الحكومة.. وسياسة المبادئ

إن الناظر نظرة المتفحص في الداخل الفلسطيني يرى وبوضوح معالم مرسومة لسياسة جديدة، يصح للناظر أن يسميها ” سياسة المبادئ “، مع ما تحمل هذه التسمية من جمع للمتناقضات معا في آن واحد !
فالسياسة في القرن الماضي وحتى تشكيل الحكومة الفلسطينية الحالية كانت تتسم بالعشوائية وتقوم على ردود الأفعال غير المنضبطة ، بل لا أبالغ حين أقول أنها لم تكن قائمة على مبادئ عامة بل لا تتفق مع أي مبادئ على الإطلاق فقد كانت تتسم بالكذب و التضليل والخداع ، وما زلنا نذكر وعد بلفور الصادق ووعد بوش الكاذب ! وما كامب ديفيد الثانية إلا نتيجة طبيعية لهذه السياسة ، فكيف تجتمع ومبادئ الحق والعدل والحرية والمساواة ، فالاحتلال هو الاحتلال مهما حاولنا أن نزين طبيعته الكريهة إلى النفس .
ولأول مرة منذ عقود مع هذه الحكومة تجتمع المتناقضات لتشكل نمطا غريبا من السياسة من حيث الشكل ؛ ولكنه مع هذه الحكومة أخذ طريقه في مداخل السياسة ليحولها من فن الكذب إلى القيام على القضية من جديد بما يصلحها ، وأراه يتخذ طريقه ليصبح منهجا وبرنامجا سياسيا وطنيا ، هذا طبعا بعد أن يستوعب ” الحرس القديم ” مجمل التغيرات والمعادلات الجديدة التي أرستها الانتخابات الأخيرة . ولكن هل تستطيع هذه السياسة أن تفرض نفسها على مجتمع دولي قام على الغطرسة والعدوان ، والكيل بكل مكاييل الأرض خاصة حين يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة !
إن الناظر إلى الوضع العام بعد تشكيل هذه الحكومة يرى استحالة أن تستمر أكثر من شهرين أو ثلاثة على أكثر تقدير ـ وبسبب سياسة المبادئ ـ واعتقد الكثيرون أنها ستسقط بمجر أن تبدأ ألاعيب السياسة من الداخل والخارج ، والضرب من تحت الطاولة وفوقها وعن يمينها وعن شمالها ، لعلمهم أن من تسلموا زمام الأمر هم أشخاص عقائديون لا يمكن لهم أن يتأقلموا مع هذه الأجواء ولا أن يديروها ، علما بأنه ومن الناحية النظرية البحتة كان بإمكان هذه الحكومة أن ترمي بالحرس القديم إلى زاوية التاريخ المظلمة لو أظهرت استعدادا بسيطا للتفريط بالمبادئ ، ولكن هيهات أن تفعل وهي التي خرجت من رحم حركة حافظت على وحدتنا الوطنية في أحلك الظروف رغم ما تعرضت له من الحكومات السابقة من اعتقالات واغتيالات وعنف ، ولكنها استبدلته بتحريم الاعتقال السياسي بل وتجريمه !
والواقع أن المؤسف والمثير للعجب أن بعضا من أبناء شعبنا والمحسوبين على قواه الوطنية يدفع باتجاه هدم هذه السياسة، ويدفع باتجاه التفريط بالحقوق، ثم يزعم أن ذلك من مصلحة شعبنا ! وهنا أتساءل : ما المصلحة التي جناها شعبنا من عقود خلت من التنازل تلو التنازل والانبطاح بعد الانبطاح بدعوى الاعتراف الدولي والتسويق الدولي ـ على أهميته ـ وماذا يفيد الاعتراف الدولي إذا كنا أفقدنا أنفسنا كل ما يمكن لنا مستقبلا أن نفاوض عليه وهنا أنفسنا بل وقوت أبنائنا ومستقبل أجيالنا برضا الآخرين عنا ، هذا الرضا الذي لم يجلب لنا الحقوق ولم يحرر لنا الأرض ، بل إننا إذا سلمنا للمجتمع الدولي بشروطه على ماذا سنفاوض بعد ذلك ؟
إذن ، فأملنا الوحيد هو رفع سقفنا من جديد لتصبح لدينا أوراق نستطيع من خلالها أن نكلم العالم هذا العالم الذي لا يفهم إلا لغة القوة والثبات ، وعلينا أن نفرض عليهم بثباتنا أن يعترفوا بحقوقنا قبل أن يطالبونا بالاعتراف للسارق بملكية المسروق ، والاعتراف بحقنا المشروع في المقاومة ، قبل أن يطالبونا بنبذ ” الإرهاب ” ، وعلى الشرعية الدولية أن تنصفنا أولا حتى يطالبنا العالم بأن نعترف بها !
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم لليوم الـ103
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ103 على التوالي، ولليوم الـ90 على مخيم...

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام وثق مركز معلومات فلسطين "معطي" استشهاد 1000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر...

استطلاع: نتنياهو يحصل على 48 مقعدًا والمعارضة 62
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام كشف استطلاع رأي نشرته صحيفة معاريف، اليوم الجمعة، أن ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيحصل على 48 مقعدًا في...

الاحتلال يعترف بمقتل جنديين في اشتباكات رفح ويكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، تفاصيل ثقيلة لخسائر صفوف جنوده خلال اشتباكات وقعت يوم أمس في...

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...

صدمات نفسية تحول دون التحاق الاحتياط بجيش الاحتلال
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت دراسة إسرائيلية، أن نحو 12 بالمئة من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، الذين شاركوا بحرب الإبادة في...

الحوثي: أولويتنا إسناد غزة والعدو فشل باستهداف قدراتنا
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكد قائد جماعة "أنصار الله" اليمنية عبد الملك الحوثي، يوم الخميس، أن أمريكا و"إسرائيل" فشلتا في مواجهة القدرات...