لقاء عباس وأولمرت مسرحية ارضاء لإملاءات أمريكا

وقد شارك في الاجتماع الذي عقد في بيت أولمرت بالقدس المحتلة، إلى جانب عباس؛ رئيس الوزراء السابق وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد قريع، ورئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير صائب عريقات.
وكانت مصادر إعلامية قد تحدثت قبيل الاجتماع أنه سيبحث إزالة الحواجز وتسهيل الحركة على المواطنين والإفراج عن الأموال المجمدة لدى السلطات الصهيونية، إضافة إلى الطرح المنفرد الذي خرج به عباس مؤخرا بقراره الدعوة لانتخابات فلسطينية مبكرة.
وجاء اللقاء في الوقت الذي يتمسك فيه عباس بالإحجام عن الالتقاء برئيس الحكومة الفلسطيني إسماعيل هنية، خاصة لبحث العديد من القضايا العالقة في الساحة الفلسطينية ورأب الصدع الداخلي فيها.
ردود الفعل على اللقاء ونتائجه كانت عديدة من داخل وخارج الأرض الفلسطينية، وهي في غالبيتها اتفقت أنه لم يكن هناك تقدم نحو حل أو تسوية وآخرون اعتبره محاولة لتبييض صورة عباس وأولمرت وإرضاء واشنطن ولندن.
مشير المصري أمين سر كتلة “التغيير والإصلاح” البرلمانية، التابعة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، اعتبر أن السياسة التي ينتهجها محمود عباس تجاه الصهاينة، هي سياسة فاشلة وتعيد القضية الفلسطينية إلى الوراء. وقال: “إن الوعود التي قدمها أولمرت لعباس، هي “سياسة إعلامية، ومخطط شكلي دون أن يترجم على أرض الواقع”. وأضاف: “إن تاريخ اللقاءات حافل بالفشل للفلسطينيين، وحمل الأوهام والأحلام، حتى الحديث عن الأسرى، فإن التجربة تقول إن العدو الصهيوني عندما كان يبدي حسن نوايا، كما يصفها البعض، فكان يفرج عن أسرى شارفت محكومياتهم على الانتهاء”. وتابع: “لكن أمام المقاومة، وثبات حركة حماس، أولمرت نفسه أعلن عن استعداده للإفراج عن أسرى من أصحاب المحكوميات العالية، وهذه تمثل سابقة تاريخية لم تأت بالتفاوض والتنسيق الأمني واللقاءات المحمومة، لكنها جاءت بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل المقاومة والصمود واستراتيجية الخطف”.
وفي رده على وعود أولمرت لعباس، في ظل الحديث عن موافقة وزير الحرب الصهيوني على تفكيك عدد من الحواجز من أصل 400 أقامها الاحتلال؛ أجاب المصري: “هذا يدل على الاستخفاف بهذا اللقاء ومدى النظرة للجانب الفلسطيني من قبل العدو الصهيوني”، متسائلاً: “ما الذي قدمه عباس للشعب بإزالة بعض الحواجز؟ في حين أن المقاومة قدمت في قطاع غزة فك كل المستعمرات”.
واعتبر النائب الفلسطيني أن الحديث عن الإفراج عن 30 أسيرا، بأنها “خطوة إعلامية وشكلية، وليس أكثر من ذلك”، مشددا على أن المقاومة “ستفرج إن شاء الله عن مئات الأسرى، ويجب أن يدرك عباس بأن هذه السياسة فاشلة وتعيد القضية الفلسطينية إلى الوراء”.
وشدد على أن محمود عباس “ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بقضية الجندي الأسير جلعاد شاليط، ولا يملك الحديث في هذا الموضوع”، منوهاً إلى أنه مرتبط فقط بالأجنحة العسكرية التي تقف وراء أسر هذا الجندي.
ولفت المصري الانتباه إلى وجود قنوات تجري في اتجاه إبرام صفقة تبادل أسرى، “والعدو الصهيوني، بعد أن استنفذ كل خياراته، أقر بمبدأ التفاوض على قاعدة تبادل الأسرى، وأقر أولمرت خاضعاً بأنه على استعداد بالإفراج عن أسرى من أصحاب المحكوميات العالية وهذه سابقة تاريخية”.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اعتبرت الإجتماع بمثابة “عودة لدوامة المفاوضات الثنائية، التي تقود إلى متاهة ما سمي بعملية السلام المستمرة للعام الثالث عشر على التوالي”، دون أي نتيجة.وذكر ناطق باسم الجبهة أنه جاء،”استجابة للاحتياجات الصهيونية الأمريكية، بعد تعثر مخططاتهم للهيمنة، وبناء شرقهم الأوسط الكبير، نتيجة مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي وشعوب المنطقة”.
وأكد الناطق أن أولى الأولويات الوطنية هي عودة الرئاسة و”فتح” والحكومة وحركة “حماس” إلى طاولة الحوار الوطني الجماعي الشامل، باعتباره السبيل الأوحد لعلاج المتناقضات الداخلية، وصيانة الوحدة الوطنية والأهداف والحقوق الوطنية.
وأشار إلى أن هذا اللقاء “لا يعكس من قريب ولا من بعيد أي تغير حقيقي في جوهر السياسة الصهيونية، القائمة على مواصلة الاستيطان والعدوان والحصار، من أجل حلول انتقالية وجزئية وانفرادية من جانب واحد”.
وحذرت من استخدام هذه اللقاءات “غطاء للنشاطات الاستعمارية المحمومة في أراضي الضفة الغربية، وتهويد مدينة القدس، وفصل شمال الضفة عن جنوبها، وتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية، ومنع تواصلها الجغرافي، بهدف تقويض الممكنات الموضعية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كاملة السيادة وعاصمتها القدس”.
في المقابل اعتبر وزير شؤون الأسرى الفلسطيني وصفي قبها الإجتماع مجرد “ذر للرماد في العيون”، وأضاف أن عباس وأولمرت يعيشان “مأزقا”، وقال “لقد التقيا لمجرد أن يقال إن هناك نية لتفعيل عملية السلام”. وفيما يتعلق بوعود أولمرت بشأن الأسرى استبعد قبها أن يتم الإفراج عن معتقلين فلسطينيين، وقال “الجانب الإسرائيلي لم يكن يوما صاحب حسن نية لإطلاق سراح أسرى، وكان دائما يصف أسرانا بأن أيديهم ملطخة بالدماء”، مشيرا إلى أن محمود عباس لا يملك ورقة ضغط في هذا المجال على أولمرت.
وأضاف “عباس والحكومة الحالية التي تقودها حماس لا يملكان الحق في التفاوض لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل الجندي الإسرائيلي الأسير”، مؤكدا أن الفصائل الفلسطينية المسؤولة عن أسره هي وحدها المعنية بالمفاوضات، إضافة إلى الجهود المصرية المبذولة في هذا الإطار.
وتعليقا على التصريحات التي أدلى بها أولمرت، والتي عبر فيها عن وقوفه إلى جانب محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وإعلانه أنه “يجب فعل أي شيء لدعمه”، صرح مصدر مسؤول في حركة المقاومة الإسلامية حماس بمايلي:
لم يعد غريبا ولامستهجنا –بكل أسف- أن يعلن الإرهابي إيهود أولمرت رئيس الحكومة الصهيونية عن دعمه للسيد محمود عباس في المواجهة مع حركة حماس. إننا نعتبر أنه كان يفترض بالسيد عباس والناطقين باسمه الذين يهبون دائماً للتعليق عند كل شاردة وواردة إدانة هذه التصريحات ورفض أي دعم يأتي من الكيان الصهيوني الغاصب أو قوى خارجية، واعتباره تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للشعب الفلسطيني.
إن تصريحات أولمرت تكشف حقيقة المتحالفين مع هذا الكيان الغاصب، الذي يقتل أبناء شعبنا، ويحاصره ويجرف أراضيه، وتظهر للعالم أجمع أن من يدعي العفة ويطلق اتهاماته للأطراف الأخرى بالتحالف مع قوى إقليمية هو نفسه من يتحالف مع العدو الذي يمعن في حصار الشعب الفلسطيني والعدوان عليه.
جل الفصائل الفلسطينية هاجمت أو انتقدت اللقاء واعتبرت أنه لا يخدم القضية الوطنية. وقد جاءت هذه الإنتقادات في وقت تعرف فيه حتى حركة فتح التي يرأسها عباس تمردا على الدائرة المحيطة بالرئيس والتي انحرفت بمسار الحركة.
فقد هاجم بيان صادر عن “كتائب شهداء الأقصى”، الجناح العسكري لحركة “فتح”، بشكل لاذع، جناحاً محسوبا على رئيس السلطة، سبق وأن انتقد موقف فاروق القدومي، أمين سر حركة “فتح”، الرافض للدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.
وقال البيان، الذي وصف الانتقادات الموجهة للقدومي بأنها “ملوثة وصادرة عن أقلام ناكري المعروف”، إن “حركة فتح بقياداتها الميدانية وأطرها وعناصرها تقف خلف القائد فاروق القدومي، الذي سيبقى يحمل الصورة المشرقة العفيفة النظيفة للمسؤول الفلسطيني، دون أن يمسه أحد بأي شبهة فساد في الخلق والذمة والوطنية”.
