الثلاثاء 02/يوليو/2024

القدس وغور الأردن في برنامج كاديما

القدس وغور الأردن في برنامج كاديما

صحيفة الوطن القطرية

أخيراً، أفصح إيهود أولمرت عن مضمون برنامجه القادم، وأطلق قراءته لآفاق التسوية مع الطرف الفلسطيني، معلناً تمسكه بالإرث الذي خلفه إياه الجنرال آرييل شارون، الراقد في موته البيولوجي والدماغي. فالخطوط العريضة لحزب كاديما كما أعلنها إيهود أولمرت في خطاب «الانتصار» تشكل هبوطاً واضحاً حتى عن برنامج الليكود ذاته. فغاب التصور السياسي للتسوية، وحل مكانه «ثوابت صهيونية بامتياز» وعناوين جامعة لأقطاب وشخصيات مغرقة في صهيونيتها وأيديولوجيتها، والتي تقوم على رفض حق العودة الفلسطيني، ورفض المساس بـ «يهودية وصهيونية» المدينة المقدسة في إطار «متروبلين القدس الكبرى»، وتطويق الكيان الفلسطيني المفترض من كل الجهات والاحتفاظ بشريط غور الأردن .

ووفقاً لذلك، اتخذ إيهود أولمرت مجموعة جديدة من الإجراءات من طرف واحد، محولاً مدينة القدس الكبرى (متربلين) وتخومها القريبة، إلى حدود دولية تفصل بين الكيان الفلسطيني القادم والدولة الصهيونية، متبوعة بمجموعة من الإجراءات الهادفة إلى ضم الكتل الاستيطانية بحيث تسود الأغلبية اليهودية في حدود القدس الكبرى. فالنسبة العددية في القدس بين اليهود والعرب لا تزال تميل لصالح اليهود (66 %) ويتوقع أن تصل نسبة اليهود (سنة 2020) إلى (56%) فقط. فايهود أولمرت ومجموعة حزب كاديما، لم يعودوا يتحدثون عن القدس الموحدة دون تفاصيل. فحلّت محل الاصطلاحات القديم كلمات أخرى: «قدس يهودية، وكبيرة وقوية»، تحتاج إلى تخطيط حدود من جديد، تقتطع من خلاله مساحات إضافية، مع رسوخ الكثرة اليهودية، في مناطق المدينة الجديدة لتقف عند نحو 80%. مع ضم أحياء يهودية توجد اليوم خارج المجال البلدي، وخارج «الخط الأخضر»، مثل معاليه أدوميم في الشرق، وجفعات زئيف في الشمال وجزء من غوش عتصيون في الجنوب، وميشور ادوميم، وكذلك منطقة هيشوف أدام شمال شرق نفيه يعقوب، ومستوطنة جيلو جنوبي القدس. وكل منطقة بيتار عيليت، وكذلك جفعون الجديدة وجبل أدار وبيت حورون شمال غرب القدس .

وعليه، إن التقسيم الصهيوني لمدينة القدس وفق برنامج كاديما، أحادي الجانب، والمزدحم بالجدران والأسوار والعوائق، سيرسو في النهاية وحسب واضعيه إلى تكريس القدس الموسعة باعتبارها جزءاً من الدولة الصهيونية، بأغلبية يهودية، يفصلها عن الضفة الغربية معبر قلنديا الإسرائيلي الواقع قرب المطار القديم المقام زمن الانتداب البريطاني. ليصبح عندها معبر قلندية الواقع جنوب المدينة ممراً فاصلاً واصلاً بين كيانين متجاورين: كيان قوي اسمه “إسرائيل”، وكيان مضطرب ضعيف ومتناثر الأجزاء اسمه الدولة الفلسطينية. فالدولة الفلسطينية عند أولمرت تمت الإشارة إليها بشكل ملتو، لتقوم فقط فوق المناطق (أ ، ب) التي تساوي مساحتها 48% من مساحة الضفة الغربية دون القدس الكبرى و60% من مساحة قطاع غزة، بينما تتكرس حالة جدار الفصل العنصري بحيث يضم مساحات من أراضي الضفة الغربية، لتشمل ضمان إقامة 80% من المستوطنين في الضفة الغربية (إضافة إلى سكان الأحياء اليهودية في شرقي القدس) .

مستقبل غور الأردن من الوجهة الإسرائيلية

في هذا السياق، فإن لغور الأردن مكانة هامة في الرؤية السياسية الإسرائيلية، باعتبار أن المساعي الإسرائيلية صبت دوماً باتجاه منع أي تواصل جغرافي بين الكيان الفلسطيني المفترض وأي من الدول العربية المجاورة .

ومن حيث المعطيات على الأرض، يبلغ عدد المستعمرات الإسرائيلية المقامة على امتداد غور الأردن 26 مستوطنة، تضم في ثناياها بضعة آلاف من اليهود المستوطنين، وسط 47 ألف مواطن فلسطيني يقطنون 20 تجمعاً دائماً، وعدة آلاف يعيشون في تجمعات متحركة، حيث تعتبر منطقة الأغوار وأراضيها، ذات المياه الوفيرة نسبياً، منطقة رزق للفلسطينيين، ومصدر هام للزراعة والإنتاج الحيواني الذي يسد رمق عشرات الآلاف من الأسر والعائلات، التي تعتاش على العمل المباشر فوق الأرض الفلسطينية هناك .

وفي الوقت الذي سعت فيه حكومة الجنرال آرييل شارون السابقة لتوسيع حدود مستوطنات الغور على طريق إيجاد اتصال مباشر بينها وبين الكتل الكبرى للاستيطان التهويدي من شرقي مدينة القدس، وتحديداً من كتل استيطان معاليه أدوميم حتى البحر الميت. فضلاً عن توسيع مستعمرة غوش عصيون على تخوم مدينة الخليل حتى الأغوار الجنوبية. وكل ذلك يجري منذ فترة لتنفيذ ما أفصح عنه زعيم حزب كاديما الجديد إيهود أولمرت، تحديد حدود الدولة العبرية في سياق خطة الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، وهي الخطة التي ينوي أولمرت تنفيذها، ويلقى في هذا الصدد تجاوباً من حزب العمل وحتى حزب شاس فضلاً عن كتلة ميرتس، وهم الحلفاء المرجحون لحزب كاديما بعد إعلان نتائج انتخابات الكنيست السابعة عشرة، وبالتالي فان مسألة السيطرة على غور الأردن، واعتباره بمثابة الحدود الشرقية الطبيعية للدولة العبرية، تقع على سلم أولويات التحالف المنتظر في الائتلاف الحكومي المتوقع في “إسرائيل”. عدا عن أن هكذا حدود ستمنع بالضرورة وجود أي شكل من أشكال التواصل بين الكيان الفلسطيني المفترض والدولة العربية الشقيقة المجاورة لفلسطين، وهو ما يحرم الفلسطينيين أيضاً، بعدهم القومي، ويجعل من كيانهم المنتظر أشبه بالمعازل التي كانت سائدة إبان حكم التمييز العنصري في جنوب إفريقيا .

وعليه، فإن رئيس حزب كاديما كرر القول بعد فوز حزبه، من أن مصير غور الأردن سيكون باعتباره «حدودنا الأمنية والآمنة على امتداد النهر. ولهذه المسألة اعتبارات استراتيجية لا نستطيع التنازل عنها». وفي هذا السياق، كانت الحكومات الإسرائيلية السابقة، قد خصصت للمستوطنات الإسرائيلية في غور الأردن أراضي فلسطينية واسعة بغرض استيطانها، وتركتها تنهب على يد أحزاب الاستيطان واليمين التوراتي، بذريعة «الأسباب الأمنية» والعسكرية، وفق استراتيجية «السور والبرج» أي المستعمرة والموقع العسكري. يذكر أن أغلبية مستوطنات غور الأردن ومعسكرات جيش الاحتلال، أقيمت على اراض تسميهم المصادر الإسرائيلية بـ «الغائبين» .

وفي مطلق الأحوال، تنظر القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية في تقاريرها التي سبق وأن قدمتها للجنرال شارون قبل موته السريري ، ووفق الخطة التي طرحها إيهود أولمرت في إطار التقارير المشار إليها، ضم شريطاً طوله 120 كيلومتراً، وعرضه الأقصى 15 كيلومتراً، خصوصاً أن غور الأردن يقع في المنطقة «ج» من خريطة اتفاق أوسلو، وهي المناطق الواقعة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة، باستثناء جيب مدينة أريحا .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة طفل واعتقال شاب في الخليل

إصابة طفل واعتقال شاب في الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب طفل برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، في مدينة الخليل بالضفة الغربية. وقال الهلال الأحمر...