الأحد 11/مايو/2025

لكن أسرة عبدالله محمد طه لا عيد لها

رشيد
عبد الله محمد أحمد طه من قرية رافات من أعمال القدس ارتقى للعلا شهيدا يوم الجمعة 29/12/2006 الموافق ليوم عرفة في العام 1427 للهجرة. وجاء استشهاده متأثراً بجراحه التي أصيب بها بفعل الرصاص الغادر الخؤون وهو خارج من صلاة الجمعة، من مسجد البيرة الكبير بتاريخ 15/12/2006م، يوم أن ارتكبت الأيادي الآثمة من الحرس العباسي مجزرتها البشعة بحق المصلين، والخارجين من المسجد، المشاركين منهم في مسيرة الاحتفال بانطلاقة حركة حماس، وغير المشاركين الذين قادهم حظهم العاثر للتواجد في المكان والتعرض لصليات نيران الأسلحة الرشاشة وضرب الهروات من قبل جلاوزة حاكم المقاطعة.

ليس الشيخ الشهيد عبدالله أول ضحايا الانفلات الخياني المسلح والانسعار الغاضب من أجل آمال اللصهاينة؛ فحتى الساعة وقعت عشرات حوداث الاعتداء على أفراد ومؤسسات من حماس قادت الى استشهاد واصابة العديدين؛ كان آخرهم في الشهداء القاضي بسام عبد المالك الفرا من خان يونس وكان آخرهم في الجرحى المصابين اصابة بالغة عصام رجا العربي من برقين في قضاء جنين؛ وكأن على حماس أن تتحمل فجرات الخونة في كل أرجاء الوطن التي ابتليت بوجود البندقية المأجورة المنفلتة الملقمة رصاصا تحت عين يهود!

لكن ان كان منطق صراع الخير والشر ومنطق الحرب على الفجور يقتضي من الفريق الايماني بذل التضحيات أرواحا ودماء وأموالا؛ فانه يمكن تفهم فكرة تتابع جولات الفداء من أفراد ومؤسسات حماس – تفهمها لا لأن الجرائم أقل بربرية وهمجية؛ بل فقط لأن قدر الصالحين والساعين بذمة الاصلاح أن يتعرضوا لهذه الممانعة البربرية من الباطل وأهله. فاذا كان هذا حال الحزب المطلع بمهمة السعي بذمة الخير؛ فما بال الشهيد المسكين عبدالله؟ وما بال أهله؟ وما ذنبه وهو غير المسيس وغير المنتمي لحماس؟

الشيخ العجوز الستيني كان يعول أسرة من عشرة أفراد؛ وهو يرحل عن عالمنا – شهيدا حيا مرزوقا عند ربه باذن الله – فقط استجابة لغريزة منسعرة عند رجال مؤسسة عباس وفتح الأمنية؛ وهي غريزة غضبى مركبة من عدة أقانيم خيانية ومرضية…

فمن ناحية؛ الجماعة غاضبون على الناس لأن الجمهور اختار غير فسادهم وخيانتهم؛ ولذلك لم تكد تتوفر ظروف ملائمة حتى انفلتوا بغير ضابط للانتقام من الجمهور الذي صوت لغيرهم وولى مقاليد أمره للصالحين؛ على نحو يشابه فعل المؤسسات الأمنية الانقلابية في العالم العربي عقب كل انتخابات حرة؛ وعلى نحو ما حصل في الجزائر؛ وجاء الانتقام أعمى شمل المعنيين وحتى من كان في معيتهم على غير ميعاد! ولا يأتي هذا التصعيد الأمني العشوائي الطابع الذي طال عامة الناس – لا يأتي منقطع السياق عن أفعال زبانية المقاطعة؛ فهم حين كان عدوانهم السافر على فلسطين مقتصرا على الهجوم السياسي والتواطؤ ضد الثوابت والاشتراك في حصار الحكومة؛ فانهم أيضا فتحوا النار عشوائيا على كل الجمهور وعاقبوا الشعب عن طريق تجويعه بالكامل ما بين مسيس وغير مسيس؛ ومصوت لحماس وغير مصوت لها؛ وفي عملية انتقام قذر قادتها حفنة من السياسيين الناجحين في الانتخابات بشق الأنفس؛ أو الساقطين فيها سقوطا ذريعا مخزيا. عقدة الفشل وسحب التكليف من قبل الجمهور اذا كانت وقودا مغذيا لفجرات فتح في حق هذا الجمهور!

ولم يقتصر غضب هؤلاء الجلاوزة على الناس بل يمكن القول أنهم غاضبون على الله أيضا؛ اذا ما معنى أن يقف رجال أمن خارج المسجد وقت صلاة الجمعة؟ وما هو مبرر ترك الصلاة في ذلك الموقف؟ يفترض بالمسلم اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أن يذر البيع؛ فكيف وهو لا يذر البيع وحسب بل يتاجر مع الشياطين ويبيع روحه رخيصة لمطايا اسرائيل ويضرب بسيفهم المصلين الركع السجود؟

كذلك يمكن أن تعزى جريمة رام الله الى طبيعة التربية التي يتلقاها صبية الأجهزة الأمنية في العالم العربي؛ وهي تربية تلقم عقل العنصر أفكارا مفادها أن الجهاز هو طريقك للحياة؛ وهو وظيفتك وراتبك وضمان أسرتك الاجتماعي وضمان مستقبلهم؛ وكل عدوان على قيادته والجناح السياسي الذي يرعاه هو عدوان على رئتك التي تتنفس بها؛ فيخرج العنصر نتيجة لذلك معبأ ضد هذا الجمهور البغيض الذي يطارده في لقمة عيشه كما توسوس له شياطين الجن والانس؛ وكما تسول له نفسه الأمارة بالسوء!

لهذا كله لا يجب النظر للحادث على أنه مجرد افراط في استعمال القوة من قبل عنصر أمني وفي مخلص لمن في يده طرف السلسلة المتصلة بالطوق؛ بل الحادث جريمة اقترفتها المؤسسة بقيادتها السياسية والأمنية؛ ودم عبدالله عبث به ضباط وقادة أجهزة وساسة مرتشون من عجائز التفريط والتنازل. المؤسسة السياسية والأمنية التي تتبع الرئيس عباس مسؤولة عن دم الشهيد مسؤولية مباشرة؛ ومسؤولة مسؤولية مباشرة عن تفسير الموقف للأطفال المجتمعين في بيت العزاء؛ والذين سيرون الناس تقصد البيت في رافات معزية لكن براءتهم ستخلط موقف العزاء بالعيد فيطلبون من المعزين “عيدية”! وسيفتقد الأطفال في وجوه الوافدين للعزاء بشاشة الفرح بالعيد فلا يستطيعون لما يجري فهما؛ ولا يدركون أن في المقاطعة سياسيين من اخوان الشياطين لا يطفئ جذوة غضبهم الا دم فلسطيني طاهر زكي تحرر به وثائق اتفاقيات خيانة فلسطين!

عظم الله أجركم يا أسرة الشهيد
وأخلفكم في مصيبتكم خيرا وآجركم على الصبر والتأسي
ولا عفا الله عمن يحمل وزر دم الشهيد: من العنصر الذي ضغط على الزناد الى القائد الذي يرعى الانقلاب الارهابي الخياني!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات