الجمعة 04/أكتوبر/2024

أين حكومة الوحدة الوطنية؟

أين حكومة الوحدة الوطنية؟

صحيفة الخليج الإماراتية

لا يبدو في الأفق القريب أن هناك ولادة فلسطينية لحكومة الوحدة الوطنية، على الرغم من أهميتها كمصلحة وطنية وخيار لإدارة أزمة فلسطينية قد تفضي حتماً إلى خيارات غير مرغوب فيها، وعلى الرغم أيضاً من أن حكومة الوحدة الوطنية قد تشكل مكسباً للجميع وتؤسس لمرحلة سياسية جديدة تضمن الاستقرار والتوازن في العلاقات، فهي لن تكون فقط الحكومة الأولى على هذا الشكل، بل وهذا هو الأهم قد تشكل بدايات لحالة من التعايش والمساكنة السياسية، بين كافة القوى والتنظيمات السياسية الفلسطينية وخصوصاً بين تنظيمات ذات توجهات وأصول دينية وأخرى علمانية التوجه وتحديداً بين حركتي حماس وفتح، وهو إذا ما تحقق سيشكل أحد عناصر قوة النظام السياسي وقدرته على البقاء وصولاً إلى تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية .

وإذا لم يتحقق فسيقود إلى نتائج كارثية على مستوى الشعب والقضية وسيعيدنا خطوات كثيرة إلى الوراء، ولعل أخطرها أن تخرج القضية من أيدي أصحابها، ويعود العامل الفلسطيني مرهوناً بالعوامل الخارجية وبالمصالح الوطنية لكل دولة قطرية.

وعلى الرغم من أن كل قادة التنظيمات في الداخل والخارج تبدو حريصة على المصلحة الفلسطينية، وتؤكد على الخيار الوطني، لكن تبدو الفجوة عميقة ما بين لغة الشعارات والخطاب، والمكنون الفكري والأيديولوجي الذي يحكم كل تنظيم، وما بين الممارسة الواقعية .

الكل يريد الحكومة، والكل يعمل ضدها، القضية ونقيضها، حكومة وحدة وطنية ضد حكومة وحدة وطنية. حماس التنظيم الحاكم الآن تحكمها قناعات عقيدية وأيديولوجية وسياسية حاسمة فهي لم تشارك في الانتخابات إلا بهدف الوصول إلى السلطة ومن يصل إلى السلطة يبدو من الصعب تركها، ولذلك تعتقد جازمة أن من حقها أن تحكم الفترة القانونية المقررة وهي أربع سنوات، وهذا في حد ذاته حق تضمنه لها نتيجة الانتخابات التي جاءت بها إلى السلطة فهي ليست معتدية ولا غاصبة للسلطة، وتدرك أيضاً أنها إذا ما تنازلت عن الحكم تحت مظلة حكومة الوحدة الوطنية فإنها قد لا تعود إلى خيارها الأول ومنها إلى الانتخابات المبكرة، ونتيجة الانتخابات ليست مضمونة وخصوصاً بعد ممارستها للحكم، ومن هنا حرصها على رئاسة الحكومة واحتفاظها بعدد من الوزارات المهمة، ولا أحد يجادل في هذا الحق، لكن في الوقت ذاته الحكومة عليها مسؤوليات وطنية، وهناك أزمة حقيقية لابد وبأسلوب ديمقراطي أن تعمل على إيجاد مخرج لها من خلال معادلة بسيطة تقوم على أساس الحق في الحكم والحق في إدارة الحكم.

وفتح من ناحيتها يبدو أنها لم تتكيف بعد مع الواقع السياسي الجديد الذي أفرزته الانتخابات التشريعية ولم تتعود بعد على ممارسة دور المعارضة السياسية، وفي الوقت ذاته حذرة من المشاركة في الحكومة ومن ثم رفع الحصار وهو ما سيضمن استمرار الحكومة .

إن المشكلة ليست عويصة على الحل إذا ما احتكمنا إلى معيارين أساسيين، الأول المعيار الديمقراطي في الحكم فمن حق حماس أن تحكم وفقاً لهذا الحق لكن ليس من حقها وفي حال أزمة مستعصية أن تحول دون الممارسة الديمقراطية حتى لو اقتضى الأمر العودة إلى الاحتكام للشعب، وطالما أنها تنظيم له قاعدته الجماهيرية فلا خوف من هذا الخيار بل فيه تأكيد على دورها. والمعيار الثاني التفكير بلغة أكثر واقعية وبلغة تجسد المعطيات السياسية الفلسطينية القائمة من دون تجاهلها، والأمر الآخر أن ندرك جميعاً ماذا يعني أن ننسى دورنا كفلسطينيين في إدارة شؤوننا الداخلية، وأن ندرك أن العالم اليوم تحكمه معطيات لم تكن قائمة من قبل، فحماس جاءت إلى الحكم عام 2006 في ظل عالم ونظام دولي جديد ليس هو نفسه الذي جاءت في ظله فتح .

إذا كان الجميع لا يرون في حكومة الوحدة الوطنية مصالحهم الضيقة، فما هو موقف الشعب الفلسطيني الذي منح ثقته لهذه السلطة؟ فهل يملك أن يقرر من جديد من الذي من حقه أن يحكم؟  

* أستاذ العلوم السياسية /غزة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حزب الله يوجه رشقة صاروخية كبيرة على حيفا

حزب الله يوجه رشقة صاروخية كبيرة على حيفا

بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام وجه حزب الله اللبناني، رشقة صاروخية كبيرة على حيفا شمال فلسطين المحتلة، بعد يوم نفذ فيه 32 عملية وخاض معارك ملحمية...