشتباكات المؤسفة وعن أجهزة الأمن الوطني الفلسطيني بعضه مؤيدا لهذا الطرف والبعض  منتقدا معارضا ما يجري . فقد آليت على نفسي أن أتناول هذا الموضوع من كافة جوانبه  وأناقشه بعقلانية وحيادية مطلقةً ، متجردا لا أطلب سوى العدالة والحقيقة . ولن أحاول زيادة الأعباء الواقعة على عاتق الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأقسى حصار ظالم قارب السنة وزادت معاناة الشعب الباحث عن قوته وقد سدت عليه كافة السبل .

إن تحقيق وحدة الهدف والمصير هما أساس تعاون فئات الشعب وجمع كلمته .  كما نتطلع إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون لها أهداف محددة وواضحة ومتوافق عليها تشمل حقن الدماء بين الإخوة وتحريم الإقتتال وكسر الحصار وإزالة الإحتلال والتحرر الوطني الكامل وتسيير برامج الحكومة وبناء الدولة الحديثة في تشريعاتها ونظمها والإبتعاد عن أية نقاط إختلاف. وسرعة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وانتخاب مجلس وطني كل ذلك في غضون الشهرين القادمين فالأمور لا تتحمل التأخير ولا الإغفال فقد مضت سنتان ولم يفعل اتفاق القاهرة ، ومن وضع منظمة التحرير في أدراج مكتبه يخرجها متى شاء ويضعها في الثلاجة متى شاء وللمدة التي يرغبها وكأنها بضاعة توارثها عن أجداده . 


1 – فيما يتعلق بأجهزة الأمن الوطني الفلسطينية وانحيازها للشعب أقول بأنها تتألف من أفراد ومراتب أعزاء علينا ومن صلب شعبنا العظيم المغروس في الأرض بثبات وسؤدد، ولكنها تكوينها فئوي عنصري فهي منتخبة من قبل ” تنظيم فتح ” وتتبع له بالكامل وهي فتحاوية حتى النخاع وتدين بالولاء له وتنفذ أوامر وأهداف  فتح ، وتذهب لصندوق الاقتراع لتنتخب الفتحاويين ولا تضع نصب عيونها الوطن إلا من خلال مصالح فتح وقادتها فتحاويون أصلا وفصلا .
 
إن هذا الولاء الأعمى ينعكس على أدائها الوظيفي الفتحاوي . وكل من لم يثبت جدارته وإخلاصه لتنظيم فتح يتم إنهاء خدماته وطرده من أجهزة الأمن . وقد سمعنا الكثير عن مثل هذه التصفيات يسرح الفرد ويعطى شهر ليفتش له على مكان يقبله لينقل إليه ، وهو تنخيل وغربلة فئوية عنصرية بغيضة. وكل فرد في هذه الأجهزة الأمنية مهدد بأسلحة شر ظاهرها عادي وظيفي وباطنها موجه لخدمة مصالح فتح وليس الصالح العام ، وقد تشمل إجراءات الفصل التعسفي ومن هذه الأسلحة الترقيات والتنقلات والإجازات والعلاوات والانتدابات الخارجية الوظيفية والعلاجية ألخ …. وما الحرس الرئاسي إلا فريق إخلاصه أولا وآخرا لمحمود عباس وليس لفلسطين وتقويته دون تغيير ولائه يعتبر مفسدة وفتنة لحرب أهلية . وكذلك إدخال الأسلحة والذخائر من الخارج (من العرب والأمركان وإسرائيل) يعتبر جريمة كبرى في هذه المرحلة فالأولوية تقع في توحيد الجهود وإرساء السلم الأهلي . ومن يدعي أن تقوية قوات 17 والحرس الرئاسي هو موجه ضد العدو ، أقول له أين كانت هذه القوات الباسلة يوم اقتحم العدو غزة وبيت حانون ؟ بل أين هو يوم اقتحام رام الله قبل أسابيع واستشهاد أربعة من شعبنا على مرأى العالم والمسافة بين دوار المنارة وقيادة القوات 17 لا تزيد عن 800 متر؟

أنا لا أفكر في دور انتخاري لهذه القوات بل دور غير تقليدي يوقع بعض الخسائر في العدو من خلال المفاجأة.

