القضية ليست وزارات ولكن حقوق وثوابت

يظن الناس أن السلطة الفلسطينية تريد أن تعلن الحرب الشاملة على إسرائيل خلال الأيام القادمة ، التنفيذية تجتمع والمركزية تجتمع وقرارات مصيرية سيتخذها الرئيس محمود عباس ، وإذا بهذه الدربكة ليس المقصود منها إسرائيل ، وإذا بها تستهدف الحكومة الفلسطينية التي ترفض التساوق مع الإرادة الأمريكية ،أو الارتهان في عملها لأجندة خارجية لتحقيق مصالح إسرائيل عبر القبول بشروط الرباعية والتي على رأسها الاعتراف بإسرائيل ، ورؤية الرئيس بوش التي لن تتحقق في إقامة دولتين على فلسطين “إسرائيلية وفلسطينية “، علما أن فلسطين لا تقبل القسمة.
فاللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي بتركيبتها الحالية لا تمثل كل الشعب الفلسطيني إلى جانب أن هذه اللجنة فقدت شرعيتها القانونية والدستورية من سنوات طوال وباتت في حكم المنتهية الصلاحية وهي تُستدعى عند الحاجة وللاستقواء بها على الشرعية الدستورية، وهنا الغرابة تكمن في دعوتها إلى استقال الحكومة الفلسطينية المنتخبة شرعيا عبر انتخاب من شكل هذه الحكومة في المجلس التشريعي الفلسطيني بغالبية أهلته لتولي مقاليد السلطة، الأمر الذي شكل أزمة نفسية كبيرة لحركة فتح، التي لم تستوعب بعد هذه النتائج ،وتسعى جاهدة للقفز عليها والعودة إلى ما كانت عليه في السنوات الماضية ولا نعتقد أن عجلات الزمن تعود إلى الوراء ، ولكن بالإمكان أن تنافس حركة فتح وغيرها من القوى في الانتخابات القادمة على نيل ثقة الشعب الفلسطيني، فإن حازت على ذلك عادت إلى تولي مقاليد السلطة، فهذه هي الطريقة التي بها يمكن لحركة فتح قيادة الشعب الفلسطيني أو غيرها يعطيه الشعب الفلسطيني تفويضا شرعيا لقيادته عبر صناديق الاقتراع، والعجيب هنا أن تطالب مؤسسة فاقدة الشرعية والأهلية القانونية والدستورية كاللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مؤسسة فلسطينية منتخبة شعبيا وتعمل وفق النظام والدستور إلى الاستقالة.
المؤسف أيضا أن تدعو هذه اللجنة التي لا تمثل الشعب الفلسطيني بكل أطيافه حتى أن بعض أعضائها لا يمثل إلا نفسه والعدد الأكبر منهم فشل في الحصول على نسبة 1% من أصوات الشعب الفلسطيني في الانتخابات التشريعية ويدعي تمثيل الشعب الفلسطيني ، هذه اللجنة في بيانها دعت إلى العمل على العودة للتفاوض مع إسرائيل عبر طاولة المفاوضات، ويرقص بعض أعضائها طربا بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس أن الحوار مع حركة حماس وصل إلى طريق مسدود ، فهي تريد أن تنهي حوارا وطنيا فلسطينيا من اجل المصالح العليا للشعب الفلسطيني قد يثمر حالة من التوافق تعمل على مواجهة الحصار وتعزز صمود الفلسطينيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي وتحافظ على حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، أليس من الأفضل لهذه اللجنة أن تقول للرئيس محمود عباس أن لا مجال أمامنا إلا الحوار الفلسطيني الفلسطيني وتوصي بضرورة مواصل الحوار لا العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل والتي لم تثمر خلال السنوات الطويلة الماضية إلا مزيدا من الدمار والحصار والقتل والتشريد للشعب الفلسطيني.
القول في هذه اللجنة كثير، ونرى أن منظمة التحرير كما اتفق على ذلك في حوار القاهرة يجب أن يعاد النظر في تركيبتها وتشكيلتها والعمل على تفعيلها وإعادة ترميمها بحيث تصبح ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني، فلا يعقل أن تبقى حركة حماس والتي تمثل غالبية الشعب الفلسطيني وحركة الجهاد الإسلامي خارج المنظمة ، ثم نقول أن هذه المنظمة هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني ، وان لجنتها التنفيذية هي صاحبة الحل والعقد فيها .
أما ما يتعلق بالحوار الذي جرى حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ،وما آل إليه ووصوله إلى طريق مسدود ، فانا أريد هنا أعود بالأمور إلى بداياتها ، والى القاعدة التي انطلق الحوار على أساسها وهي مبادرة الدكتور مصطفى البرغوثي وجولاته المكوكية بين غزة ورام الله ودمشق ،التي أسفرت عن اتفاق وقع عليه من قبل الرئيس محمود عياس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية في محضرين للاجتماع وبشهادة الشهود ،والتي على اساسهما انطلق الحوار وفقا للنقاط الخمس التي كانت في مبادرة البرغوثي ، ولكن وبعد جولات من الحوار وحدوث بعض التقدم ، تفاجئ المحاورون في حركة حماس والحكومة الفلسطينية أن الرئيس محمود عباس يتراجع عن ما تم الاتفاق عليه، وتبين انه لا يريد حكومة وحدة وطنية يتم تشكيلها وفقا للأعراف البرلمانية ووفقا لما تم الاتفاق عليه وإنما يريد حكومة “تكنوقراط” وان يقوم بتعين الوزراء للحقائب السيادية ويجعل عليها مستقلين بالمفهوم السائد ، وهذا يخالف ما تم الاتفاق عليه ، حيث تم الاتفاق على أن يتم ترشيح رئيس للوزراء من قبل حركة حماس بالتوافق مع الرئيس محمود عباس ، وان تقوم القوى والفصائل بترشيح من تراه مناسبا لشغل الوزارات التي ستتولاها ، وفق المعايير التي تم التوافق عليها ، إلا أن إصرار الرئيس محمود عباس على موقفه إلى جانب الفيتو الفتحاوي والذي كان واضحا عندما رفض الرئيس محمود عباس مرشح حماس الدكتور باسم نعيم لتولي رئاسة الوزراء ، فالرفض كان فتحاوياً وليس أمريكياً أو أوروبياً، هذا إلى جانب أن كل مرشح سواء لرئاسة الوزراء لو للوزارات يجب أن يخضع للفحص الأمني الأمريكي ينفع او لا ينفع، وان يلقى قبولا من حركة فتح ، وكأن هذه الحكومة يجب أن تكون بالمقاس الأمريكي وتلقى الرضا الفتحاوي .
ومن هنا وعلى ما يبدو كان المقصد من الحوار على تشكيل حكومة وحدة وطنية الهدف منه هو الوصول إلى طريق مسدود ، وان مشاركة الرئاسة وحركة فتح على المضي في الحوار ، ومن ثم وضع العراقيل عبر التراجع عن التفاهمات والحديث عن اشتراطات ومطالب أدت إلى التراجع عن الاتفاق ، ووضوح المقصد في نهاية الحوار وهو تشكيل حكومة “تكنو قراط ” وليس حكومة وحدة وطنية وذلك من اجل القفز على الشرعية الفلسطينية ،والقفز على حركة حماس وتجريدها وحكومتها من كافة الصلاحيات ، فالموضوع ليس خلاف على وزارات ولا على برنامج سياسي لان وثيقة الوفاق الوطني كانت الأساس لهذا البرنامج ، هذه الأسباب الحقيقية لإفشال الحوار .
ومن هنا من يتحمل هذا الفشل هو حركة فتح والرئيس محمود عباس وليس حركة حماس التي أبدت مرونة عالية وتنازلت بما يكفي لاثيات نيتها الجادة نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية والدليل على ذلك تخليها عن رمزية كبيرة كإسماعيل هنية في رئاسة الوزراء لكي نثبت للقاصي والداني أنها تريد ترسيخ مبدأ الشراكة السياسية الحقيقية، والقضية ليست قضية أشخاص أو كراسي أو سلطة أو وزارة هنا ووزارة هناك، ولكن القضية اكبر من ذلك بكثير وهي الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا وحقوقه وثوابته.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...

السفير الأمريكي في إسرائيل يجدد دعم واشنطن لتهجير الفلسطينيين من غزة
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام جدد السفير الأمريكي لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي مايك هاكابي، دعم واشنطن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، رغم...

جيش الاحتلال يعلن استعادة رفات جندي قٌتل في اجتياح لبنان 1982
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، استعادة رفات جندي إسرائيلي من الأراضي السورية في عملية وصفة بالخاصة....

مسيرة احتجاجية في ستوكهولم تنديدا بالإبادة الإسرائيلية في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت في العاصمة السويدية ستوكهولم، السبت، مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار إسرائيل توسيع الإبادة على قطاع غزة. ووفق الأناضول؛...

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...