الإثنين 05/مايو/2025

ولكن عنصرية إسرائيل تفوق عنصرية جنوب إفريقيا!

ولكن عنصرية إسرائيل تفوق عنصرية جنوب إفريقيا!

صحيفة الشرق القطرية

وصف الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر “إسرائيل” بأنها دولة عنصرية، وأنها تشبه نظام جنوب إفريقيا العنصري، وتاريخ كارتر يشهد أنه منحاز ل”إسرائيل” فلقد بذل كل جهده ليحقق لها كل ما تتمناه في معاهدة كامب ديفيد التي أرغم السادات على قبولها، وليخرج مصر لفترة طويلة من الزمن من الصراع مع “إسرائيل” .

جيمي كارتر حقق ل”إسرائيل” في كامب ديفيد ما لم يصل إليه خيال قادتها حتى في أحلامهم السعيدة، فما الذي دفعه ليقول ذلك؟ هل هي صحوة ضمير جاءت متأخرة، وكلمة حق أراد أن يقولها وهو يقترب من القبر، وهل شعر بأنه يتحمل قدراً غير قليل من المسؤولية عن المذابح التي ارتكبتها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين، وعن الحصار الظالم وعملية التجويع التي يتعرضون لها .

أكثر من ربع قرن مضى على عقد اتفاقية كامب ديفيد يوم أن جمع كارتر السادات وبيجن، ولم يكن كارتر وسيطاً نزيهاً، لكنه كان يعمل لتحقيق مصلحة “إسرائيل”، ويستخدم كل الوسائل للضغط على السادات الذي كان يتصرف بمفرده، ودون أن يهتم باستشارة الخبراء المصريين، ولقد عرف كارتر نقاط ضعف السادات، واستطاع أن يستغل غروره وحبه للشهرة، وأن يحصل منه على ما يريده بيجن .

لكنها كلمة حق !

لكن ما قاله كارتر أخيراً حول عنصرية “إسرائيل” كلمة حق نقبلها منه ونرحب بها، فربما أراد الرجل أن يعتذر أو أن يقدم شهادة حق للتاريخ .

مع ذلك فإننا نرى أن “إسرائيل” أشد عنصرية من نظام جنوب إفريقيا وأن الجرائم العنصرية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين تفوق بكثير جرائم جنوب إفريقيا .

والتفرقة العنصرية هي جريمة ضد الإنسانية تنتج عن الغرور والغطرسة والتعالي وعدم فهم الطبيعة الإنسانية والجهل والوحشية، ولقد كانت السبب الرئيسي في معظم الحروب التي عرفتها البشرية .

كما أن التفرقة العنصرية هي أشد أنواع الظلم والقهر فهي التي تؤدي إلى استعباد البشر وتسخيرهم، وامتهان كرامتهم، والتقليل من إنسانيتهم وسلب حقوقهم .

وتزدهر التفرقة العنصرية في ظل الاستبداد والديكتاتورية، فالطغاة يملأون رؤوس شعوبهم بأوهام التميز وعقدة التفوق والسيادة، الطغاة يتألهون على شعوبهم ويلهونهم باستعباد الآخرين يتحول الشعب إلى عبيد للطاغية، وفي الوقت نفسه يستعبدون الآخرين ويقهرونهم .

هكذا فعلت الحضارة الرومانية حين صنعت للجنود الرومان عقدة التفوق وحب السيطرة وشهوة قهر الآخرين، في الوقت الذي كانوا فيه عبيداً لقيصر .

ولقد ورثت الحضارة الغربية عقدة التفوق من الحضارة الرومانية، واستخدمتها في تبرير استعمار آسيا وإفريقيا وفي قهر الشعوب بحجة دور الرجل الأبيض في تمدين البشرية، ولم يكن هذا الرجل الأبيض سوى قاتل مجرم يعادي الإنسانية كلها .

ولقد ظهرت بوضوح النتائج المدمرة لعنصرية البيض الغربيين خلال الاستعمار الفرنسي للجزائر، حيث استخدم الفرنسيون كل وسائل القهر والتعذيب وعمليات الإبادة ضد الشعب الجزائري .

وتظهر الآن هذه العقدة العنصرية في الجرائم التي يرتكبها الجيش الأمريكي في العراق، وفي عمليات التعذيب الوحشية التي يمارسها الجنود الأمريكيون في أبى غريب وغيره من السجون المنتشرة في أنحاء العالم .

لكن أخطر تجليات العنصرية تلك التي شهدتها جنوب إفريقيا حيث قام البيض لسنوات طويلة باستعباد السود وقهرهم وانتهاك حقوقهم الإنسانية، ولقد أثارت تلك الممارسات العالم كله، وأثارت غضب السود الذين كافحوا لسنوات طويلة بقيادة نيلسون مانديلا للتحرر من هيمنة هذا النظام الذي لا يعرف حضارة ولا مدنية .

الأصل الديني للعنصرية اليهودية

لكن العنصرية الإسرائيلية تتميز بأنها تستمد أصولها من التلمود الذي يتضمن افتراءات وأكاذيب حاخامات اليهود خلال فترة السبي البابلي، التي صورت الأغيار أو الشعوب الأخرى بأنهم مجرد خدم وعبيد لبنى “إسرائيل” الذين يستطيعون أن يبيدوا الآخرين، وأن يرتكبوا ما يريدون من جرائم ضدهم تقرباً إلى رب بنى “إسرائيل”، الذي هو ربهم وحدهم دون سائر البشر، هذا ما صوره لهم الحاخامات الذين صنعوا لهم عقدة تفوق على البشر .

عقدة التفوق والعنصرية اليهودية تجد لها أصولاً دينية، وطبقاً لهذه العقدة يتم تشكيل شخصيات الأطفال في المدارس وإعدادها لارتكاب الجرائم ضد الآخرين الذين يصفونهم بأنهم أقل مرتبة من الحيوانات .

ووجدت هذه العنصرية طريقها إلى اليمين المسيحي المحافظ، والصهيونية المسيحية، التي غذت هذه العقدة لدى اليهود، ودفعت المسيحيين إلى الاستسلام لها والاعتراف بها والتعامل معها كحقيقة دينية .

والعنصرية الإسرائيلية سوف تكون مسؤولة عن إشعال نيران الكثير من الحروب منها حرب نووية مدمرة يطلق عليها المسيحيون المحافظون معركة أرماجيدون، التي يرى هؤلاء أنه سيذهب ضحيتها كل الشعوب غير المسيحية، وهم ينتظرون هذه المعركة ويرون أن المسيح سينزل في نهايتها ليحكم الأرض .

ودولة إسرائيل أقيمت على أساس عنصري، فاليهودية ديانة مغلقة أمام البشرية، ولذلك فإن ليبرمان يريد إقامة الدولة على أساس النقاء العرقي، وأن تكون خالصة لليهود ويتم طرد العرب منها .

ولقد أصبح ليبرمان نائباً لرئيس وزراء “إسرائيل” وهو يعد نفسه لتولي الوزارة القادمة، ليقوم بتنفيذ الفكرة التي ستفجر صراعاً دموياً طويلاً، وستؤدي إلى طرد أكثر من مليون عربي من منازلهم .

بحر العنصرية والكراهية

العنصرية الإسرائيلية سوف تفرق العالم في بحر الكراهية، وستتدفق الدماء والدموع والمعاناة الإنسانية بشكل يفوق ما تعرض له السود في جنوب إفريقيا .

هذه العنصرية تشكل العقلية اليهودية واستراتيجية الدولة التي أقيمت على عمليات طرد وتهجير العرب وارتكاب 37 مذبحة ضدهم حتى الآن راح ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء، والجرحى والمشردين .

إنها أكبر جريمة عنصرية في التاريخ حتى جرائم الرومان العنصرية لا تصل إلى ذلك الحد، و”إسرائيل” هي أخطر دولة تقوم على أساس التفرقة العنصرية، وهذا يفسر قوة ووحشية وصلف وغطرسة الجنود الإسرائيليين في التعامل مع الفلسطينيين حتى الأطفال .

من لا يصدق كارتر عليه أن يشاهد صورة الجندي الإسرائيلي وهو يوجه قنابله وصواريخه إلى منازل الفلسطينيين في غزة والضفة، ويقتل أطفالهم، بشكل لم يصل إليه الجندي الأبيض في جنوب إفريقيا، ولم يصل إليه أي مجرم عبر التاريخ .

وأنا أشك في أن كارتر قد نسى تاريخه في الانحياز ل”إسرائيل”، لكنه ربما استطاع أن يدرك بحكمة السنين خطورة العنصرية الإسرائيلية، وما يمكن أن تسببه من دمار وخراب للإنسانية كلها، وأن العرب يستطيعون أن يكرروا تجربة السود في جنوب إفريقيا، ويبدعوا في كفاحهم وجهادهم بشكل يفوق تجربة السود الأفارقة، وهذا سيشكل خطراً على “إسرائيل” .

ربما كانت تلك صرخة تحذير من كارتر إلى أصدقائه في “إسرائيل” هي أن مصيرهم سيكون مثل مصير نظام جنوب إفريقيا العنصري الذي تشعر البشرية كلها بالعار منه، وأن الفلسطينيين سوف يصمدون ويقاومون ويكافحون حتى يستردوا أرضهم المغتصبة ويقيموا دولتهم كاملة السيادة على فلسطين، وأن عنصرية “إسرائيل” ستؤدي إلى زوال دولتهم .

جحود ونكران

لكن اليهود تعاملوا مع كارتر بما عهد عنهم من جحود ونكران فاتهموه بمعاداة السامية وأنه خضع للمال العربي والمافيا العربية، وأنه يجب أن يبني مكتبته على شكل مسجد !

هكذا تعامل الإسرائيليون مع من وفر لهم الأمان والاستقرار والتفوق على دول المنطقة، ومكنهم من أن يشنوا حروبهم ضد الفلسطينيين واللبنانيين دون خوف .

إنهم الآن يصفونه بأنه أسوأ رئيس للولايات المتحدة لأنه ببساطة قدم لهم نصيحة مخلصة وهي أن التفرقة العنصرية كانت طوال التاريخ هي أهم عوامل انهيار الحضارات والدول .

لم يتعامل الإسرائيليون مع كارتر باحترام رغم فضله عليهم فأنكروا جميله لأن عنصريتهم تمنعهم من رؤية الحقيقة التي رأها ببصيرته في آخر سنوات العمر وهي أن “إسرائيل” عار على البشرية كنظام جنوب إفريقيا، وسوف تنهار حتماً على رأس من صنعوا أوهام التفوق والتميز والعنصرية .

و”إسرائيل” لن تسمع نصيحة كارتر وكذلك أمريكا، وسوف يوجه له اليهود والصهاينة المسيحيون الكثير من الاتهامات لأن العنصرية أعمت بصرهم وبصيرتهم عن رؤية الحقائق، لكن المستقبل سوف يشهد انهيار العنصرية الإسرائيلية فهي تتناقض مع الحضارة والقيم الإنسانية والحق والعدل .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...