الثلاثاء 13/مايو/2025

حماس..بين الانقلاب الأبيض..والانقلاب الأحمر..!!

عماد عفانة

لا شك أن تقاطع مصالح العديد من الأطراف ساهم إلى حد كبير في أحكام حلقات الحصار واتساع فجوة الفخ الذي يراد لحماس أن تسقط فيه بحيث لا تقوم لها قائمة.

ولا يخفى على احد أن فقه المصالح السياسية الضيقة يطغى في كثير من الأحيان على كل ما هو أخلاقي ووطني أو حتى ديني، خاصة وقد تميزت جميع الأطراف ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية بالتجرد من كل هذه المعاني القيمية العالية.

فمصر التي يتماثل فكر حماس مع فكر الجماعة الإسلامية الأكبر على أرضها جماعة الإخوان المسلمين المنافس القوي الساعي إلى كرسي الحكم مدفوعا بقوى شعبية وفكرية وثقافية ضخمة، لا تريد مصر أن يكون نجاح نموذج حماس الفريد من نوعه في فلسطين احد عوامل التسريع في وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر.

أما الأردن الذي يكاد يفوق سكانه الفلسطينيون عدد سكانه الأردنيين لا يريد أن يمثل نجاح نموذج حماس في الحكم احد عوامل انهيار النظام الملكي الهاشمي على يد جماعة الإخوان في الأردن مدعوما بملايين الفلسطينيين في المملكة.

كما أن نجاح نموذج حماس في الحكم وهي تحت الاحتلال، وتلبيتها لرغبات شعبها بتقديم خدمات مميزة بنزاهة وشفافية لا شك يحرج هذه الأنظمة التي فشلت على مدار عشرات السنوات من تحقيق الرخاء أو العدالة أو الديمقراطية الحقيقية لشعوبها.

إن نجاح حماس في تبني لغة براغاماتية يسقط من أيدي هذه الأنظمة العربية فزاعة الإسلام السياسي الذي تلوح هذه الأنظمة في وجه شعوبها، الأمر الذي يدفعها إلى تشديد الحصار على هذا النموذج الإسلامي متقاطعا مع المصالح الصهيونية الأمريكية في إسقاط هذا النموذج الذي أسدل الستار على حقبة التنازلات المجانية، وعلى سنوات التفاوض العبثي المحاط بشلالات الدم الفلسطيني المسفوح على ارض الوطن المذبوح غير عابئين بأي معنى للديمقراطية التي باتت تمثل لأمريكا والعالم الغربي عدم المساس بإسرائيل.

كل هذه المواقف لا تحظى بذات القدر من الدهشة والاستغراب الذي تحظى به مواقف حركة فتح التي أعلنت أنها ترضى بنتائج الانتخابات وأنها سلمت مقاليد الحكم لحماس بكل سلاسة ليتبين بعد ذلك أن الغلاة في حركة فتح لا يريدون استيعاب الهزيمة وآثارها ولم يستطيعوا تقبل خسارتهم للإوزة التي تبيض ذهبا حيث فقدوا كراسي ومناصب وامتيازات وأموال تمتعوا بها على مدار سنين طويلة.

فبدأوا منذ اليوم الأول لتسلم الحكومة مقاليد السلطة بمحاولة استرداد ومن تحت الطاولة ما أوهموا الجميع أنهم منحوه للحكومة من فوق الطاولة.

أما موقف الرئيس عباس فيوصف بأنه موقف ضعيف إما لأنه لم يستطع الصمود أمام ضغوط الغلاة في فتح الذين يريدون استعادة كل ما فقدوه وإسقاط هذه الحكومة وبكل ثمن حتى ولو كان الثمن إشعال حرب أهلية أو التضحية على الأقل بتاريخ حركة فتح وبفضل السبق الذي تحظى به فتح في ساحة النضال وفي تأسيس مبادئ ديمقراطية عجزت أنظمة عريقة حتى الآن عن إرسائها.

أو لأنه هو أيضا صدم بفوز حماس وبفقد حركته للحكم ويريد استعادة الحكم حتى ولو بإطلاق يد الأجهزة الأمنية لتنفذ انقلابا عسكريا على الحكومة لإجبارها على إما ترك الحكم أو أن تفقد كل مواقع القرار والتأثير فيها أي بمعنى آخر شاهد زور.

كما تتزايد باستمرار الشكوك حول كون الرئيس عباس ليس فقط يشارك في حصار شعبه وحكومته بل يشارك في العمل على إسقاطها ولو بالقوة من خلال العديد من الشواهد مثل :

1- استقباله لملايين الدولارات من أمريكا وإسرائيل، وشحنات أسلحة أمريكية إسرائيلية نوعية و كبيرة لتقوية حرسه الرئاسي وأجهزته الأمنية التي تسيطر عليها حركة فتح ، وامتناعه عن استغلال علاقاته وحصانته واستحواذه على كثير من الصلاحيات لجهة فك الحصار عن شعبه وإدخال الأموال بشتى الطرق.

2-  ما روته صحيفة «الإندبندنت» اللندنية  قبل أشهر طويلة من أن قيادات من فتح جرى استقبالها في البيت الأبيض واجتمع معهم مساعدون لنائب الرئيس الأميركي ديك تشيني وأن الاجتماعات والمشاورات السرية انتهت إلى تبني مخطط مشترك للإطاحة بحكومة حماس تمهيداً لعودة فتح إلى الحكم.

 3- ما نشرته صحيفة معاريف من جانبها حيث  قالت أن أولمرت خلال زيارته لبريطانيا أعلن نيته تزويد الرئيس الفلسطيني بالأسلحة والذخيرة بهدف مساعدته في الحرب ضد حماس متسائلا :ماذا يعتقد رئيس السلطة !؟.وأضاف أولمرت في خطابه الذي ألقاه أمام خمسين من أعضاء البرلمان ومجلس اللوردات البريطانيين ” على الرغم من التوتر الحاصل في قطاع غزة وافقت على نقل أسلحة وذخائر لتقوية الحرس الرئاسي الفلسطيني مقابل حركة حماس”.

4- صحيفة الشرق الأوسط اللندنية من جانبها دعمت في حينه هذه المخاوف بتسريب حول وجود مخطط للحركة يهدف للإطاحة بالحكومة الفلسطينية من خلال دعوتها لإطلاق هبة شعبية جماهيرية ضد الحكومة الفلسطينية في حال فشل الحوار الوطني الفلسطيني في التوصل إلى اتفاق في غضون الأيام القليلة المقبلة.

5- وكانت التسريبات الصحيفة بدأت قبل ذلك على لسان صحيفة التايمز اللندنية نقلا عن مسئول أمني فلسطيني رفيع المستوى قوله إن اندلاع حرب أهلية في الأراضي الفلسطينية لا مناص منه متوقعاً نهاية دموية للتوتر الناشب حالياً في أعقاب تهديد الرئيس محمود عباس بطرح وثيقة الأسرى التي تنص على تسوية النزاع من خلال إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية،في استفتاء شعبي،وهو الأمر الذي عارضته حركة حماس، وتوصلت بعد مداولات طويلة إلى وثيقة الوفاق الوطني.

ونسبت الصحيفة التايمز البريطانية إلى المسئول الفلسطيني قوله:الوقت ينفد أمام حماس•سنختار الوقت والمكان المناسبين للمواجهة العسكرية مع الجناح العسكري للحركة•

وأردف المسئول الفلسطيني المجهول بالقول:وبعد ذلك لن يكون هناك جناح عسكري لحماس مشيراً إلى أنه يقرأ التقارير اليومية التي تقدمها أجهزة استخباراتنا وأعلم جيدا أن هؤلاء الناس (حماس) يخططون لإطاحة رئيسنا (محمود عباس) من خلال القوة•

وأضاف أنه ربما يتعين فرض الحل على حماس بالقوة قائلاً إن هناك ما يكفي لأداء هذه المهمة،كما أنه يمكن جلب السلاح من مصادر غير متوقعة•

6 – ما  نشره موقع صحيفة (المنار) المقدسية على موقعها الالكتروني من أن ” واشنطن أبلغت حلفاء لها في الساحتين الإقليمية والدولية أن الحكومة سوف تسقط في شهر تموز الماضي، وبالتالي فان الضغوط على الحكومة الفلسطينية تصاعدت في حينه، كما أن هناك سيناريوهات عدة للتطورات المرتقبة، وأشارت المصادر إلى أن الإدارة الأمريكية تصر على حرمان الموظفين الفلسطينيين من رواتبهم ومواصلة فرض الحصار المالي على الشعب الفلسطيني وإغلاق أية نوافذ تحاول الحكومة الفلسطينية فتحها لحل مشكلة وأزمة الرواتب، وأضافت المصادر أن الموقف الأمريكي الذي أبلغته إدارة بوش لعدد من عواصم المنطقة يحظى بدعم وتأييد سري من بعض العواصم العربية.

وأكدت المصادر أن واشنطن وتل أبيب معنيتان بحدوث اقتتال داخل فلسطيني، وأنهما تقومان بخطوات وتطرحان برامج يدفع إلى هذا الاقتتال”.

7- وليس ببعيد ما طالعتنا به صحيفة “هآرتس” في تقرير نشر على لسان كبير المحللين العسكريين الإسرائيليين، زئيف شيف ، والذي زعم فيه أن أبا مازن يسعى إلى توسيع قوات الحرس الرئاسي الفلسطينية إلى 10 آلاف عنصر، بدلا من ألفين، وقد طلب من الجانب الإسرائيلي إلا يعارض حصوله على مساعدات خارجية لهذا الغرض، وحسب ما نشر فإن أبو مازن توجه بهذا الطلب للحكومة الإسرائيلية ، من خلال الوزير شمعون بيرس والنائب الإسرائيلي افرايم سنيه، وان وزير الدفاع الإسرائيلي كان على اطلاع على طلب أبو مازن.

وأن عباس يسعى لتحويل الحرس الرئاسي إلى قوة مسلحة مضادة لقوة المساندة التي شكلتها الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس وتخضع مباشرة لوزير الداخلية سعيد صيام.

وتابعت التقارير بالقول أن زيادة عدد حرس الرئاسة الذي يضم الآن ما بين 1500 إلى 2000 عنصر يهدف إلى حراسة المعابر الحدودية بين أراضي السلطة الفلسطينية وكل من مصر وإسرائيل ومنع مسلحين فلسطينيين من إطلاق صواريخ القسام من قطاع غزة باتجاه إسرائيل.

ويذكر أن إسرائيل كانت قد وافقت على تمرير أسلحة لقوة حرس الرئاسة وما زالت تدخل من تحت انف الحكومة رغم نفى ذلك المتحدثون باسم الرئاسة.

وبحسب هآرتس فإن الأسلحة التي من المتوقع أن تشمل بنادق ستزودها مصر والأردن، ورغم المخاوف الإسرائيلية من أن تنتقل هذه الأسلحة إلى أيدي الأذرع المسلحة التابعة لحركة فتح وربما لحماس أيضا فان إسرائيل وافقت على إدخال هذه الأسلحة من باب أهون الشرين العمل على إسقاط حكومة حماس من خلال تزويد خصومها السياسيين بالسلاح والذخيرة.

8- ما نشره موقع سما على الانترنت السبت 3/ 6 – 2006م نقلا عن صحيفة الإندبندنت البريطانية أن مسئولين أميركيين بحثوا مع مسئولين في حركة فتح الإعداد “لانقلاب أبيض” يستهدف إزاحة حركة حماس من رئاسة الحكومة الفلسطينية.

وقالت الصحيفة في مقال للخبير الأمني البريطاني ” أليستر كروك ” انه لهذا الغرض تسعى السلطات الأمريكية إلى تسليح قوات موالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس .

ويقول كروك أن الولايات المتحدة تريد انهيار حكومة حماس وعودة حركة فتح إلى السلطة. ويضيف “لهذا الغرض تسعى الولايات المتحدة إلى بناء قوات مؤلفة من 3500 رجل موالية للرئيس الفلسطيني “محمود عباس.

 ويتابع ان مسئولين مرتبطين بمكتب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يتحدثون صراحة مع زوارهم من حركة فتح عن الرغبة في تنظيم “انقلاب أبيض” يعيد فتح إلى السلطة بعد ان تصبح أكثر طواعية مستفيدة من الأزمة الإنسانية” في الأراضي الفلسطينية. لكن المقال يلفت الى أن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى أن حماس زادت شعبيتها بنسبة 5% منذ انتخابات يناير/ كانون الثاني الماضي، في حين تراجعت شعبية فتح بنسبة 3%.

ويضيف ان الرئيس الفلسطيني وبعض قادة فتح يسعون الى إقناع إسرائيل بمفاوضات سريعة تستمر ستة أشهر حول كل قضايا الوضع النهائي الفلسطيني مع عرض النتائج على استفتاء شعبي فلسطيني يتجاوز حماس والحكومة. ويتابع “يبدو أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تهدف إلى القيام بانسحاب جزئي من الضفة الغربية المحتلة في الوقت الحالي على الأقل”. ويمضي قائلا “لهذا السبب تفضّل إسرائيل حماس على فتح، فالدخول في مفاوضات

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات