مقارنة

في خضم الأحداث المتتالية والمتسارعة في فلسطين والمنطقة يلجأ المرء لعقد المقارنات وإيجاد أوجه الشبه والاختلاف في تصرفات ومواقف الأطراف لعله يصل إلى فهم لما يحصل واستشراف لما يمكن أن يحصل.
ولو نظرنا كمتابعين إلى منهجية تعامل فريق أوسلو التفاوضي مع قضية التفاوض مع العدو الإسرائيلي مقارنة مع منهجيته في التعاطي مع قضية الحوار مع الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس لوجدنا مفارقات ذات دلالة.
فمن ناحية أولى يصر فريق أوسلو على طلب التفاوض مع العدو الصهيوني ويعرض بضاعته هذه ليس فقط خلال الفترة الأخيرة بل من قبل أوسلو وبعدها ولا يترك فرصة سانحة إلا ويدعو فيها ويستجدي الجانب الإسرائيلي إلى استئناف المفاوضات أو متابعتها أو إعادتها إلى مسارها… حتى أنك لا تكاد تجد مرة كان فيها فريق أوسلو رافضاً للتفاوض أو الالتقاء مع الإسرائيليين حتى في أوج المجازر والاجتياحات الصهيونية ضد أبناء شعبهم الفلسطيني.
وحتى في حالة فشل جلسة أو لقاء تفاوض مع العدو يكون الحل من وجهة نظر سياسيي أوسلو المزيد من التفاوض والإصرار على الاستمرار في طلب وعرض التفاوض إلى ما لا نهاية وبغض النظر عن وجود أفق سياسي من عدمه حتى أصبح التفاوض من أجل التفاوض وكأن الوجود السياسي لفريق أوسلو اقترن بالاستمرار على نهج التفاوض مهما كانت العقبات أو المواقف الصهيونية من موضوع التفاوض
وقد أدرك هذه الحقيقة الصهاينة أنفسهم فأخذوا يبتزون فريق أوسلو تحت دعوى عدم وجود “شريك فلسطيني”مفاوض وكأن العدو يختار مفاوضه من الطرف الآخر ويضع له المواصفات المؤهلة للتفاوض!! وقد أدى ذلك مفعوله لدى فريق أوسلو فزاده تعلقاً بنهج التفاوض والإصرار عليه بل والسير وفق المسار الصهيوني للتفاوض ومحاكاة شروطهم والنيابة عنهم والتحدث بلسانهم حتى وصل بعض المراقبين إلى قناعة بأن فريق أوسلو قد أحرق سفنه وأدواته على شاطئ العملية التفاوضية ولم يعد بل ما عاد أمامه سوى مسار باتجاه واحد في دهليز لا نهاية له ومحكوم برغبات واستجابات الصهاينة.
ولعل من يقوم برصد مسار التفاوض وجولاته يرى أن الجولات واللقاءات كثيرة العدد قليلة النتائج التي بدورها تحتاج لتفاوض جديد لتطبيقها هذا إن طبقت وفي الوقت ذاته تستهلك وقت الشعب وتزرع فيه الأمل الخادع للسير خلف السراب وتوهمه أن هناك نوراً في نهاية دهاليز وأنفاق التفاوض اللامنتهية.
كما أن فريق التفاوض ومن يسير خلفه ويشايعه لا يراجع عمله ولا يقوم بتقييم منهجه ووسائله بل تجده يطالب المقاومة وفريقها بتقييم أدوات وأساليب المقاومة بزعم أن المقاومة وسيلة وليست غاية ونسوا أو تناسوا أن التفاوض وسيلة أثبت الأيام والسنوات عقمها. وفوق ذلك نجد أن المبررات والتأويلات والتحليلات الوهمية تختلق وتسوق لتبرير وتسويق الاستمرار فيما يسمى الأدوات السلمية و التفاوض حتى مالا نهاية.
وعلى الجانب الآخر لسلوك ونهج فريق التفاوض في تعامله مع مخالفيه في الرأي والنهج من بني جلدته ووطنه حيث نرى صورة مختلفة تماماً. فمنذ سنوات ما قبل أوسلو وأخواتها وهم لا يسعون بل يرفضون الحوار الجاد المثمر مع مخالفيهم ويسفهون خياراتهم ومواقفهم التي يمكن أن تقوي مواقف وأدوات فريق التفاوض لو أراد ذلك.
ولما أصبح معارضو التفاوض المستمر أكثرية انحاز لهم الشعب الفلسطيني في الداخل قام فريق أوسلو بتسفيه رأي الشعب وخياراته الحرة ولجأ إلى كل وسيلة لإضعاف معارضيه بما فيها الأساليب غير السياسية وغير السلمية وحين تفتح نافذة للحوار الفلسطيني الداخلي بين أبناء الشعب الواحد نجد فريق أوسلو يبدأ بتعطيل أو تفريغ هذا الحوار فإن لم يستطع لجأ إلى التهديد بأن لديه خيارات أخرى كما أنه يضع السقوف الزمنية للحوار فضلاً عن وضع شروط ومحددات مسبقة لنتائج الحوار لا تعدو كونها صورة أخرى للشروط والمطالب الصهيونية.
ولعل فريق أوسلو قد تعلم دروساً ومهارات في التفاوض أثناء مسيرته التفاوضية مع العدو الصهيوني وبدلاً من توظيف هذه الدروس لتحصيل حقوق الشعب الفلسطيني من عدوه يقوم فريق أوسلو بتطبيقها مع أبناء وطنه ومخالفيه من الفلسطينيين فهو يحذر تارة حكومة شعبه من أن صبر فريقه بدأ ينفذ وأنه لا يريد تفاوض أو حوار لأجل الحوار وإلى ما لا نهاية وأن الحوار يجب أن يكون بشروط و يا ليتهم يقولون ذلك أثناء التفاوض مع العدو الذي يستجدون اللقاء به وبدون شروط ولا محددات زمنية ويتحاشون الإشارة إلى تعنت العدو الصهيوني وفشل التفاوض معه.
وواضح أن ذلك كلام لا يراد به سوى تعطيل وإفشال الحوار الداخلي والضغط على الطرف الآخر لتضاف إلى أساليب الضغط الموجهة الأخرى من اضرابات وفوضى خلاقة وحصار داخلي متواطئ مع الحصار الخارجي لأن الشعب اختار غير طريق فريق أوسلو.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم لليوم الـ103
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ103 على التوالي، ولليوم الـ90 على مخيم...

1000 شهيد و6989 مصابًا في الضفة منذ 7 أكتوبر
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام وثق مركز معلومات فلسطين "معطي" استشهاد 1000 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر...

استطلاع: نتنياهو يحصل على 48 مقعدًا والمعارضة 62
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام كشف استطلاع رأي نشرته صحيفة معاريف، اليوم الجمعة، أن ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيحصل على 48 مقعدًا في...

الاحتلال يعترف بمقتل جنديين في اشتباكات رفح ويكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، تفاصيل ثقيلة لخسائر صفوف جنوده خلال اشتباكات وقعت يوم أمس في...

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...

صدمات نفسية تحول دون التحاق الاحتياط بجيش الاحتلال
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت دراسة إسرائيلية، أن نحو 12 بالمئة من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، الذين شاركوا بحرب الإبادة في...

الحوثي: أولويتنا إسناد غزة والعدو فشل باستهداف قدراتنا
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكد قائد جماعة "أنصار الله" اليمنية عبد الملك الحوثي، يوم الخميس، أن أمريكا و"إسرائيل" فشلتا في مواجهة القدرات...