لواء بدر… الفلسطيني

ياترى ماهو سر هذا الاهتمام المفاجئ من قبل الاتحاد الأوروربي والولايات المتحدة بقوات بدر الفتحاوية الموجودة بالأردن، ولماذا تلك الزيارات شبه السرية لمواقع تواجدها في الأردن، ولماذا التركيز على تدريب هذه القوات وتسليحها بالعتاد” الملاءم” قبل نزولها إلى غزة والضفة، هل هو لتقوية حرس الرئيس عباس؟ هل مايقرب من 70 الف رجل أمن فلسطيني، إضافة إلى بضع مئات من ميليشات المتنفذين في فتح غير كافية لضبط الأمن والنظام، في حين أنه من المفترض أن يقوم هؤلاء الألف عسكري بضبط الأمن في غزة والضفة وإيقاف حالة الفوضى الأمنية في غزة والضفة؟ مع من يتحدث هؤلاء، ومن يخاطبون؟ هل من المعقول أن العقل الفلسطيني والعربي ساذج إلى هذه الدرجة؟ أم هي استمرار لسياسة الاستخفاف والاستغباء التي درجت عليها قيادات متنفذة ،تعتلي ظهر فتح الأحدب، للشعب الفلسطيني. مع العلم أن أصغر طفل فلسطيني يجيد التفكير يستطيع فهم المعادلة ، وفك رموز الاستغباء ويردها إلى أصحابها.
من الواضح للعيان، أن لهذه القوات دورا مشابها للواء بدر الشيعي الذي دخل العراق متزامنا مع قوات الاحتلال، ولسنا نتحدث هنا عن الانتماء العقائدي أو الطائفي وانما القصد هو الدور السياسي- الامني الذي سيضطلع به هؤلاء “الألف”، حيث أن الغاية واضحة، والوسيلة بادية للعيان، مدخلاتها الأمنية الصهيو-امريك-أوروبية لا تخفى على أحد بل ويجاهر بها علنا، ولا أحسب أمريكا ومن خلفها لأوروبا تدعمان مشروعا إلا كان وبالا وبلاءً، بدءا من الحرب العالمية الثانية ووصولا إلى العراق ومن قبل أفغانستان، كلما اصطفتا سويا حل الخراب والدمار بمشاريعهما في المنطقة المستهدفة.
والأكثر غرابة هنا الصمت المطبق لفتح وقياداتها المتنفذة الممتشقة ظهر الفتح الأحدب ، وعدم الخوض في الموضوع وكيف تقبل قيادات شريفة في فتح أن تقوم امريكا وأوروبا بدعم قوات تحمل اسم فتح لتكون طليعة لحرب اهلية ضروس، في حين أن مغاويرهم تملأ الأجواء زعيقا، ويسدون بنيران أسلحتهم قرص الشمس وهم يحتجون على تواجد القوة التنفذية التي تتبع وزارة الداخلية وتسليحها ودعمها وطني بحت، هؤلاء غير مرغوب فيهم في حين أن “لواء بدر” “حاجة فلسطينية ملحة”؟!
انها النظرية ذاتها التي افترضتها سابقا وثبت صحتها على الأرض، فتح ولى زمانها ولم يتبقى منها إلا ظهر أحدب يمتطيه الموقوذة والمنخنقة، والنطيحة والمتردية، ولكن تأبى تلك العصابات المستفيدة ماديا إلا أن تتمسح بذاك التاريخ الذي جعلوا منه “هولوكستا” يتباكون عليه كلما ذكر مخلوق اسم فتح وأصبح من يتكلم على فتح بسوء كمن ينكر المحرقة النازية لليهود، فتقوم الدنيا ولا تقعد، فاليهود إلى اليوم يذلون الألمان بهذه المحرقة، ويستجدون العالم ليعوضهم عن المذبحة الأليمة التي تعرضوا لها، في حين أن الغجر في تلك المحرقة فقدوا فعليا عددا موازيا لما فقده اليهود لكنهم لا بواكي لهم، وبذات الطريقة يريد فرسان الظهر الأحدب أن يذلوا الشعب بتاريخ حركتهم، فهم فعلا تاريخ ولا حاضر لهم، ولو أن لهم بطولة واحدة من بعد الكرامة لاستصدروا قرارا من منظمة التحرير بوجوب اعتبار فتح الديانة الرابعة على الأرض!!
السؤال لماذا هذه القوات الآن، لا حاجة إلى التفكير العميق فالحقائق على الأرض تقول التالي:
حماس تتعاظم قوتها السياسية والعسكرية، ويتسع نطاق دعمها الشعبي فلسطينيا، عربيا، اسلاميا، الحكومة بقيادة حركة حماس استطاعت تحقيق اختراقات استراتيجية في الحصار المضرورب على الشعب الفلسطيني، وملامح استسلام المحاصرين بدت تتضح معالمها يوما بعد يوم، فقد كان التعويل بناءً على تقييمات فرسان الظهر الأحدب انها لن تستمر سوى بضعة شهور لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ثم تنهار وهو مالم يحدث، وما حدث هو قناعة تترسخ بأن حماس اكثر قدرة وانضباطا وتنظيما لإدارة شئون الشعب الفلسطيني، وهو ما تثبته التقارير الرسمية للمؤسسات الدولية العاملة في الأراضي المحتلة، إضافة إلى التقارير الاستخبارية التي تتلقاها استخبارات الدول الغربية عن طبيعة ما آل إليه وضع حماس بعد الحصار. أضحت حماس حقيقة واقعة بدأ يتقبلها النظام العربي ولو على مضض، وآخرها تجميد الخلافات بين حماس والحكومة الأردنية التي رأت أن التعامل مع حماس أصبح حتمية سياسية وضرورة اقليمية. الاحتلال الصهيوني ذاته يقر وعلى لسان قادته كل يوم أن حماس لم تعد مجموعات صغيرة يمكن القضاء عليها أو التخلص منها، بل أضحت قوة لا يستهان بها على الأرض بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، أن حماس باتت تمتلك مقاليد المعادلة الفلسطينية أكثر من أي طرف آخر، في حين فتح لم تعد لها قيادة ولا قاعدة بل أمست ميليشيات يقودها بعض الشخصيات المتنفذة. هذا الواقع، مطلقا، لا يستسيغه ابو مازن وفرسان الظهر الأحدب من حوله، لذا فقد بات لزاما عليهم العمل بكل قوتهم وبإستخدام اي وسيلة كانت ليس لانقاذ فتح، أبدا، لكن لتحطيم هذه الصورة وإعادة تشكيلها لما كان عليه سابق عهدها، إنها يا سادة وبكل بساطة معركة البقاء الأخيرة، لسان حالهم يقول “نكون أو لا نكون” إما أن نكون على ظهر هذا الشعب أو فليذهب الجميع إلى الجحيم! لذا فما يحصل الآن على الأرض هو مرحلة طبيعية ( ولا أقصد القول أنها مقبولة) لكن ما يحدث هو أمر متوقع، ونظريا يمر بمرحلة من مراحل التحول الاجتماعي والسياسي، وهذا الحراك بإجماله قد يمر به اي شعب مع اختلاف الشكل والمضمون.
فرسان الظهر الأحدب لا يتوانون عن رفع التقارير للأنظمة وأجهزة استخبارات الدول الغربية، لكي تشرح وتحلل لهم طبيعة الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية، هذه التقارير أشبه بتقارير المعارضة العراقية قبل احتلال العراق إذ كانت تلك التقارير تؤكد للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، أن الشعب سيستقبلهم بالورود! وهذه معضلة حقيقية للدول الأوروبية لاعتمادها شبه الكلي على تقارير هذه الجهات التي تقولب التقارير بما يحقق مصلحتها الذاتية، ويتقاطع في ذات الوقت مع مصالح الحكومات الغربية ذات العلاقة بالوضع في الشرق الأوسط، فتبني سياساتها بناء على ذلك وتقع في مآزق لا تحسد عليها بفضل الغباء المستحكم في الاعتماد على مثل هذه المصادر العقيمة للمعلومات والتي أقرت العديد من الأنظمة وعلى رأسها الولايات المتحدة بأنها كانت مضللة.
الحقيقة مرة، والأعمى من فقد بصيرته لا بصره، يجب أن نفتح أعيننا وبصيرتنا واذهاننا جيدا، ونحسب لكل خطوة حساب، ولا نترك الأمور على غاربها، فتلك الأصابع الخبيثة التي عبثت بأفغانستان، والعراق ولبنان والآن في فلسطين لن تتوقف عند حد طالما وجدت من يتعاون معها ويقودها لمواضع تخذيل الأمة، ويستمتع بعبثيتها بل ويدفع بها لتخترق الجسد، تلك يجب الوقوف على تحركاتها جيدا ووضع حد لها،، وإن لم يؤخذ على أيديهم فستغرق السفينة بمن فيها وما فيها، وإن ضرب على أيديهم نجى الجميع، كل تأخير عن تشخيص أسباب المرض وتحديد موضعه، هو تصريح مفتوح للانتشار وإصابة مواقع جديدة وتلك لا يعلم أحد متى وكيف ستضرب العقل والقلب فينهار الجسد كله.
فلسطين لم تعد تحتمل، شعب فلسطين لم يعد يطيق السجال، الناس كلت وتعبت، والفئات التي تدخل تحت نطاق الواقع الساحق تزداد، والذين أصابهم مس الفوضى يزدادون يوما بعد يوم، وفلسطين لا تحتاج ألف بندقية مجهزة صهيو-امريكيا لكي تعبث بأمنها وتعمق الهوة وتوسع دائرة الفوضى “الخلاقة”، بل تحتاج ألف عقل يفكر، ويخطط، وينفذ لكي تصل سفينة الفلسطينيين إلى شاطىء الأمان، عاجلا غير آجل.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...