الأحد 07/يوليو/2024

اللغط حول تنازلات حماس

اللغط حول تنازلات حماس

صحيفة الخليج الإماراتية

هناك لغط حول ما يسميه بعض الفلسطينيين “وثيقة جنيف حماس”، والذي يقول إن حماس قد تقدمت بوثيقة للأوروبيين حول الهدنة المقترحة بين “إسرائيل” وحماس. تشتمل هذه الوثيقة، حسب أقوالهم، على إقامة هدنة لمدة خمس سنوات، ويصار بعد ذلك إلى البحث في العلاقات بين الفلسطينيين و”لإسرائيليين”، ومن ثم إلى إقامة سلام مبني على العدالة. ويذهب بعضهم إلى القول إن قادة حمساويين قد اجتمعوا مع “إسرائيليين” كمقدمة للتفاوض .

حسب علمي المبني على متابعة التطورات على الساحة الفلسطينية، لم يحصل أي اجتماع بين قادة من حماس و”إسرائيليين”. حصلت لقاءات بين قادة حمساويين وأوروبيين، واقتصرت فقط على تبادل الأفكار من دون أن تتضمن أية وثائق. لم تقدم حماس أي وثيقة مكتوبة، وطرحت فقط أفكاراً للتداول على رأسها فكرة الهدنة. أما ما يتم تداوله الآن من أن حماس قد تقدمت بطرح سياسي خطي للأوروبيين و”الإسرائيليين” فلا أساس له، ومنبعه فقط مصادر إعلامية غير موثوقة .

تقدم الأوروبيون الذين لم يتم الإعلان عن أسمائهم، والذين على علاقة مباشرة مع دوائر الاتحاد الأوروبي، لحماس أو الحكومة الفلسطينية بأفكار مكتوبة، لكنهم لم يتقدموا بمشاريع سياسية تشكل مبادرات قابلة للتفاوض. يرى الأوروبيون أن أفكارهم مهمة لمتابعة النقاش والحوار، ولا تشكل بأي حال قاعدة للتفاوض؛ وهم لا يرون أن الحوار مع الحكومة قد تطور إلى درجة تسمح بفتح مفاوضات سرية أو علنية .

تقدمت حماس بأفكار سياسية شفوية للأوروبيين تأتي على رأسها فكرتا الهدنة وحق العودة للاجئين الفلسطينيين. بالنسبة للهدنة، طرحت حماس مدة الهدنة التي تتراوح بين خمس وعشر سنوات، لكن دون التقيد بالاعتراف ب “إسرائيل”؛ وبالنسبة لحق العودة، طرحت الحركة، حسب تقديري، المسألة بكل قوة، وأن مسألة الاعتراف ب “إسرائيل” ليست واردة والشعب الفلسطيني مشرد ويعيش في مخيمات تحت ظروف قاسية. وضعت حماس هاتين الفكرتين على طاولة الأوروبيين الذين لم يجدوا حرجاً في الاستماع .

إن الأوروبيين ليسوا متشنجين في مواقفهم تجاه حماس أو الحكومة الفلسطينية مثلما هي الولايات المتحدة، هم أقرب إلى العقلانية في البحث عن حلول من مختلف الأطراف، ومنها الأطراف العربية التي قابلت الحكومة الفلسطينية بالرفض القطعي. ومن خلال متابعتهم لطرح الحكومة السياسي، هم يجدون منافذ يمكن العبور منها إلى طاولة التفاهم السياسي مع حماس، والذي يمكن أن يفضي إلى استئناف مسيرة التفاوض في المنطقة. ويستدل الأوروبيون على قوة منطقهم في أن حماس قد قدمت تنازلين اثنين حتى الآن، وهما الاعتراف بالشرعية الدولية والموافقة على المفاوضات من خلال موافقتها على مبدأ أن منظمة التحرير هي المخولة بالتفاوض مع “إسرائيل”. هذان تنازلان واردان في وثيقة الوفاق الوطني، وتم تقديمهما لإرضاء أطراف فلسطينية مشاركة في الحوار حول تشكيل ما يُعرف بحكومة وحدة وطنية فلسطينية .

يدرك الأوروبيون أيضاً أن التضييق على حركة حماس يدفع بها باتجاه إيران التي تعتبر الدولة الأكثر تطرفاً في المنطقة وفق التعريف الأوروبي. ويرون أنه من الغباء السياسي ألا يفتح العدو لعدوه المحاصر منفذاً عله يصل معه من خلاله إلى تسوية أو تفاهم، وإذا كان فتح الباب قليلاً أمام حماس سيبعدها عن إيران فإن ذلك في مصلحة الغرب والأنظمة العربية الموالية .

“إسرائيل” ليست بعيدة عن العقلنة الأوروبية في التقارب من حماس، أو في محاولة جسّ النبض. كما الأوربيون، و”إسرائيل” ترى أن المد الإسلامي يكتسب زخما مستمراً، وهي تلعب على وتر آخر وهو وتر الخلاف المذهبي الإسلامي بحيث تكون هي داعماً للجانب السني في مواجهة إيران الشيعية. لا يغيب هذا الوتر عن الأوروبيين، لكنهم يتركونه ل “إسرائيل” وأمريكا للعزف عليه .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات