السبت 10/مايو/2025

كلمة وفاء

المهندس إبراهيم غوشة
قبل عشرة ايام ودّع الشعب الاردني الى مثواه الاخير قائداً ومربياً اسلامياً كبيراً هو المرحوم بإذنه تعالى الاستاذ محمد عبد الرحمن خليفة (ابو ماجد) سائلين المولى عز وجل ان يتغمده برحمته ويدخله فسيح جناته·

كان ابو ماجد المراقب العام الثاني للحركة الاسلامية بعد المرحوم المجاهد المراقب العام الاول عبداللطيف ابو قورة، ويمكن ان نقول ان أبا ماجد هو المؤسس الرئيس لهذه الحركة·

عرفته عام 1953 في ربوع القدس التي كان يحبها ويعتبر القضية الفلسطنية هي القضية المركزية الاولى وقد درس في خاضوري وتخرج محامياً من معهد الحقوق في القدس وكان من مؤسسي الامانة العامة للمؤتمر الاسلامي بالقدس وأمينه العام سعيد رمضان، وكان يعقد مؤتمره الشعبي في ذكرى الاسراء والمعراج ويحضره المئات من الوفود الاسلامية والقادة الاسلاميين من جميع انحاء الوطن العربي والاسلامي بما فيه الكوادر الشبابية من الاردن·

امتاز المرحوم بالتواضع والجرأة في الحق والديناميكية النشطة في زيارة الشعب والاهتمام بالطلاب والعمال ودعوتهم للانخراط بالعمل الاسلامي والوطني وتصدى بقوة لحلف بغداد وجلّوب وصدرت في عهده جريدة “الكفاح الاسلامي”، ورئيس تحريرها الاديب يوسف العظم، ورفض الاستاذ دخول القوات البريطانية عام 1958 وقد اعتقل عدة مرات·

ودخل البرلمان الاردني عام 1956 وكان للاسلاميين اربعة نواب من اصل اربعين نائباً، وفي عام 1967 عام الهزيمة دعا الى مؤتمر اسلامي شعبي في عمان لدراسة اسبابها وتحريك الامة لاستعادة فلسطين، ودعم تأسيس قواعد الشيوخ عام 1968 حيث شارك المجاهدون في المقاومة الفلسطينية وقدموا خمسة عشر شهيداً في مقدمتهم المجاهد القائد المصري صلاح حسن (ابو عمرو)·
أسس في الستينات جمعية المركز الاسلامي الخيرية التي انشأت المستشفى الاسلامي ثم مدارس الارقم وغيرها، وقد اشرف على المستشفى الاسلامي المهندس الكبير رائف نجم وكان لي شرف الاشراف الهندسي على المباني الاولى لمدارس الارقم·

عندما اندلعت انتفاضة الاقصى عام 1987 دعمها بكل قوة وأرسل لشُعَب الحركة الاسلامية في الضفة الغربية بضرورة الانخراط في الانتفاضة والنزول للشارع دعماً للشعب الفلسطيني في القطاع·

أذكر جيداً يوماً مشهوداً ومسؤولاً لهذا القائد ! صُدمت الامة يوم الخامس عشر من رمضان الموافق 25 شباط من عام 1994 بمجزرة رهيبة نفذها الارهابي المجرم الدكتور جولد شتاين اليهودي الامريكي حيث اطلق الرصاص على المصلين وهم ساجدون في صلاة الفجر في الحرم الابراهيمي فاستشهد 29 شهيداً وجرح المئات·

هرولنا في الصباح وكان معي المجاهدان خالد مشعل وموسى ابو مرزوق وآخرون الى بيت ابي ماجد في تلاع العلي·· كان متأثراً جداً قال : ماذا ترون ؟ قلنا له : ان الحدث جلل والمصيبة كبيرة ولابد من تحرك الجماهير للاصرار على الانتفاضة والمقاومة فاستجاب فوراً ودعا الى بيته اعضاء المكتب التنفيذي واتخذ القرار بنزول شباب الدعوة الى المسجد الحسيني في وسط عمان، وكانت مسيرةً حاشدة زادت عن العشرين الفاً رفعت معنويات الامة وأكدت على طريق الجهاد والاستشهاد·

إنّ انجازات هذا الرجل الكبير كبيرة ككبره ولا يمكن حصرها في مقال موجز، ولكن انتخابات عام 1989 في الاردن التي منحت الحركة الاسلامية اكثر من 30% من اعضاء البرلمان (والتي كانت زلزالاً في حد ذاتها كما وصفها الاعلام الغربي في حينه) إنما هي ثمرة التربية والاعداد وسهر الليالي طيلة عدة عقود من الزمن اشرف عليها ورعاها هذا القائد الزاهد وبنى حركةً ودعوةً متماسكةً وقويةً شعارها الاخوة الصادقة والعمل المتواصل وانكار الذات والتفاني في المجموع وغيرها من المعاني الاساسية في بناء الجماعة وهي ما تحتاجها الحركة الآن بشدة من اجل الثبات على المبادئ وانضاج التجربة في خدمة الأمة والوطن·.

 
* عضو المكتب السياسي لحركة حماس

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات