السبت 10/مايو/2025

الحركات الطلابية الإسلامية و صناعة الوعي السياسي

وردة الأنقـر

الأصولية ،و الإرهاب،و العولمة ، و اللاساميه… وغيرها من الكلمات التي ألقيت إلى مجتمعاتنا كالقنابل الموقوتة القابلة للانفجار في وجه أي نشاط سياسي إسلامي في مخطط يهدف لتدمير الصحوة الإسلامية. وفي ظل وجوم البعض و عزوف البعض الآخر عن تحليل مضمون تلك المسميات و ما تخفيه وراءها من مشاريع استعمارية كبرى.وفي خضم هذه الحالة من الاغتراب السياسي و اللامبالاة التي سادت بين أوساط الشباب المسلم. كل هذه المعطيات تجعلنا نسأل  عن الدور الذي تقوم به الحركات الطلابية الإسلامية لمواجهة تلك الاختراقات السياسية.

دور الحركات الطلابية في الجامعات

إن أهمية الدور الذي تلعبه تلك الحركات يكمن في أنها تخاطب الفئة الشابة بل والمثقفة التي تكون فيما بعد صانعة للقرار في الدولة ،  وبالتالي يمكن القول بأن الحركات الطلابية تخاطب من خلال هؤلاء الشباب الرأي العام بأكمله. قد يبدو الأمر غريبا،  لكن تلك الغرابة تزول بمجرد أن نعلم بان مجتمعاتنا الإسلامية هي مجتمعات شابة تسود فيها الفئة العمرية ما بين 14- 35 عام.على عكس المجتمعات الغربية التي تنخفض فيها نسبة الشباب قياسا إلى الفئات العمرية الأخرى من الأطفال والشيوخ.

إن الدور الأكبر الذي تلعبه تلك الحركات هو إخراج الطالب من دائرة همومه الشخصية إلى هموم أمته ، و قضاياه المصيرية. في محاولة منها لتوسيع افقه الفكري لقراءة خطاب العصر ، و فهم طبيعة السلطة السياسية ، و إدراك العلاقات بين الأحزاب السياسية الفاعلة من خلال رصد ، و تحليل الأحداث المتسارعة لمعرفة القوى المؤثرة في صناعة القرار السياسي. وهي بذلك تفوت الفرصة على سائسي العقول الساعين لتضليله سياسيا عندما يكوّن موقفه السياسي الخاص بناء على مرتكزات تتوافق مع دينه وثقافته وتاريخه .

وتدرك الحركات الطلابية بأن هذه المعرفة السياسية ستحصد ثمارها بعد حين عندما تترجم تلك المعرفة و هذا الموقف السياسي إلى مكون آخر من مكونات الوعي السياسي وهو المشاركة السياسية التي يساهم الطالب بها في صنع القرار من خلال اختيار من يمثله في مراكز القوى في الدولة عبر الانتخابات البلدية و التشريعية وحتى الرئاسية .

الحركات الطلابية وإشكالية الوعي السياسي

تتميز الحركات الطلابية الإسلامية في تصنيعها للوعي السياسي عن غيرها في أنها تتبنى السياسة  بمفهومها المطلق وهو النظر في شؤون الأمة الداخلية و الخارجية غير مقيدة بالحزبية بأي حال من الأحوال. و تعتمد في صناعتها للوعي السياسي على مرتكزات عدة أولها هو المرتكز الديني و اعتبار أن الوعي السياسي جزء لا يتجزأ من الواجب الديني لكل مسلم  وهذا الواجب يفرضه التعريف الذي وضعه الإسلام للسياسة حيث عرفها على أنها رعاية شؤون المسلمين . ودون هذا الوعي سيتخبط الفرد في صراعات يحاول البعض أن يقحمه فيها وبالتالي لن يكون قادرا على خدمة شؤون المسلمين بالقدر المتوقع منه. و ستضطرب شؤون المسلمين ولن يقوم الفرد بخدمة إسلامه على النحو السليم لأنه قد يوظف في بعض الأحيان في مشاريع تدميرية لدينه و مجتمعه دون أن يدرك هو ذلك.

يقول الأستاذ محمد الغزالي رحمه الله:” إن الفكر السياسي عند جمهرة المتدينين يتسم بالقصور البالغ، إنهم لا يرون الفساد ولا يعرفون سببه ويقرؤون التاريخ ولا يكشفوه عبره فانهزمنا في عصرنا.

 من خلال هذه الإسقاطات الضوئية يتضح أن الصحوة الإسلامية لا تقوم إلا بالوعي السياسي الذي يعتبر المدخل الأساسي لمعرفة العصر و إنجاح مشروع الصحوة الإسلامية. إذن يكون الوعي السياسي هو أولوية عند كل مسلم لحق بقطار الدعوة. فكل مسمى من المسميات التي سبق ذكرها كالأصولية و مكافحة الإرهاب كفيلة بأن تحيل فجر الصحوة الإسلامية إلى ظلام لو لم تجابه بحملات مضادة إعلامية توعوية في أوساط الشباب يدرك من خلالها عظمة إسلامه و قيمته في حياة الفرد والمجتمع .

