الإثنين 08/يوليو/2024

هنية يقدم روايته ويدعو إلى المصالحة

هنية يقدم روايته ويدعو إلى المصالحة

صحيفة الدستور

خلال وقت لا يقل كثيراً عن الوقت الذي استغرقه خطاب الرئيس الفلسطيني قدم رئيس الحكومة إسماعيل هنية روايته المقابلة لتطور الأحداث منذ نهاية شباط الماضي. فما جرى بحسب قناعته هو في جوهره تعبير عن نية الانقلاب على الحكومة منذ اللحظة الأولى لتأسيسها، وبالطبع عبر التواطؤ مع الحصار الذي ضرب عليها، فضلاً عن إفشالها من الداخل من خلال نزع معظم صلاحياتها، وهو الجانب الذي فصّل فيه وزير الداخلية سعيد صيام في المؤتمر الصحفي الذي سبق مؤتمر رئيسه بيوم، الأمر الذي بدا طبيعياً في واقع الحال لأن وزارة الداخلية كانت الأكثر استهدافاً بنزع الصلاحيات كونها الأكثر أهمية في منظومة السلطة.

في الخطاب قدم رئيس الوزراء روايته أيضاً للحوارات السياسية بشأن تشكيل حكومة الوحدة منذ وثيقة الأسرى التي عدلت لتغدو وثيقة الوفاق الوطني، ومروراً بما عرف بمحددات البرنامج السياسي للحكومة، وليس انتهاء بقضية كتاب التكليف ووزارات السيادة التي أرادوا حرمان حماس منها، وبين ذلك مختلف المضامين التي تحدث عنها الرئيس بشأن الفساد والتسوية وما إلى ذلك.

لا نريد استعادة كامل فصول الرواية التي أغفل منها الرجل عمداً بالطبع إرادة الاستدراج بقصد التشويه، فقد سمع المهتمون كلا الروايتين، وما يعنينا في الخطاب هي تلك اللغة التي اتسم بها، فهو لم يتحدث بلغة التحدي والصدام، بل بلغة المصالحة التي تليق بنضال الشعب الفلسطيني، فيما لا تمت بصلة إلى قول أحدهم عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء “إنها شرف لا أدعيه”، فضلاً عن وصف المحاولة بأنها مسرحية، متجاهلاً أنها كلفت هنية استشهاد مرافقه وجرح ابنه ومستشاره.

نعم، تحدث هنية بلغة تصالحية، لأن هذا الشعب لا يستحق الاقتتال، لا سيما وهو اقتتال على سلطة بائسة، يتحكم العدو بكل شيء فيها، وحتى لو اعتقدنا أنه خرج من قطاع غزة ووقف على الأبواب، فهو لا يزال جاثماً على 985 في المئة من أرض فلسطين التاريخية.

قطاع غزة في وضع بالغ التوتر، وهي تربة خصبة يمكن أن يتسلل بين شقوقها العملاء وبعض أصحاب الثارات بحق وبغير حق، وإذا لم يتدخل العقلاء ويهدأ الشرفاء، فإن الموقف سيمضي في اتجاهات بالغة البؤس، لا سيما إذا انتقل هذا الوضع المتوتر إلى الضفة الغربية وتحرك بعض أركان فتح في اتجاه الاستقواء على حماس الضفة التي لا تملك الدفاع عن نفسها بوجود المحتل الذي لا يسمح لها بأي قطعة سلاح، في العلن، مع مطاردة السري أيضاً.

ربما كانت مشكلة القطاع هو شعور البعض بأنه قد تحرر وأن من حق الذين صنعوا التحرير أن يكون لهم دور في البناء والقرار، وهو أمر طبيعي في واقع الحال، لاسيما حين يشفع ذلك ببيعة شعبية، كما وقع خلال الانتخابات التشريعية، لكن ذلك لا ينبغي أن يلفت الانتباه عن الواقع الفلسطيني المعقد والواقع برمته تحت الاحتلال، الأمر الذي بدا واضحاً في خلفية الخطاب الذي ألقاه هنية.

إننا أمام مشكلة مستعصية، والذين يرفضون الانقلاب على الحكومة على رغم الحصار لا يفعلون ذلك من باب الحزبية، ولو صح ذلك لكان عناصر حماس بمئات الآلاف، ولكنهم يفعلون ذلك من منطلق إدراكهم لطبيعة الحصار الذي تتعرض له، وربما إحساسهم بأن في الداخل من يتواطأ مع ذلك الحصار، وأنه إذا توقف ذلك التواطؤ فسيكون بالإمكان حل المشكلة.

الحل إذن هو العودة إلى وثيقة الوفاق الوطني، والإصرار عليها أمام العالم أجمع، وعندها لن يملك هذا العالم بعربه وعجمه سوى الاستجابة لإرادة الفلسطينيين والتعامل معها بشكل من الأشكال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات