القوة التنفيذية الفلسطينية وحالة الجدل الدائرة

مجدداً عادت حالة الجدل في الشارع السياسي الفلسطيني، حول القوة التنفيذية، التي كانت قد شكلتها وزارة الداخلية الفلسطينية، في 17 مايو2006 وبدأت في حينه ب 3000 عنصر من الأجنحة العسكرية الفلسطينية المقاومة، ومؤخراً تم زيادة عدد منتسبيها إلى 12 ألف عنصر، حسبما أعلنت وزارة الداخلية، وجاءت هذه الزيادة، رداً على البيان الرئاسي، الذي اعتبر القوة التنفيذية، قوة غير شرعية، ما لم يتم دمجها في الأجهزة الأمنية الرسمية.
رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، أكد مجدداً على شرعية هذه القوة، ودافع عن قرار تشكيلها وزيادة عددها، بل وأكد على ضرورتها، في حفظ الأمن والسلم المجتمعي، وأشار إلى العديد من إنجازاتها.
بعض المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني، وبعيداً عن النظرة الفئوية الحزبية الضيقة، يقرون بانجازات فعلية حققتها القوة التنفيذية، لا سيما على صعيد الحد من حجم الفلتان الجنائي، إذ تمكنت من ضبط وكشف أكثر من شبكة لصوصية، تخصصت في سرقة محلات الذهب، و سيارات للمواطنين، كما يشهد للقوة التنفيذية بضبطها لأمن المستشفيات، وتحديداً مستشفى دار الشفاء بغزة، والتي كانت مستباحة لبعض المسلحين المنفلتين من عائلات ومن تنظيمات مختلفة ، وليسمح لي القارئ هنا باقتباس نص حرفي من مقال للكاتب حسين حجازي، _وهو كاتب فتحاوي بالمناسبة_ في جريدة الأيام شبه الرسمية، المقربة من فتح والرئاسة، في عدد السبت 9/12/2006 حيث قال: ” اسمحوا أن نقول هنا، إن حكومة “حماس” هي التي نجحت حتى الآن فيما فشلت فيه كل الحكومات السابقة في ضبط الأمن الداخلي. فالعائلات الـمتغطرسة تم تكسير أنفها، والذين يفكرون الآن، باستباحة الـممتلكات العامة، مستشفى الشفاء، أو العربدة، يحسبون ألف حساب للقوة التنفيذية، فماذا تريدون؟ تريدوننا العودة إلى الفوضى “.
أما عن حوادث القتل السياسي التي ارتفعت وتيرة حدتها بعد تشكيل “حماس” للحكومة، فاغلبها حوادث قتل سياسي، وتفلت امني سياسي مقصود،_ البعض يريده أكثر اشتعالاً_ ، في إطار المناكفات السياسية بين القطبين الكبيرين “فتح” و”حماس”، والتي لن تنتهي إلا بتوافق وطني، يقر فيه كلا القطبين باستحالة شطب وتغييب احدهما للآخر، وبأن لا مصلحة لكليهما في ذلك، فالمستفيد الوحيد في هذه الحالة، هو عدوهما المشترك، الاحتلال الصهيوني البغيض، الذي يرغب بإضعافهما معاً.
حالة الجدل الدائرة الآن بين مختلف أوساط وشرائح الشعب الفلسطيني، حول القوة التنفيذية، كانت قد صاحبتها منذ بدايات التأسيس والانتشار، إذ انقسمت الآراء وتعددت الاجتهادات في حينه،_ولا زالت_ بين مؤيد ومعارض، فهناك من استقبلها بمزيج من الأمل والفرحة،وهناك من تفهم ضرورتها، لكنه استقبلها بحذر، وهناك من رفض وجودها وتشكيلها من الأساس. في حين اعتبر بعض المراقبين، المتابعين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، بأنه يحق للحكومة التي جاءت بانتخابات شرعية أن تحمي قراراتها في الوقت الذي يتباطأ فيه البعض من قادة الأجهزة الأمنية عن أداء أو تنفيذ هذه المهمات تساوقاً مع أجندة خاصة.
إلى ذلك كان قد سبق الإعلان عن تشكيل القوة التنفيذية تصريح من وزير الداخلية سعيد صيام كشف فيه النقاب،عن أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لا تنفذ تعليماته، بسبب تسييسها، وانغلاقها على لون سياسيي معين وقال في حينه: “انه لم يعد بالإمكان السكوت عن تباطؤ تلك الأجهزة عن القيام بواجباتها ومسؤولياتها في حفظ الأمن والنظام ومحاربة الفوضى المسلحة وانتشار الجريمة .وأضاف الوزير صيام: “في ظل عجز الأجهزة الأمنية عن أداء دورها بالشكل المطلوب بل وتباطئها في تنفيذ ما يصدر له، فإنني ومن منطلق مسؤولياتي عن الأمن الداخلي كوزير للداخلية والأمن الوطني،أعلن عن بدء عمل القوة التنفيذية في إطار وزارة الداخلية لحماية امن المواطنين وممتلكاتهم”. وأكد حينها الوزير علي أن القوة التنفيذيه، ستعمل مع الأجهزة الأمنية والشرطية على حفظ الأمن وملاحقة الجريمة وفرض النظام وسيادة القانون في داخل الساحة الفلسطينية. وأن خطوته تلك تندرج في ما نص عليه القانون الأساسي من صلاحيات لوزير الداخلية.
الموقف في الرئاسة وحركة فتح، والرافضين لتشكيل القوة الجديدة في حينه،_ ولا زالوا_ يقول بعدم شرعية ولا قانونية القوة المذكورة، ويبررون ذلك بأن الرئيس لم يصدر مرسوماً بتشكيلها، وتساءلوا هل يحق لوزير الداخلية أن يشكل قوة أمنية دون أن يحصل على مرسوم رئاسي بعد أن يكون قد تم مناقشة المسألة في المجلس التشريعي؟ لكن بتصورنا، موقف الرئاسة لم يكن واضحاً بشأن القوة حين تم الإعلان عن تشكيلها، لأن الرئيس أخذ يناقش في التفاصيل، مثل: ماذا لو حدث اعتداء على أحد أفراد القوة ماذا نقول؟ هل وتحت أي مسمى يمكن تصنيفه! وفي السياق ذاته أكد الرئيس الموافقة على دمج القوة كأفراد في أجهزة الأمن الفلسطينية الرسمية، ولكنه لم يعط جواباً صريحاً حول الموافقة على تشكيلها كقوة رسمية خاصة.
على أية حال سيبقي الجدل السياسي والقانوني، قائماً في الساحة السياسية الفلسطينية، ليس حول القوة التنفيذية وشرعيتها فحسب، بل حول قضايا عدة، وهذا دليل صحة وعافية للمجتمع الديمقراطي الفلسطيني، شرط أن تبقي حالة الجدل وحالة الحراك السياسي، في إطارها الوحدوي الحريص على وحدة هذا الشعب بمكوناته السياسية والاجتماعية، بعيداً عن الحدة في اتخاذ القرارات، إذ كان قرار الرئاسة الأخير بنزع الشرعية عن القوة التنفيذية،_ ومن قبله كان قرار تبكير موعد الانتخابات_ ورد الحكومة بزيادة عددها، هو بمثابة إعلان حرب، يشي بأن الاشتباكات هذه المرة ستأخذ الطابع العنيف والمدمر للكل الوطني، وحينها يا لشماتة الأعداء فينا .
القرارات الأخيرة، اقتربت بنا بالفعل إلى حافة الانفجار الداخلي الشامل، الذي لطالما حذر الجميع منه، _ ولن نمل من تحذير أنفسنا منه_، ومن مناخات الاقتتال الداخلي التي باتت تخيم على مناحي الحياة الفلسطينية كافة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...