حركاتنا الطلابية و قيادة الرأي العام

لكي تبدأ حركاتنا الطلابية الإسلامية في الجامعات بقيادة الرأي العام فإنها مطالبة بمخاطبة الشباب عبر كل وسائل الإعلام المرئية كالأفلام الوثائقية التي توضح نشاطات الحركة الإسلامية وإبراز النجاحات التي حققتها ليكون الإقناع مع الإمتاع متلازمين، أو من خلال الإعلام المسموع عبر المحاضرات التي توجه الصحوة الإسلامية و ترشدها لكي يكون الزحف منتظما في خطوه و معتدلا في سيره، ومن خلال الإعلام المقروء و هو الأهم لأنه يبقى الوسيلة الأكثر انتشارا فعليها أن تستغل الوقفات الطلابية والمهرجانات الخطابية التي تعرض عادة بمضامين جهادية إسلامية يتم من خلالها توجيه الفكر بالكلمات المكتوبة عبر البيانات السياسية التي تعبر عن مواقف الحركة الإسلامية من تلك القضايا المصيرية.

ولابد من أن تخرج عن سياسة التفجير الوقتي للطاقات الذي يتكرر عادة بعد كل حدث تثور له الأمة الإسلامية لما يحدث في فلسطين والعراق .لينتهي هذا الكم الهائل من المشاعر و التعاهد على مناصرة الإسلام في غضون ساعات قليلة. في تجلي واضح عن غياب استراتيجية عملية للحركات الطلابية للاستفادة من هذا التجمع الكبير والتوحد على قضايا الأمة في نشر الفكر الإسلامي.

إن ضعفنا في هذا الجانب لا يظهر إلا إن قارناه  بذكاء الصهيونية في نشر ادعاءاتها الكاذبة و مدافعتها عن حقوق زائفة هي في الأصل مسروقة من شعوب أخرى. نذكر هنا حادثة سرقة النجمة السداسية التي كانت على عملة المغرب لعشرات السنين،حيث تنازل عنها المغرب بسهولة فيما بعد و اسقطوا تلك النجمة من علمهم ليستبدلوها بالنجمة الخماسية. وهذا التنازل في حقيقته هو ليس تنازلا عن مجرد إشارة على علم ولكن عن رمز للحضارة الإسلامية. تاركا نجاحا مُحققا للصهيونية التي استمرت في دعايتها الكاذبة إلى أن أصبح عرض تلك النجمة أمام الجماهير الإسلامية من اشد الأشياء على نفوسهم فسرعان ما تتولد لديهم مشاعر الحقد و الغضب النابع من ربطهم بين تلك النجمة التي انتقلت في دلالتها  عندهم من رمز لحضارتهم إلى رمز لعدوهم. لقد نجحت في بث تلك الادعاءات الباطلة من خلال الإعلام  فلاعبو كرة القدم في فريق هبوعيل يتحينون الفرص عند تسديد أهدافهم لكي يبرز اللاعب بعدها النجمة السداسية في وقت تتسلط فيه عدسات الصحافيين والإعلاميين عليه. فتحدث البرمجة الذاتية للمشاهد عبر الصورة لتأكيد أحقيتهم لهذا الرمز المسروق.

من هنا ندرك أهمية الإعلام وكيف يمكن أن تقود الحركات الإسلامية الرأي العام من خلال التأثير عليه بالصورة و الصوت و الإشارة لنشر أفكارها .

الصحوة و ترشيدها

ان الامتداد الكبير للصحوة الإسلامية يجعلنا ندرك انه إن لم يتم وضع خطط ممنهجة لترشيدها وتوجيهها لخدمة قضايا امتنا فستظل الأمة على حالها و سيتتابع تساقط الملتحقين بقطار الدعوة واحدا بعد الأخر بسبب عدم صحة الغرس الفكري لمفاهيم الحركة الإسلامية في عقول الشباب المسلم.

وبالتالي فالحركات الطلابية الإسلامية مطالبة بوضع رؤى مستقبلية واستراتيجيات مبنية على دراسات و بحوث تدرس الوعي السياسي للطلاب باعتباره الموجه الأساسي لمشروع الصحوة.وهذا يدعونا مجددا للتأكيد على أهمية وجود فريق يعمل على  رصد الرأي العام باستمرار و استطلاعه حول القضايا المطروحة على الساحة في خطوة تهدف إلى متابعة مدى نجاح مشاريع الصحوة الإسلامية داخل الجامعات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات