الأحد 07/يوليو/2024

فلسطين ليست الجزائر!

فلسطين ليست الجزائر!

صحيفة القدس العربي اللندنية

من حق الوزير السابق وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني، محمد دحلان، أن يعمل على ترميم حركة فتح التي تربي وترعرع فيها. من واجبه أن يناضل من أجل الحركة التي ينتمي إليها. ولكن السيد دحلان، لا يملك الحق الوطني أو الأخلاقي بالتهجم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ووصفها بأنها عصابة من المجرمين والقتلة واللصوص.

والمؤسف أنّ هذه الأقوال وردت في بحر الأسبوع الماضي، على الصفحة الأولى من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، حيث أكد الصحافي أنّ السيد دحلان قرر الإدلاء بهذه التصريحات، بعد أشهر حافظ خلالها على عدم إجراء المقابلات مع وسائل الإعلام. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: لماذا قرر العقيد دحلان اختيار صحيفة إسرائيلية باللغة العبرية، لكي يتهجم على أبناء شعبه العربي الفلسطيني؟ هل بات الإعلام العبري موضوعياً إلى هذا الحد؟ أم أنّ وراء الأكمة ما وراءها: أي أنّ جمهور الهدف الذي يريد هذا الزعيم الفتحاوي أن يصل إليه هو الجمهور اليهودي في “إسرائيل”، وتحديداً صناع القرار في تل أبيب؟

قراءة المقابلة مع السيد دحلان، الذي شارك هذه الأيام في إحياء الذكرى الـ15 لمؤتمر مدريد، الذي جلب لنا اتفاق أوسلو وويلاته، تترك لدى كل فلسطيني الانطباع بأن المتحدث اجتاز جميع الخطوط الحمراء: فهو يتهم وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور محمود الزهار، بأنه أجرى في السابق مفاوضات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين. متى، كيف ولماذا؟ دحلان يختار التعتيم. باعتقادنا أنً هذه التصريحات تصب الزيت على النار وتساهم من حيث يدري السيد دحلان والقياديون في حركة فتح بإذكاء نار الاقتتال الداخلي في فلسطين، لأنه يقول أنه ليس معنياً بالحرب الأهلية، ولكن بموازاة ذلك، يؤكد في نفس الحديث أنّ حركة فتح لن تتورع عن استعمال جميع الوسائل من أجل حماية نفسها، من الهجوم الذي تشنه حماس عليها. حتى الآن لم نسمع أنّ حماس تملك الدبابات والآليات العسكرية. حتى هذه اللحظة لم نلاحظ أنّ حماس تهاجم عناصر ورموز حركة فتح، ولكن على ما يبدو، فإن الرجل ومن لف لفه، من عرب وعجم، يريد أن يحسم الأمور في الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة بالوسائل العسكرية، وكأنّ “إسرائيل” تعد الشعب الفلسطيني بالحصول على جنة عدن على هذه البسيطة في حال تغييب الإرهابيين من حماس عن المشهد السياسي الفلسطيني .

وهذا الأمر يذكرنا بالنموذج الجزائري: ففي أواخر الثمانينيات من القرن الماضي جرت انتخابات ديمقراطية في بلد المليون شهيد، وفازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية، ولكن الجيش الجزائري، الذي ما زال يتحكم في الأمور هناك، أعلن عن إلغاء نتائج الانتخابات، وقررت الحكومة الإعلان عن جبهة الإنقاذ، التي فازت في الانتخابات بأنها خارجة عن القانون، وذلك بإيعاز من الغرب المتنور. وبعد هذه الخطوة الدكتاتورية، دخلت الجزائر في حرب أهلية قذرة وبشعة، راح ضحيتها آلاف الأبرياء من أبناء الشعب الجزائري، بسبب العمليات العسكرية التي نفذها الجيش وردت عليها المقاومة الإسلامية .

فلسطين ليست الجزائر، والجزائر ليست فلسطين، وكل من تسول له نفسه محاولة نقل النموذج الجزائري إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، يرتكب أبشع جريمة بحق شعبه الفلسطيني، ألا يكفينا الاحتلال وجرائمه؟

كلام دحلان خطير للغاية، وعلى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، السيد محمود عباس (أبو مازن) أن يعمل على لجم هذه الشخصيات، ومنعها من الإدلاء بتصريحات من هذا القبيل، لأن التزامه الصمت، يعني انحيازه التام لحركة فتح، التي ينتمي إليها، موافقته الضمنية على هذه الأقوال التي تخدم مصالح أعداء الشعب الفلسطيني. ومرة أخرى نوجه نداء إلى إخوتنا في المناطق المحتلة: الحل الوحيد هو إعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية من خلال ضم جميع الفصائل الفلسطينية ليكون القرار الفلسطيني واحداً وموحداً وصائباً، ويسير حسب أجندة فلسطينية فقط .

* رئيس تحرير صحيفة كل العرب الصادرة في الناصرة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات