الأحد 11/مايو/2025

رايس حملت الى العراق وفلسطين مؤامرات الحروب الأهلية وأوامر إدارة بوش

عمر نجيب
قامت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في الأيام الأخيرة بزيارة للعراق ثم فلسطين المحتلة تبعتها بزيارة محطات أخرى هي مصر والأردن والكويت والسعودية قبل أن تتوجه إلى لندن وبرلين. رايس قالت في بداية جولتها أنها لا تحمل خططا محددة حول القضية الفلسطينية وأن هدفها من الجولة هو بحث الأوضاع في الشرق الأوسط وخاصة ما يتعلق بالعراق وايران في نطاق خطة بوش الجديدة للانتصار في الحرب بالعراق.

الرسالة كانت واضحة للجميع وخاصة للذين يراهنون على سياسة البيت الأبيض، وهي أن لا مكافأة في فلسطين في مقابل الدعم العربي للاستراتيجية الجديدة الامريكية في العراق. وتأكيد رايس أنها لا تحمل اي خطة عمل من اجل تحريك عملية السلام يفرض أحد استنتاجين، ان الولايات المتحدة فقدت أي أمل بقدرتها على لعب دور في هذه العملية، او أنها لا تعتبر ان ثمة داعيا او ظروفاً ملائمة لتحريكها، خاصة وان الجانب الإسرائيلي يريد تجميد الأوضاع على أمل تحقيق مكاسب وإضعاف جانب الممتنعة الفلسطيني.

بهذه الرسالة أو الطريقة حدت رايس من التوقعات التي علقها البعض على زيارتها في ما يتعلق بعملية السلام أو ما قيل أنه فرصة لربط الموقف من التطورات في العراق بإجبار البيت الأبيض على تحريك القضية الفلسطينية كما نصح بذلك تقرير بيكر هاملتون.

وقد قالت رايس للصحافيين الذين رافقوها في جولتها في الطائرة التي اقلتها الى المنطقة “لا احمل اقتراحا ولا خطة”. واضافت رايس التي كانت استاذة علوم سياسية في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا “قرأت كثيرا عندما كنت استاذة جامعية حول الجهود السابقة الهادفة الى احراز تقدم على صعيد المسألة الاسرائيلية الفلسطينية ومن الواضح تماما ان الامور لا تنجح اذا لم يتم التحضير لها جيدا”.

ومضت رايس في مغالطتها وقالت “يجب عدم طرح خطة صنعت في امريكا، ثمة اطراف كثيرون معنيون ولا بد من مساهمة كل الاطراف من اجل احراز تقدم على المسار الاسرائيلي الفلسطيني”. وادعت رايس انها تسعى الى تلمس “كيفية تسريع خارطة الطريق”، الخطة الدولية لحل النزاع التي تنص على اقامة دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل.

غير انها لم تحدد وسائل تسريع هذه الخطة، مذكرة بإطروحات واشنطن وتل ابيب عن ضرورة توصل الفلسطينيين قبل ذلك الى اتفاق على الاعتراف بما اسمته حق اسرائيل في الوجود، في اشارة الى رفض حركة المقاومة الاسلامية الاعتراف باسرائيل.

رغم هذه المغالطات أشار الملاحظون الى أن رايس حملت في حقيبتها تعليمات محددة الأولى الى حليفها الرئيسي الحالي في العراق رئيس الوزراء المالكي الذي قالت دون مواربة أنه لم ينجح خلال المهلة الأولى التي حددتها له واشنطن في الوصول الى الأهداف المطلوبة وان أمامه مهلة جديدة وأن صبر بلادها بدأ ينفذ، وبالتالي فالرسالة كانت واضحة، اذا لم تقم بما طلب منك وانهيت تحالفك مع طهران ونجحت في الحد من ضربات المقاومة العراقية فإنه سيتم استبدالك.

كما أن رايس جاءت بدعوة صريحة من بوش يطلب فيها المساعدة والنجدة من كل من السعودية ومصر والأردن، لحل المعضلة العراقية والتي وصفها بالخطورة على الأنظمة العربية في حال قبلت الولايات المتحدة بالهزيمة.

الرسالة الثانية كانت الى المراهنين في فلسطين على الورقة السياسية الأمريكية. وهي أنه يجب ضرب وتصفية من تعتبرهم واشنطن من المتطرفين أو الإرهابيين الذين لا يقبلون الشروط الأمريكية أي حكومة حماس والأجنحة المسلحة الفلسطينية التي تواجه الجيش الصهيوني ومستوطنيه. وهكذا وقبل وصول رايس الى رام الله طلبت الحكومة الأمريكية من الكونغريس 86 مليون دولار لدعم الرئاسة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، ولم تخجل الوزيرة الأمريكية التي تتشدق حكومتها بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في تأكيد سعيها لإسقاط خيار الشعب الفلسطيني الديمقراطي، حيث تؤكد انه يجب ترجيح كفة من تسميهم المعتدلين من الفلسطينيين واستبعاد المتطرفين ومن تصفهم بقوى الإرهاب.

رايس قالت عند زيارتها القدس المحتلة إن وضع أسس دولة فلسطينية يشكل أولوية للرئيس جورج بوش، وهي تبحث تسريع خارطة الطريق والوصول إلى “أفق سياسي” واعد، وهو أفق قالت نظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني إن من أسمتهم فلسطينيين معتدلين بحاجة إليه. ولم تفصل ليفني فيما تقصد بالأفق السياسي لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا إنها ناقشت مع رايس إمكانية إنشاء دولة فلسطينية بحدود مؤقتة حدودها خط الجدار الفاصل في ومن حول الضفة الغربية، وهو خط يخشى الفلسطينيون تحوله إلى حدود نهائية لينتهي الأمر بدولة مبتورة ومقسمة الى كانتونات وغير قادرة على الحياة ومرشحة للاندثار بعد حين وبذلك يمكن للصهاينة السيطرة على كل الأرض الفلسطينية.

 وقد اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أن زيارة كوندوليزا رايس إلى المنطقة ليست بالمهمة على صعيد ما يسمى بمحاولات التسوية، وقال إنها تأتي ضمن المخطط الأمريكي الإسرائيلي الهادف للالتفاف على الشرعية الفلسطينية. وشدد هنية على أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتدخل في شؤونه الداخلية، وأن السعي لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية سيكون وفق المطالب الفلسطينية وليس وفق الإملاءات الأمريكية.

واعتبر هنية ان السياسة الامريكية والاسرائيلية تعمل “على ايقاع الشعب الفلسطيني في اتون الحرب الاهلية”. وأضاف “ان السياسة الامريكية والاسرائيلية في المنطقة تقوم على اكثر من ركيزة، ومنها منع قيام وحدة وطنية حقيقية على الساحة الفلسطينية، بل اقول منع قيام حكومة وحدة وطنية حقيقية تعبر عن ارادة وطموح الشعب الفلسطيني”.

واوضح ان “السياسة الامريكية الاسرائيلية على الساحة الفلسطينية هي العمل على ايقاع الشعب الفلسطيني في اتون الحرب الاهلية وصراعات فلسطينية فلسطينية لا تتوقف حتى يتحول هذا الصراع من صراع فلسطيني-اسرائيلي الى صراع فلسطيني”. وأكد هنية أن “هذه سياسة ثابتة ولن تتوقف في اي لحظة من اللحظات”.

من جانبه أكد فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حركة المقاومة الإسلامية حماس ان اجتماع عباس بوزيرة الخارجية الأمريكية جاء ليخدم أمن الكيان الصهيوني ويمثل تدعيما جديدا للتيار المواجه لحماس، مؤكدا أن حركتة ترفض سياسة التصنيف بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد بين متطرف ومعتدل. وأضاف “نحن لا نعول كثيرا على زيارة رايس، فهي من الأصل لم تأت بجديد، بل جاءت لتعزز خارطة الطريق التي لا تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته”، مضيفاً أن هذه الزيارة لرام الله جاءت بعد زيارة للكيان الصهيوني وجاءت فقط للمجاملات والوعود الكاذبة التي تعطيها للرئيس عباس.

رايس حرضت وتحرض بعض الفلسطينيين الذين سقطوا في فخاخها على مواصلة الحرب ضد حماس حتى وإن وصل الأمر الى شن حرب أهلية وأكدت أنه ستدعم قوات الرئاسة بمزيد من الأسلحة.

وقد اعترف الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الاحد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رايس ان السلطة الفلسطينية طلبت التزود بالسلاح لتعويض ما خسرته الاجهزة الامنية الفلسطينية خلال السنوات الماضية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات