أخشى أن يغتال بيراميرتس

لما غادر “ميليس”، غير مأسوف عليه، لجنة التحقيق الدولية الخاصة بكشف ملابسات اغتيال الحريري، وجاء السيد “بيراميرتس” على رأس تلك اللجنة تغير أسلوب التحقيق بالكلية. وجاءت التقارير التي قدمها القاضي البلجيكي لتؤكد على تعاون سورية مع لجنة التحقيق.
لكن المفاجأة، أن الرجل، ذكر في تقريره الأخير أن هناك عدة دول لا تتعاون مع لجنته الدولية، مما دفع روسيا للطلب من مجلس الأمن أن يتبنى رسالة تطلب من بيراميرتس كشف أسماء تلك الدول.
أما المفاجأة الأشد، أن أمريكا وفرنسا رفضتا على الفور، الموقف الروسي واعتبرتاه تدخلاً في عمل لجنة التحقيق المستقلة. ولا نعرف بالضبط لماذا، إذاً، كانت أمريكا وفرنسا تتهمان سورية بأنها لا تتعاون مع اللجنة، وكانتا تبديان اهتماماً محموماً بكشف إذا ما كانت دمشق متعاونة مع التحقيق أم لا. ليس هذا فحسب، بل كان الرئيسان الأمريكي والفرنسي بالإضافة إلى كل المسؤولين في البلدين، لا يوفران فرصة ليطالبا سورية بالتعاون مع اللجنة، حتى لو كان تصريحهما الصحفي عن بلاد الواق واق.
أفليس مدهشاً، أن تحاول فرنسا وأمريكا، إخفاء أسماء تلك الدول غير المتعاونة، فتهددها كما هددت سورية، وتحاول عزلها كما حاولت، خاسئة، فعل ذلك مع سورية. أو ليس من الطبيعي، أن يسرع الرئيس شيراك ونظيره بوش، بالطلب من تلك اللجنة إظهار الحقيقة على أساس أن تلك الدولت ي ن بذلتا الغالي والرخيص من أجل إحقاق الحق في حادثة الاغتيال. أم أن المسألة كلمة حق أريد بها باطل!!.
تقارير إعلامية مختلفة، وتسريبات صحفية من أروقة الأمم المتحدة تشير بالدرجة الأولى إلى أن أمريكا وفرنسا وإسرائيل على رأس الدول التي لا تتعاون مع المحققين. أي أن الدول التي كانت تطالب سورية بالتعاون مع لجنة التحقيق هي نفسها التي لا تتعاون مع اللجنة وهي التي تريد لتلك اللجنة ألا تنجز عملها ولا تتوصل بالتالي لمعرفة قاتل الحريري.
ولا بد لنا والحالة هذه أن نطرح سؤالاً غير بريء، وهو لماذا لا تساعد أمريكا وفرنسا لجنة التحقيق على كشف الحقيقة، هل تخاف أمريكا وحليفاتها من كشف المستور؟ ولعلنا نصيغ السؤال بطريقة أخرى، فهل تخاف إسرائيل وحليفاتها من كشف المستور؟ هل بدا واضحاً الآن للدول الإرهابية في العالم، أن رئيس لجنة التحقيق سيصل إلى الحقيقة، وبما أن الحقيقة مرة، فأرادت هذه الدول تجنب طعمها؟ هل راهن الإسرائيليون وحلفائهم، على أن “بيراميرتس” لن يتوصل إلى الحقيقة أبدا؟ً، أو ربما راهن الصهاينة على تخويفه و تهديده أو التأثير عليه، فما نجحوا وانقلب السحر على الساحر؟.
ولا عجب في ذلك، فقد حاولت إسرائيل تهديد “كورت فالدهايم”، السكرتير الأسبق للأمم المتحدة، لأنه حاول أن يكون منصفاً في مسألة الصراع العربي – الصهيوني ولما فشلت في ذلك أطلقت عليه تهمة النازية والعداء للسامية إلى آخر القصة المعروفة.
وكذلك فعلت مع السكرتير “ داغ همرشولد”، حيث هددته صراحة بسوء الخاتمة إذا أصر على مواقفه المنصفة للعرب.
ولا ننسى أيضاً “فون هورن” كبير مراقبي الأمم المتحدة في فلسطين الذي حاول الصهاينة الضغط عليه، وما كان منهم إذ فشلوا، إلا أن اتهموه بأنه أحرز وسام “الصليب الحديدي الألماني” أثناء حرب هتلر لشدة ما كان نازياً، مع أن الرجل لا علاقة له بهذه المسألة لا من قريب ولا من بعيد.
إنني أخشى وبمنتهى الصدق، أن تحاول إسرائيل وحلفائها اغتيال “بيراميرتس”. لأن القاضي الدولي الآن في طريقه لطلب الصور الجوية الأمريكية لموقع الاغتيال. وفي طريقه لمحاولة فهم التشويش على أجهزة حماية الحريري التي تتم بمساعدة أقمار صناعية، حيث لا يمكن لسورية فعل ذلك. فإذا حاولت أمريكا وإسرائيل حَرْف التحقيق عن مساره وفشلت، أو حاولت ثني القاضي البلجيكي عن المضي قدماً في معرفة الحقيقة، فلماذا لا تقوم أجهزة الموساد بتصفية الرجل. فقد قام الصهاينة بجرائم عديدة في هذا الإطار ولعل أهمها قتل الكونت فولك برنادوت، الذي عينته الأمم المتحدة وسيطاً بين العرب والصهاينة، ولما كانت مواقفه لا تنطبق مع وجهة النظر الصهيونية، قام هؤلاء باغتياله بالرصاص، ومن عجائب الإرهاب أن اثنين من الذين شاركوا في اغتياله أصبحا فيما بعد رئيسي وزراء لكيان العدو، وهما مناحيم بيغن وإسحاق شامير. فدولة يرأس حكومتها ثلة من القتلة، جديرة بأن تقوم بأي عمل إرهابي يخدم مصالحها الإجرامية.
إن في اغتيال بيراميرتس، لو وقع، مصلحتان لإسرائيل وحلفائها: تنجو من المسؤولية عن قتل الحريري، وتقوم في الوقت نفسه باتهام سورية بتدبير حادثة الاغتيال الجديدة فتقع دمشق بين دفاعها عن براءتها من دم الحريري، وبراءتها من حادثة الاغتيال الثانية، وتبقى تعيش في دوّامة المحكمة والمحاكم، لأن مجلس الأمن سيشكل لجنة تحقيق ثانية، ومن يعلم، فلربما ثالثة ورابعة إلى أن يتم لأمريكا ما تريد.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...

السفير الأمريكي في إسرائيل يجدد دعم واشنطن لتهجير الفلسطينيين من غزة
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام جدد السفير الأمريكي لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي مايك هاكابي، دعم واشنطن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، رغم...

جيش الاحتلال يعلن استعادة رفات جندي قٌتل في اجتياح لبنان 1982
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، استعادة رفات جندي إسرائيلي من الأراضي السورية في عملية وصفة بالخاصة....

مسيرة احتجاجية في ستوكهولم تنديدا بالإبادة الإسرائيلية في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت في العاصمة السويدية ستوكهولم، السبت، مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار إسرائيل توسيع الإبادة على قطاع غزة. ووفق الأناضول؛...

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...