عفا الله عما سلف

ما جرى اليوم في مدينة نابلس جبل النار أمر مخجل ومحزن في نفس الوقت، مخجل أن يصل الأمر بحركة مثل حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” التي قادت الشعب الفلسطيني على مدى الأربعين عاما إلى حد من الهبوط المتندي في العمل الوطني دون أن تراعي ذلك الإرث الطويل الذي اكسبها هذه الهالة التي بدأت تنهار بفعل ما ترتكبه هذه الحركة من أعمال كان أخرها في مدينة نابلس عندما قام حملة السلاح منها بإطلاق النار على حشود المواطنين من أنصار حركة المقاومة الإسلامية جاءت لتحتفل بذكرى انطلاقتها التاسعة عشرة .
وخطر في بالي سريعا أن تاريخ 1-1-2007 لم يعد بعيدا، فماذا لو قامت حركة حماس وهي القادرة على ذلك من استخدام أسلوب الزعرنة والعربدة الذي ارتكب في نابلس في أي مكان تريد وتمنع حركة فتح من تنظيم أي مهرجان، ماذا سيكون رد الفعل لدى حركة فتح، وهل ستراعي حرمة الدم الفلسطيني كما راعته حركة حماس اليوم في مدينة نابلس.
هذا القول افتراضي، لأنني على يقين أن حركة حماس رغم ما حدث في مدينة نابلس من هذا الهبوط الأخلاقي في العلاقات الوطنية الفلسطينية، لن تنزلق إلى هذا المستوى وستكون عند مستوى المسئولية كحركة قائدة للشعب الفلسطيني تحافظ على ثوابته وتصون دمه رغم بعض الحوادث التي وقعت هنا وهناك وسالت فيها دماء عزيزة على الشعب الفلسطيني، إلا أن حركة حماس باتت تتعامل مع القضايا بحجمها وليس كردات فعل أو من خلال الأعمال الصبيانية الغير مسئولة كهذه التي جرت في مدينة نابلس.
إن من يظن أن حركة حماس ضعيفة في الضفة الغربية فهو يخادع نفسه، فكما فتح قوية، حماس أيضا قوية، وكما أن حماس لا يمكن إقصائها، فتح أيضا لا يمكن إقصائها، فالمسألة ليست قوة وضعف بقدر ما هي مسئولية وطنية وحرص على السلم المجتمعي والابتعاد عن مثل هذه الأعمال التي لا تكلف حركة حماس أو غيرها من القوى الفلسطينية إلا مجموعة من الزعران وما أكثرهم من أن يقوموا بأعمال كتلك الأعمال المشينة التي تعد خروجا عن العرف والعادات والتقاليد الفلسطينية والتي لم يتعود عليها شعبنا الفلسطيني على مختلف انتماءاته وتشكيلاته الوطنية .
حركة حماس عندما تحتفل بذكرى انطلاقتها، هي تحتفل بذكرى بإحياء المقاومة، تحتفل تكريما للدماء والشهداء الذين سقطوا على ارض فلسطين المباركة، تحتفل تكريما لآلاف الأسرى الذين ضحوا بزهرة شبابهم من اجل الدفاع عن حق شعبنا، هذا ينسحب غدا على ذكرى انطلاقة الثورة الفتحاوية أيضا، فكما لا يجوز لحركة فتح أن تفعل ما فعلت، لا يجوز أيضا أن تقوم حركة حماس أو غيرها بذلك، لان هذا الفعل معيب ولا يليق بشعب مجاهد أن يقوم به ومن يفعل ذلك عليه أن يعيد حساباته وان يجلس مع نفسه طويلا ويفكر مليا، لان من يحرص على مصلحة الشعب الفلسطيني العليا لا يرتكب مثل هذه الأفعال التي تعيب مرتكبيها قبل أن تعيب أي طرف أخر.
حركة المقاومة الإسلامية قوية في غزة قوية في الضفة الغربية قوية حيثما وجد الشعب الفلسطيني، ولكن القوة لا تعني الخروج عن المألوف، القوة لا تعني الابتعاد عن القيم الوطنية، القوة لا تعني البلطجة والعربدة وإطلاق النار على الآمنين، القوة تعني القدرة على الصبر وتحمل الأذى في الوقت الذي يمكن فيه أن تفعل أكثر مما يفعل الآخرون، القوة أن تحافظ على الدم الفلسطيني وان توفر هذه الرصاصات لليلة يجتاح فيها الاحتلال بيتي وبيتك ويقتلني ويقتلك، القوة أن تحافظ على شرف البندقية وتعرف وجهتها الحقيقية.
هذا القول ينسحب على الجميع، وعلى الجميع أن يدرك أن المعركة الحقيقية مع الاحتلال، وميدان المعركة ليس احتفالا هنا أو هناك، وان الدم يجب أن يراق من اجل الحقوق واسترداها، من اجل الدفاع عن المقدسات، فالطريق طويل، أما أعمال المراهقة تضر ولا تنفع وأكثر من تضر مرتكبيها.
ومن هنا أناشد الإخوة في حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن يكونوا أقوياء ويردوا الإساءة بالحسنة وان يقدموا النموذج الحسن الذي عهدناه منهم، وان يتجاوزوا هذه الهفوات ويتعالوا على الجراح، وان لا يقفوا في وجهة حركة فتح في انطلاقتها القادمة، بل إن استطاعوا أن يساعدوا في ذلك فليفعلوا لان هنا مكمن القوة، وان وجهت لهم المشاركة في أي احتفال أن يشاركوا وان سمعوا بعض الصغائر من ضعاف النفوس، لان أصحاب الهمم العالية والقيم السوية يتعالون على كل ذلك حفظا لوحدة الصف الفلسطيني ولضرب المثل والقدوة الحسنة التي عهدناها منهم، ونتمنى أن يكون ما حدث في مدينة نابلس هو آخر الأعمال التي تمس وحدتنا الوطنية، وان يكون شعارنا للمرحلة القادمة ” عفى الله عما سلف “
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....

حماس: الموقف العربي من حرب التجويع والإبادة لا يرقى لمستوى الجريمة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شددت حركة "حماس" على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة حرب مركبة في غزة، باستخدامها التجويع سلاحا ضد...

السلطة تقطع رواتب عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام أقدمت السلطة على قطع رواتب عدد من الأسرى والأسيرات، والمحررين والمحررات، في خطوة أثارت استياء واسعًا في...

الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله 21.3 امرأة...

الصحة تحذر من تسارع مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وزارة الصحة من أن مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية في "تسارع خطير"، فميا أفادت بأن مستشفيات القطاع استقبلت...

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...