عندما تكون الطائفية بديلاً عن العروبة والإسلام

ليس صدفة ولا عبثاً أن أعدم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بتلك الطريقة..، في صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك.
فما جرى كان بلا شك نتيجة دراسة وإرادة أمريكية وجدت القبول والترحاب من الحكومة العراقية المدعومة إيرانياً.
فلا يعقل أن نصدق أن واشنطن كانت عاجزة عن وقف عملية الإعدام أو إرجائها إن هي أرادت ذلك؛ فهي التي تهيمن على النظام الحاكم وتأمر وتنهى، وتمسك بصدام حسين بيد من حديد.
ولكن السؤال: ما هي المصلحة الأمريكية في إعدام الرئيس صدام حسين بهذه الكيفية، وفي هذا الوقت الحساس والمقدس لدى المسلمين؟
قبل التطرق إلى الإجابة على هذا السؤال، لابد من سوق بعض الحيثيات التي لازمت حادثة الإعدام على النحو التالي:
-
أن إعدام صدام حسين جاء على خلفية “محاكمته” بأحداث متعلقة بالطائفة الشيعية بعيداً عن الأحداث المتعلقة بالأكراد، وبعيداً عن “تهمة” حيازة أسلحة دمار شامل وخوض حروب إقليمية..
-
أن تنفيذ حكم الإعدام تم مباشرة إثر توقيع رئيس الوزراء (الشيعي) نوري المالكي، وذلك بعد إجراء تعديلات دستورية سمحت بتجاوز رئيس الجمهورية “طلباني” (الكردي) الذي ألمح إلى أنه لن يوقع على قرار إعدام صدام.
-
أن واقعة الإعدام تمت بحضور مسؤولين وشخصيات شيعية أبرزت شماتتها، وحقدها، وطائفيتها من خلال الشعارات المؤيدة لمقتدى الصدر المتهم برعايته لأجهزة أمن مسلحة تستهدف قتل علماء وشخصيات سنية بارزة ناهيك عن القتل على الهوية..
-
مسألة التوقيت، أي صبيحة يوم عيد الأضحى، آذت مشاعر المسلمين وخاصة أهل السنة، كما بعثت برسالة استخفاف وازدراء لاسيما عندما علّق رئيس الوزراء نوري المالكي بأن عيد الأضحى لدى الشيعة يصادف اليوم التالي لواقعة الإعدام، الأمر الذي يعني إنكار “الشيعة” أو جزء منهم لوقفة عرفات التي تمثل إجماعاً إسلامياً على مستوى العالم.
-
ظهور إيران، كأحد أبرز الشامتين والمرحبين بإعدام صدام حسين لدرجة أن ذهب السيد رفسنجاني إلى القول بأن إعدام صدام “تحقيق للعدالة الإلهية”، رغم إجماع المراقبين ومؤسسات حقوق الإنسان على أن محاكمة صدام تفتقر إلى أبسط معايير العدالة..
ما سقناه يقودنا إلى أن الولايات المتحدة أرادت من تلك الواقعة بكيفيتها وحيثياتها وتوقيتها، أن تكون شيعية الإخراج والتنفيذ، سعياً لتحقيق هدفين رئيسيين يتمثلان في:
أولاً: إثارة النعرة الطائفية في منطقة الشرق الأوسط بعد فشل الإستراتيجية العسكرية لواشنطن في العراق وأفغانستان ولبنان و..، وبالتالي اعتماد الفتنة الطائفية لتأجيج الصراعات الداخلية والبينية بين الدول العربية والإسلامية لإحداث فوضى تحصد ما تبقى من تماسك هش للدولة القومية أو الوطنية، مما يعني تغليب الطائفية على المواطنة والهوية الوطنية، وإلى تفكيك الدولة الوطنية إلى كيانات سياسية على أسس طائفية.
هذا المشهد بلا شك سيخدم دولة إسرائيل المحتلة ـ الساكنة في عقول المحافظين اللاهوتيين الجدد ـ ويجبر كسرها بعد هزيمتها النكراء في لبنان، ويجعلها الدولة الأقوى بلا منازع في الشرق الأوسط بعد أن تضمن أمنها بمزيد من الانقسام العربي والإسلامي.
ثانياً: سعي الولايات المتحدة إلى استثمار نتائج إعدام صدام حسين بأيد شيعية إلى تشكيل جبهة عربية رسمية سنية، مستغلة حالة الاستياء التي عمت الشارع السني ـ بعد شعوره بالإهانة والاستخفاف بسبب توقيت الإعدام لصدام حسين وملابسات الحادثة ـ ، لخلق مزيد من الانقسام في المنطقة على أساس طائفي يمهد الطريق لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، بعد إبراز المشروع النووي الإيراني على أنه مشروع طائفي شيعي موجه ضد السنة..
لا شك أن حادثة إعدام الرئيس صدام حسين، والموقف الطائفي الشيعي الإيراني ـ العراقي منها سيمثل فرصة لواشنطن لإحداث مزيد من الانقسام والتجييش الطائفي على حساب الهوية العربية والإسلامية التي أفرزت نماذج متقدمة وقفت في وجه الغزو الصهيوأمريكي، وما الدعم السني لحزب الله اللبناني الشيعي المقاوم وما الدعم الشيعي للمقاومة الفلسطينية إلا شاهد على أهمية التلاقي على الهوية الإسلامية بعيداً عن الطائفية المقيتة التي تحاول واشنطن وتل ابيب زرعها والترويج لها من خلال اختراق الصف واستغلال الغوغاء والجهلة والمغرضين من ضعاف النفوس.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...