وشككت الكتائب في دوافع الهجوم على القدومي، واتهمت فريقاً مقرباً من عباس بمحاولة قلب الحقائق. وقال البيان متسائلا: “لماذا هذه المحاولات باستمرار للتخلص من حراس الثوابت الفلسطينية؟، لماذا هذه المحاولات لعرقلة مسيرة الذي رفض أن يسيء لوطنه وقضيته، ورفض أن يكون مطية للتآمر على وطنه ومواطنيه؟، بل لماذا تلك المحاولات التي تساوي بين الطيب والخبيث، بين الحارس و(السارق)، وبين الصقور الجارحة والحمام الزاجل، وبين من يريد الوطن وبين الذين قايضوا الوطن من أجل مصالحهم الشخصية ونجموميتهم، وهم أنفسهم الخارجون عن الخط السياسي لفتح، والمتخلون عن برنامج العمل السياسي الوطني للحركة، خصوصاً زمرة المتصيدين المستشارين المقربين من عباس، الذين صاروا قادة ومسؤولين محسوبين على فتح بالصدفة، وفي غفلة من الرقابة والمحاسبة الثورية؟”.
في بريطانيا قالت صحيفة صحيفة ذي أوبزورفر أن هذا اللقاء جاء على أثر مباحثات معمقة بين الطرفين خلال الأيام الأخيرة، مشيرة إلى أن هناك رهانات كثيرة لدى كلا الزعيمين اللذين يحتاجان إلى تحقيق تقدم ملموس في عملية السلام لمواجهة مشاكلهما السياسية الخطيرة على المستوى الداخلي.
في فلسطين المحتلة قالت صحيفة جيروزاليم بوست إن الزعيمين أبديا تعاونا في إنتاج صور بطلب من كفيليهما الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، مشيرة إلى أن ذلك كان الاتفاق الحقيقي الذي جرى ليلة السبت. وتساءلت الصحيفة عن المكاسب التي سيحققها كل من عباس وأولمرت من هذه الجولة، قائلة إنه من الصعب فهم كيف ستضيف صداقة عباس الجديدة مع أولمرت شيئا إلى شعبيته أو كيف ستساعده على الوصول إلى اتفاق مع رئيس وزرائه إسماعيل هنية.
وتابعت أنه ليس هناك الكثير كي يكسبه أولمرت في اجتماع مع رئيس لا يستطيع أن يقدم شيئا، لافتة النظر إلى أن الزعيمين ليس لديهما خيار آخر، لا سيما أن السبيل الوحيد إلى تعزيز عباس يأتي عبر الدعم المالي والدبلوماسي من قبل المجتمع الدولي، وهذا لا يتحقق حتى ينأى بنفسه عن حماس ويظهر استعدادا للحديث مع أولمرت.
أما أولمرت فيحتاج من هذا اللقاء إلى دعم بلير وبوش اللذين لا يستطيعان تغيير حظوظه السياسية، كي يتملص من الضغوط التي تُمارس عليه للدخول في مفاوضات مع سوريا ومنح إسرائيل تغطية دبلوماسية إذا ما عثرت على سبيل للتعاطي مع التهديد الإيراني.
العديد من المعلقين الإسرائيليين أعتبروا أن محمود عباس قد وقع في الشرك الذي نصبه له إيهود أولمرت بموافقته على الالتقاء به في منزله الرسمي في القدس المحتلة. وعدد المعلقون والمحللون الإسرائيليون فوائد اللقاء بالنسبة لأولمرت، معتبرين أنه في مقدمتها قطع الطريق بشكل كبير على إمكانية تشكيل حكومة وحدة فلسطينية بجانب التخلص من توصيات لجنة بيكر- هاملتون الأمريكية الداعية لتسوية القضية الفلسطينية عبر إقامة دولتين.
وقال تشيكو منشيه المعلق السياسي في القناة التلفزيونية الإسرائيلية العاشرة: إن “أولمرت استغل اللقاء لتشجيع عباس على مواصلة التصعيد في مواجهة حماس، وحثه على عدم الموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية بمشاركة حماس”.
واستند منشيه إلى مصدر كبير في ديوان أولمرت ليؤكد أن “أولمرت معني تماما بمواصلة عباس تشدده في قضية حكومة الوحدة الوطنية، على اعتبار أنها غطاء بإمكان حماس الاختباء خلفه لمواصلة الحكم”.
وحسب المصدر نفسه، فـ”أولمرت يطمح في أن يتحول أبو مازن لمواجهة حركة حماس بشكل عملي وعسكري في قطاع غزة والضفة الغربية”.
أما ألوف بن المعلق السياسي في صحيفة “هاآرتس”، فقد قال أن عباس ساعد أولمرت بموافقته على اللقاء به والظهور معا أمام كاميرات التلفزيون وهما يتبادلان القبلات في “تضليل العالم والادعاء بأنه بات مشغولا في عملية سياسية تهدف إلى حل القضية الفلسطينية”. وأضاف “بن” أن أولمرت أراد من خلال لقائه بعباس مساعدة الرئيس بوش على التخلص مما جاء في تقرير لجنة ” بيكر
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...