الجمعة 04/أكتوبر/2024

سيناريو محتمل للانتخابات الفلسطينية المبكرة

سيناريو محتمل للانتخابات الفلسطينية المبكرة

صحيفة الخليج الإماراتية

حسم محمود عباس أمره للمرة الثانية فاختار الطريق الذي يوصله إلى حل حكومة إسماعيل هنية بوسيلة أخرى غير ذريعة “الحاجة” إلى تأليف حكومة “وحدة وطنية”. هذه المرة باسم إجراء انتخابات “نيابية” مبكرة.

الجائزة هنا أجزل، عصفوران بحجر واحد: الحكومة والمجلس التشريعي معاً! تأخر في إدراك أن موطن “الخطر” ليس في الحكومة فحسب، بل في المجلس التشريعي أساساً، إذ بماذا ينتفع ب “حكومة وحدة وطنية” ولو بأغلبية فتحاوية في وجود مجلس تشريعي تسيطر عليه “حماس” ويهدّد الحكومة بحجب الثقة عنها إن وقع فيها اهتضام حقوق “حماس”؟

ولقد اختار إخراجاً سياسياً ظنه أوْفَق وأنجع: أكل ثوم القرار بأفواه الفصائل الفلسطينية من خلال اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية! لندع جانباً السؤال عن شرعية هذه “اللجنة التنفيذية” (التي يعود تاريخ تأليفها إلى بداية التسعينات!)، ولنحاول أن نقرأ دلالة اختيارها إطاراً لإخراج قرار إجراء انتخابات مبكرة .

سيُعفي محمود عباس نفسه ابتداءً من مسؤولية إعلان حل الحكومة وحلّ المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات مبكرة. لِنَقُل إنه سيفعل ذلك ولكن لا بصفته ارتأى ذلك كرئيس للسلطة، بل من باب التجاوب مع مطلب سياسي عام عبّرت عنه المؤسسة العليا للشعب الفلسطيني (منظمة التحرير) التي بدأ محمود عباس يكتشف منذ الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2006 أنها المرجعية العليا للشعب الفلسطيني وللسلطة بعد رَدْحٍ طويل من الزمن كانت فيه المنظمة ذكرى! هكذا سيبدو بريئاً من “دم” الحكومة والمجلس .

وسيُعفي حركته (“فتح”) من المسؤولية عينها، وهي المتهمة من “حماس” ومن قطاع واسع من الشعب بأنها توسلت بكل الوسائل لإفشال “حكومة حماس” وإسقاطها والعودة إلى السلطة بأي ثمن!.. حتى لو كان تجويع الشعب برمته. والأهم من ذلك كله أنه سيبدو أقوى متسلحاً بموقف “تُجمع” عليه الفصائل في “اللجنة التنفيذية” يَكسِر ثنائية الرئاسة الحكومة وثنائية “فتح” “حماس”، ويضع الأخيرة في مواجهة سائر القوى الوطنية الفلسطينية وفي مواجهة مطلب سياسي عمومي. وحينها سيكون على “حماس” ألا تتهم “فتح” حصراً، بل سائر فصائل منظمة التحرير، الأمر الذي (قد) يوسِّع جبهة خلافاتها الداخلية و(قد) يضعها في موقف عزلة سياسية على الصعيد الوطني. لنفترض أن “توصية” اللجنة التنفيذية وجدت لنفسها شكلاً ما من أشكال التصريف والتنفيذ، وأن الأمور اتجهت تحت الضغط الداخلي والخارجي نحو إجراء انتخابات مبكرة. عندها يطيب لنا أن نعرض السيناريو الافتراضي التالي :

سيعلن محمود عباس عن قرار إجراء انتخابات نيابية مبكرة “تنفيذاً” ل “توصية” اللجنة التنفيذية ومن باب الاحتكام إلى الشعب للفصل في الخلاف السياسي والأزمة الداخلية. سترفض “حماس” وتتمسك بالرفض ثم يبدأ مسلسل تليين مواقفها عربياً. سيشتد عليها الخناق الدولي أكثر مترافقاً مع معادلة جديدة: رفع الحصار مرتبط بإجراء الانتخابات. سيتكفل ضغط الأزمة المعيشية الداخلي وتفاقم مشكلة رواتب الموظفين، واستثمار حالته فتحاوياً، والمزيد من الانفلات الأمني، ومناشدة بعض الفصائل “حماس” بعدم الاعتراض على الاحتكام إلى الشعب.. في تذليل استعصاء رفض “حماس” للانتخابات .

كلما اقترب الموعد، تزايدت الشروط وبانت النيات والأهداف. سيقول الأمريكيون والأوروبيون و”الرباعية” وطبعاً “إسرائيل” إن مشاركة أي فصيل “إرهابي” في الانتخابات سينجم عنها عدم الاعتراف بشرعية نتائجها. ستكون هناك تمايزات طفيفة تحت هذا العنوان الجامع. ستعلن الإدارة الأمريكية ومعها “إسرائيل” أن مشاركة “حماس” في الانتخابات ستنهي “المفاوضات” مع السلطة. وستقول “الدول المانحة” إن تلك المشاركة ستؤدي إلى حجب المساعدات الدولية. ستحذّر الدول العربية بأنها لا تستطيع حينها كَسْر الحصار المالي المضروب على مناطق السلطة. وبكلمة، سيقول الجميع إن محنة الشعب الفلسطيني الحياتية ستستمر وتشتد بإدامة العقوبات المفروضة عليه .

أمام “حماس” حينها أحد خيارين: أن ترضخ للضغوط رأفة بشعبها فلا تشارك، أو أن ترفض وتتمسك بالحق في المشاركة فلا تجري انتخابات وعندها سيشكل الرئيس حكومته التي يريد فتحاوية أو “مستقلة” من دون عودة إلى مجلس تشريعي. وفي الحالين، سيكون على “حماس” أن تخرج من مشهد السلطة. وهذا هو الهدف .

هل هذا هو السيناريو القادم؟ لِنَقُل إنه واحد من السيناريوهات. وفي السياسة، على المرء أن يتوقع كل شيء. والأفضل أن يتوقع الأسوأ .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حزب الله يوجه رشقة صاروخية كبيرة على حيفا

حزب الله يوجه رشقة صاروخية كبيرة على حيفا

بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام وجه حزب الله اللبناني، رشقة صاروخية كبيرة على حيفا شمال فلسطين المحتلة، بعد يوم نفذ فيه 32 عملية وخاض معارك ملحمية...