أم الكبائر الفتحاوية

نحو العشرة أيام الأخيرة التي انفضت كانت حافلة بجرعات مركزة من الكبائر الشرعية والأخلاقية والوطنية التي قارفتها فتح؛ وسيكون لهذه العشرية صدى كبير في التأريخ لفاجعة انعطافة هذه الحركة وتحولها من حركة تحرر وطني الى تشكيل عصابي مرتهن بارادة وأجندات حفنة من المنتفعين الخونة؛ والأعداء للتحرير ولفلسطين معا؛ أو الأعداء للمركبين الذين صنع منهما اسم فتح ذات يوم في ستينيات القرن الماضي!
هذه الكبائر توالت في الأيام القليلة الماضية بشكل مطرد ومتسارع؛ حتى أنها بلغت بفجور الخيانة حدا جعل كل ماضي فتح في الفساد والتفريط منذ ايلول ١٩٩٣ في كفة ؛ وما حدث في هذه الأيام العشرة في كفة أخرى! بل أنه يمكن القول بكل ارتياح أن فتح قدمت في ثلث شهر ملخصا مركزا لكل تاريخ الحركة في التراجع والنكوص والتبديل لا في حقبة أوسلو وحسب؛ بل حتى منذ أيام الاقدام والاحجام – بتمنع الراغب – نحو مبادرات التفريط القديمة منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي! ذلك حين كانت الخيانة عيبا؛ وحين كان على أمثال عباس وياسر عبدربه العمل بشيء من الخجل؛ ان لم يكن خوفا من الجو الفتحاوي العام المعادي للخيانة آنذاك؛ او رهبة من سطوة جيل القادة الكبار في فتح – الكبار بحق لا بالعمر بالضرورة – فعلى الأقل تحسبا لشطحات أبي نضال وفرق اغتيالاته التي نشطت لأسباب لم يكن مهما حينها ان تكون نظيفة في كل حال!
وفي هذا الجو الموبوء؛ يحار المرء فعلا في اختيار أسوأ ما قارفته فتح في جولة الردة الوطنية هذه؛ وتبدو مهمة التصفية بين القبيح والرديء صعبة حقا؛ فهناك الانقلاب على الخيار الحر للشعب الفلسطيني؛ وهو انقلاب تم لاقصاء الجهة التي ترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وترفض بيع فلسطين! ثم هناك الدعم الصهيوني السافر والعلني والتسليح الأمريكي والاسناد السياسي الغربي الذي لم يبذل أعداء الأمة جهدا في توريته! ولم يبد اخفاء الأمر أو تزويقه والتخفيف من قبحه شيئا ذا بال لقادة فتح الذين جفت أمواه وجوههم عن آخرها!
أيضا هناك محاولة الاغتيال الآثم لاسماعيل هنية؛ والفجور بالسكوت عنها والمرور عليها من قبل الرئاسة ومن قبل فتح مرور الكرام؛ بل مرور اللئام المتواطئين! ثم هناك الكم الهائل من الدنس والكذب الرخيص الذي لا يصدقه قائله قبل سامعه؛ وهي تصريحات على ما فيها من بذاءة سياسية الا أنها لم تخل من فكاهة؛ فظهر فيها الساقط في الانتخابات سقوطا مدويا حريصا على الانقلاب؛ على اعتبار ان “الدعوة للانتخابات” اجراء ديمقراطي! وخرج فيها ربيب الشاباك حزينا لعدم ظهور أسلحة حماس الثقيلة في اجتياج جباليا! وتحدث فيها مستشار الرئاسة لشؤون التصريحات الخرقاء عن الشفافية والنزاهة وأشياء أخرى كثيرة بانت الرئاسة وفتح منها بينونة كبرى!
لكن لا؛ لا يجب أن يخدعنا الزحام عن الأولويات؛ ولا يجب لكل هذه التصريحات والمواقف على قبحها – وهي قطعا تستحق وقفات تفصيلية لاحقة – لا يجب أن تصرفنا عن كبيرة الكبائر وأم فجرات فتح! وحتى محاولة اغتيال هنية فانها تتضاءل بجنب عظمة الرجل وحجمه كقائد في حماس هو بالتعريف وبالضرورة مشروع شهادة لن يكون غريبا عليه أن يرتقي للعلا بطعنة من جيش الأحزاب الصهيونية والصليبية المتحالفة ضد فلسطين؛ او بغدرة من أبي لؤلؤة الخسيس الوسخ واتفاقياته ومبادراته ومنتجعاته!
وأشد ما صحيفة فتح السوداء تفحما كان بدون شك القمع الهمجي البربري الذي نفذه المعتدون الآثمون من حزب الشيطان في الحرس الرئاسي وباقي الأجهزة الأمنية لمسيرة المحتفلين بذكرى انطلاقة حماس في رام الله. ولا يعرف المرء حقا ان كان ما يجري في عروق هؤلاء الجنود من أشباه الرجال هو دم عربي مسلم؛ أو نبيذ عتيق وسخ منتن؛ ويحتاج الأمر وقفة لمعرفة نوع التربية والاعداد النفسي الذي انتج هؤلاء اللحديين على أرض فلسطين؛ أرض أجنادين وحطين وعين جالوت! فحتى بالنسبة لانطوان لحد وسعد حداد فقد كانا من التيار المسيحي اليميني الانعزالي في لبنان؛ ولذلك فان تعاونهما مع اسرائيل كان قرارا مصلحيا معتبرا يصب في مصلحة فريقهم ويخدم الشريحة اليمينية الانعزالية من طائفتهم حق الخدمة والفائدة؛ بل يبدو منسجما تماما مع احتياجاتهم وأشواقهم الروحية والوطنية – بعد تعريف الوطن ليقتصر على الطائفة كما هو الحال بالنسبة لكل فرقاء الحرب الأهلية في لبنان. لكن بالنسبة لشباب فلسطيني يفترض بالضرورة أنه عربي ومسلم؛ فما الذي يدفعه لأن ينظر للناس شزرا هكذا بكل عدوانية؛ ويدوس رايات التوحيد؛ ويوسع الناس أطفالا وشيوخا ومدنيين عزلا صفعا ودوسا بالأحذية وضربا بالهراوات؟! أي جهاز وأي تعبئة هذه التي خلقت طائفة حركيين استئصاليين في فلسطين كمثل تلك التي كانت في الجزائر؛ والتي كان أبناؤها يقاتلون مع الفرنسي ضد ابن بلدهم وابن بني أبيهم وابن بني أمهم من شباب المقاومة الجزائرية؟!
وان قيل أن نفوذ اسرائيل واجهزتها ومخابراتها في فلسطين قديم وضارب الجذور بحكم سنوات الاحتلال الطويلة؛ فكيف لنا أن نفهم أن حركة تحرر وطني – بحسب قيود اطلاق اسمها على الأقل – يمكن أن ترعى كل هذا الغضب على الشعب؛ وكل هذا الدوس لرايات التوحيد في رام الله؟ وممن يا ترى؟ ممن يتفوقون في سرعة التعري أمام دبابات الصهاينة على أضيع ساقطات امستردام! وممن اختطف أربعون نائبا من تحت أنوفهم دون أن يحركوا ساكنا! بل ممن أسر ابراهيم حامد من أمام مقر رئيسهم دون أن ينبسوا ببنت شفة!
ما حدث خطير بكل المعايير؛ ويستدعي وقفة عاجلة من كل فلسطيني؛ ولا يشترط أن يكون هذا الفلسطيني اسلاميا أو مؤيدا لحماس؛ بل يكفي أن يكون حرا وشريفا ويعرف من نفسه انه “ابن حلال”! فكل “ابن حلال” في فلسطين مطالب بأخذ موقف مادي ومعنوي من هذه الكتائب الرغالية السلولية؛ التي فعلت ما كان أبو رغال سيستحي منه ولا شك؛ والتي قارفت ما لم يكن ابن أبي سلول ليصرح به أبدا! فأبو رغال الذي يرجمه الناس منذ العام الثامن للهجرة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها لأنه خان تراب مكة وخان المسجد الحرام – هذا العتل على قبحه لم يكن يضرب الناس ويصفعهم ليتابعوه على فعلته وخياناته! ولم يكن يرجو سيده أبرهة أن يطلقه في النيل ممن اعترضوا الغزو الحبشي كما تفعل كلاب اسرائيل الضالة مع حزب المقاومة في فلسطين! ولم يقم أبو رغال بانشاء حرس خاص بدعم من أمريكا يسلح ويصنع على عين الصهاينة لضرب المقاومة!
فيا كل أولاد الحلال في فلسطين؛ تعالوا الى حلف ووثيقة عهد نستنزل فيه لعنات الله التامات على كل بندقية تعمل تحت سمع وبصر الاحتلال لخدمة أجنداته! تعالوا لنقاطع كل وجه يتمعر في الانتصار لأجندات الخونة ونطرده من رحم المجتمع الفلسطيني قبل أن يفوت الأوان! ولنقل جميعا بصوت عال أن كل سلاح يرفع لنصرة أجندات الصهاينة في فلسطين ويستعمل في النيل من كرامة الناس وحريتهم هو سلاح كفري وفق المباديء الشرعية والوطنية؛ خصوصا حين يرفع هذا السلاح في جيوب الوطن الجريح في الضفة حيث استشهد الأبطال أو أسروا أو طوردوا؛ ولم يبق في الساحة هناك الا الأوغاد الذين لا يفرح بالسلاح في أيديهم الا أولمرت وبوش!
اما علماء الأمة وعلماء فلسطين تحديدا فهم مطالبون بتقديم رؤية فقهية في حكم من يقاتل الناس لينطقوا بكلمة الخيانة والتنازل والتفريط؛ ومطالبون هم بتبيين حكم هؤلاء في الشرع ونوع الموقف الواجب في ادارة مختلف المعاملات الشرعية مع هؤلاء؛ وحتى موقف أبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم منهم!
هذا وقد يجد البعض في مثل هذه الدعوة مسابقة غير واقعية لما يمكن للمجتمع الفلسطيني أن يطيقه؛ الا أنني أعتقد أن شعبا لجأ حين اضطرته الظروف الى تفجير نفسه للنكاية في عدوه لهو قادر على حرق المراحل الزمنية في القيام بخطوة ثورية استثنائية متقدمة تضع حدا لصداع العمالة والخيانة المزمن؛ والذي أثبتت حوادث الدهر أنه أقسى وأقوى أسلحة الصهاينة فتكا فينا وتدميرا!
فاستعد يا عتل الأجهزة الذي ينكل بالوطنيين من أبناء شعبنا؛ استعد لزوجك وهي توشك أن تردك عن نفسها حتى تعود عما أنت عليه! وجهز نفسك لدعاء أمك عليك حتى تكف عن قهر الناس على الخيانة! وان نجوت بالحيلة والغش والخديعة من هذه وتلك؛ فجهز نفسك عاجلا أو آجلا لرجال لا تأخذهم في الله لومة لائم؛ هم كأمثال أبي عبيدة عامر بن الجراح قاتل أبيه المشرك يوم بدر! وتجهز ان اصررت على كبيرة نصرة الباطل الى ما وعد الله به أهل الظلم والبطش – آل فرعون – من أشد العذاب؛ وتذكر أن الميعاد لم يكن لفرعون وهامان وملئهما؛ بل كان للجنود أيضا: “ونريد ان نمُنّ على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون”
وأهل الجهاد والمقاومة في فلسطين أولى ان شاء الله تعالى بالتمكين؛ وأنتم من شيعة للخيانة والتفريط أولى بالعقوبة يا جنود أذناب آل فرعون!
فاختر موقعك يا جندي الأجهزة وقرر مصيرك بنفسك!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

27 شهيدًا و85 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 27 شهيدًا، و85 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ 24 ساعة الماضية؛ جراء العدوان...

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في الأقصى
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها...

الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم لليوم الـ103
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ103 على التوالي، ولليوم الـ90 على مخيم...

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام وثق مركز معلومات فلسطين "معطي" استشهاد 1000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر...

استطلاع: نتنياهو يحصل على 48 مقعدًا والمعارضة 62
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام كشف استطلاع رأي نشرته صحيفة معاريف، اليوم الجمعة، أن ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيحصل على 48 مقعدًا في...

الاحتلال يعترف بمقتل جنديين في اشتباكات رفح ويكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، تفاصيل ثقيلة لخسائر صفوف جنوده خلال اشتباكات وقعت يوم أمس في...

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...