الأربعاء 07/مايو/2025

وهل استقالة الحكومة تحل المشكلة؟!

سري سمور

فور وقوع جريمة القتل البشعة التي طالت الأطفال الثلاثة وسائقهم في غزة خرجت أصوات وتصريحات من هنا وهناك تطالب الحكومة الفلسطينية بالاستقالة أو تحمل وزير الداخلية سعيد صيام مسئولية ما جرى وتطالبه بتقديم استقالته فورا ،بل إن البعض طالب أعضاء المجلس التشريعي بالاستقالة،ولعل هذه المطالب أصبحت تلقائية أو روتينية بعد وقوع أي حادث،وكأن لسان حال من يطالبون باستقالة الحكومة أو وزير الداخلية هو أن وقف سفك الدماء وإصلاح البلاد والعباد مفتاحه تلك الاستقالة!

منذ مدة أصبح مجتمعنا مليئا بمظاهر العنف والكراهية؛ يؤسفني أن أقول هذا بصراحة لكن السلم الاجتماعي عندنا مفقود؛عائلات تتقاتل ويسقط منها القتلى والجرحى وتخرب الممتلكات،وهناك داخل العائلة الواحدة نزاعات وصلت أحيانا كثيرة إلى القتل العمد وإطلاق الرصاص بين الأخوة وأبناء العمومة.

مظاهر مسلحة تملأ الشوارع ثم تذوب كما الملح عند سماع نبأ اقتراب دورية عسكرية إسرائيلية،وجرافات إسرائيلية تقتلع الأشجار وتجرف الأراضي في بعض القرى التي يلتزم أهلها الصمت والشكوى،والواحد منهم لن يتردد أو يتورع عن حمل السلاح وقتل أخيه أو ابن عمه أو ابن قريته إذا ما اختلف معه حول شجرة صغيرة أو بضعة أمتار من الأرض،نعم،أصبح بأسنا بيننا شديدا وأصبحنا نطلق الرصاص على بعضنا ونستبيح الدماء والأعراض والممتلكات بلا وازع من دين أو خلق أو حتى وعي بأن شعبا تحت الاحتلال كشعبنا لا يجوز له أن يتقاتل.

هذه المظاهر قبل تشكيل الحكومة الحالية وقبل فوز حماس في الانتخابات العامة؛ نحتاج إلى كتاب كامل كي نحصي الأحداث والوقائع التي تندرج تحت العبارة التي سئمنا سماعها “الفلتان الأمني” ،ولكن للتذكير فإن إطلاق النار على وزير سابق وعضو مجلس تشريعي مما أدى إلى بتر ساقه كان قبل مجيء حماس إلى الحكم ،واغتيال محاضر جامعي في غزة بعبوة ناسفة زرعت تحت مكتبه كان قبل مجيء حماس،وكذلك اغتيال اللواء موسى عرفات في منزله الأشبه بقلعة محصنة واحتجاز نجله أيضا حدث قبل الانتخابات وقبل مجيء حماس إلى الحكومة.

فالقتال وسفك الدماء بين العائلات والأفراد وعمليات الاغتيال أو إحداث الجروح في أجساد بعض الشخصيات كانت قبل مجيء حماس إلى الحكومة؛ولكن بعد مجيء حماس إلى الحكومة أحرق مقر المجلس التشريعي في رام الله ومقر مجلس الوزراء واختطف عدد من نواب الحركة الذين أصبحوا اليوم في “ضيافة” السجان الإسرائيلي.

ولا شك أن جريمة قتل أولاد مسئول المخابرات بهاء بعلوشة تشكل نقلة نوعية في بشاعة أعمال القتل والتخريب وأحدثت هزة في مجتمعنا المهزوز أصلا ،ولكن هل استقالة الحكومة أو على الأقل استقالة وزير الداخلية تنهي المشكلة وتمنع تكرار مثل هذه الحوادث؟إذا كان الجواب نعم فأنا أضم صوتي إلى أصوات المطالبين باستقالة الحكومة،ولكنهم أنفسهم يعلمون ويدركون في قرارة أنفسهم أن رحيل الحكومة لن يجعل بأسنا على عدونا لا بيننا، ولن ينهي اقتتال العائلات وأكل حقوق العباد،ولن يغلق ملف الاغتيالات التي تفاجئنا بين فترة وأخرى،لأنه وببساطة هذه الأحداث موجودة قبل مجيء هذه الحكومة ،فلنبحث عن حلول أخرى رحمة بأنفسنا وبأطفالنا وبوطننا الذي يكاد يغرق!

* عضو تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...