أسمعتم عن عملية العدو الليلة السابقة في بيتونيا حيث استشهد اثنان من أحبتنا قوات البحث الجنائي قتلهم العدو خطأ لأنه لم يميزهم ، فهم في نظره غير مستهدفين بل المقاومون هم المستهدفون ! نحن لا نصدق العدو ولا تخبيصه وهو يقول مثل هذا ليفرق ويسود .

2- سبحان الله أن أمريكا أقرت وهي الحليفة لإسرائيل ، واستيقظ ضميرها من سباته العميق من أجل إعادة بناء أجهزة الأمن ولتعزيز ومساندة الرئيس عباس . وقد خصصت أمريكا مبلغ ستة وثمانون مليون ونصف المليون دولار لهذه المهمة التي لا تشمل أسلحة هجومة (بالحرف) بل تجنيد ورواتب وتدريب وأسلحة خفيفة كي تضمن بقاء قوات الرئاسة متفوقة على حماس هكذا التصريح الرسمي الأمريكي قال ، أفلا تريد من كل شرفاء شعبنا أن يحتجوا على هذا التدخل السافر في شئون الوطن وطننا وأن أمركيا تدعم عباس وحرس الرئاسة وتقولها هي وإسرائيل ليل نهار، أفلا تنضم حماس إلى الشعب في الإحتجاج والرفض؟ نعم لحماس أن نحتج وسنبقى نحتج فنحن نقول ارفعوا الحصار عن قوت الشعب ولا نريد أسلحة في هذه المرة إلا إذا كانت موجهة ضد إسرائيل وليس دعما لفتح وسلطتها البائدة. وعيب هذه المعادلة التي زورت يا كاتب المقال بأن ( إسرائيل تدمر الأجهزة وحماس تحتج على إعادة بنائها ) .

3- زعم الكاتب بأن حماس ترغب ببقاء الأجهزة ضعيفة لتستأسد عصابات القتل وتجار الحشيش،

هذا زعم هراء ، والأجهزة الوطنية التي ترتبط بوزير الداخلية حسب القانون هي التي تلاحق المجرمين ، وحماس وكل مواطن شريف يرغب أن تكون أجهزة الأمن موجهة بذكاء ضد العدو الخارجي أولا وضد العصابات واللصوص ومثيري الشغب في الداخل. أما قولك عن القوة التنفيذية التي شكلتها حماس فقد جاءت بعد سحب الصلاحيات والقوات الأمنية من يد وزير الداخلية المكلف طبقا للدستور للمحافظة على الأمن الداخلي ، ولما جوبه برفض التعاون وإطاعة الأوامر من قبل هذه الأجهزة التي رفضت أن تنفذ أوامره فانتشر الفساد والفوضى مما اضطر السيد وزير الداخلية لأخذ موافقة السيد الرئيس على تشكيلها لتساعد الشرطة في فرض الأمن وهكذا كان ، فهي رأس حربة ضد مثيري الشغب والفوضى .

علينا كمواطنين فلسطينيين شرفاء إيقاف الإقتتال وتوفير وصيانة حرمة الدم الفلسطيني  ، مطلوب أن يعاد تنظيم الأجهزة على أساس الولاء لفلسطين وليس لفتح  وان يتم تطعيم القوات بعناصر متنوعة فورا وبإشراف لجنة عربية ليست مجاورة لفلسطين مثلا لجنة ( سودانية تونسية مغربية ) . ألا يهتز بدن وضمير كل منا على ما نرى من إقتتال ، إنها سلوك مشين وعواقبه وخيمة ومخزية وقد شوهت الصورة المشرقة للمقاومة ولحركات التحرر الوطني ، أخزى الله مثيري هذه الفتنة النائمة وموقظيها .  

قال الله تعالى في سورة الرعد:

( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11} صدق الله العظيم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات