الأحد 11/مايو/2025

يوم النحر لا يوم التناحر

عبد الرحمن أبو العطا

تمر الأيام العشر الأُولى من ذي الحجة سريعة لتمضي بما فيها من خيرات ورحمات تحمل في طياتها المعاني المباركة للطاعات والقربات إلى الله عز وجل، إنها لخير أيام العام كما أن ليالي العشر الأواخر من رمضان خير الليالي.

في هذه الأجواء الإيمانية التي تأخذ بالنفوس إلى مدارج السالكين نحو مرضات الله وغفرانه يختلط الحجيج ببعضهم في مشهد يثير في النفوس كوامن محبة الله ورسوله والمؤمنين فتجد أنفسا طيبة تتوق إلى الطيران حيث يطوف حجاج بيت الله الحرام قائلين: لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك .. لا شريك لك.

يقف الغني إلى جانب الفقير والقوي بجوار الضعيف كلهم يرتدون لباسا واحدا مجردا من الزخارف والنقوش التي تعد زينة تخفي الحقائق وتغير التصورات عن الأشخاص، إلى هناك تتجه الأنظار وخاصة من فلسطين التي تجاوز وقوعها في أسر الصهاينة الثمانية والخمسين عاما غبطة وسرورا بهذا الاجتماع الكبير الذي نأمل أن يتجسد دولة واحدة تضم المسلمين في شتى أنحاء الأرض.

وعلى أبواب عيد الأضحى المبارك يعيش الفلسطينيون ظروفا اقتصاديا وسياسية من أسوأ ما يكون في ظلال فلتان سياسي أفقد المواطنين الأمن تحت وطأة أعمال يقوم بها من لم يتأثروا وأظنهم لن يفعلوا بالأجواء الجميلة التي يلقي بها شهر ذي الحجة بما يحمل من معاني الإخاء والاجتماع على الخير.

نعم هناك جيوب فارغة من الأموال وبطون خاوية من الطعام ولكن هذا دأب الصالحين من قبلنا لا بد أن يبتليهم الله سبحانه وتعالى لينقي صفوفهم من الخبث فيظل صف المؤمنين متماسكا رغم المحن صلبا في وجه الرياح العاتية التي تعصف بالمجتمع.

وإن كان الحال كذلك فلا أقل من أن تتوقف التنظيمات الفلسطينية عن حالة العداء التي تشتعل نارا تحت الرماد وهذه دعوة لهم للتوحد تحت راية عز بها العرب والعجم جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وأشدد على أنها وحدها السبيل للخروج من المأزق الحضاري الذي تعاني منه الأمة الإسلامية جمعاء، ولا يكون ذلك إلى بجمع الكلمة والضرب على الأيدي الخبيثة التي تعمل لتفريقها.

وانتقلت العدوى على ما يبدو من التنظيمات إلى العائلات التي يجمع بينها الدين والجوار والدم فكلنا أبناء شعب واحد واجهنا معا حقبة صعبة ضد العدو الصهيوني حتى خرج بفضل الله وحده من قطاع غزة يجر أذيال الهزيمة، وما زلنا نصارعه في الضفة وغزة ونعاني من مخططاته لتهجير شعبنا من النقب وحيفا والجليل وهذا يستدعي أن ننبذ كل خلاف بين الأخوة وأن نوأد الفتنة باقتلاع مفتعليها وهذا دور الحكومة والأجهزة الأمنية وفقا لما تراه وزارة الداخلية، والقضاء المستند إلى شريعة الإسلام وحدها.

أرجو أن يكون عيد الأضحى المبارك لهذا العام جامعا للنفوس على طاعة الله ، وأدعو كل من كان له سلطة تنظيمية أو عشائرية أو دينية أن يبذل كل جهد مستطاع لجمع الكلمة وتوحيد الصفوف ونبذ التخاصم والتدابر والتناحر بين التنظيمات والعائلات الفلسطينية.

أبناء فلسطين أيها الكرام . . إن العملاء والجواسيس أمامكم فردوا إليهم بعضا من جرائمهم بحق شعبنا وقادتنا هؤلاء القوم الذين تلطخت أياديهم بالدماء الزكية التي تحمل البندقية للدفاع عن الدين والعقيدة وفلسطين أرض الأمجاد . . اقتلوهم بالحق فهم من يستحق القتل ولا توجهوا رصاصكم إلى بعضكم فيفرح بنا الأعداء.

يوم عيد الأضحى . . يوم النحر يدعونا إلى التزاور والتعاطف والتراحم ويحفزنا لإدخال البسمة على نفوس المحرومين على الأيتام والأرامل على الفقراء والمحتاجين ولن ينال الله لحوم أضاحينا ولكن نحن من ينال التقوى بفضل من الله إن أخلصنا النية له سبحانه وأفشينا السلام فيما بيننا.

وهذه دعوة إلى كل ذي شأن ليجعل من وقته في أيام العيد مكانا لزيارة ذوي الشهداء والأسرى وعيادة الجرحى الذين أخرجوا العدو بتضحياتهم ودمائهم وعذابات أبنائهم من ديارنا، فكم من عيد تحول إلى آلام بسبب العدو وجنوده المجرمين وكم رحم لم توصل بسبب إغلاقهم للطرق في قطاع غزة والضفة.

وبمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك أتقدم إلى أبناء شعبنا وأمتنا بالتهنئة الخالصة وأخص رمز عزتنا المجاهدين سائلا المولى عز وجل أن يحل العيد القادم علينا وقد تحققت الآمال وتحررت المقدسات، وأسأل الله أن يتقبل الطاعات فانحروا أضاحيكم باسم الله واعلموا أنه يوم النحر لا يوم التناحر .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات