الأحد 11/مايو/2025

عندما يكون العهر السياسي منهجاً والخيانة وجهة نظر

إسماعيل الثوابتة
 المركز الفلسطيني للإعلام
قبل أن أبدأ مقالي المتواضع هذا اعتذر عما جاء في عنوان المقال إذا كان قد أساء لشرفاء عرفوا معنى الولاء الصادق، ولكني لا اعتذر عن هذا الوصف في وجه أناس لا يعرفون صحة ما يقولون، كما إنني ما وجدت وصفا لهم أبلغ من ذلك لهم، باعتبارهم يتمسحون بدولة الكفر والإلحاد “الولايات المتحدة الأمريكية” من أجل أن يتلقوا فضلات فتاتها الزائل.
إذا كان هناك من يظن يوما أن عمالته ستشفع له أمام شعب مسلم عربي أصيل، فلا يظن أبدا أن وهمه سيزهق حقهم، فعلى ما يبدو أن هناك أقزام يستمتعون كلما ضربت رؤوسهم بالأحذية، تماما كما كان نمرود لا يصطلح حاله إلا بالنعال حين يضرب به رأسه، إن الواقع يتألم له الكثير من الشرفاء الذين عرفوا معنى الانتماء الحقيقي لدينهم ولقضيتهم ولشعبهم ولأمتهم، وبطبيعة الحال فإن هناك محسوبون على العرب والعربية؛ والعرب منهم بريئة لا لشيء إلا لأنهم امتطوا لثام الخبث و(العهر) السياسي، فتمسحوا برأس الإلحاد الكافر متمثلا في الرئيس الأمريكي جورج بوش إن صح التعبير، لماذا يكون هؤلاء كالقطط تتمسح بصاحبها من أجل سمكة صغير حتى ولو كانت فاسدة.
إن ما يعرف بقضية الإسقاط النفسي ينطبق على هذه الحالة التي يمثلها من كتب مقاله ليشكك في أسطورة جسدت على أرض فلسطين أروع ملاحم البطولة والفداء، وأصفه بما وصفه به الدكتور صلاح البردويل بأنه لا رحمة في قلبه ولا رشد في عقله، فهذا الإنسان الذي أتقزز كلما سمعت اسمه فهو لا يمثل إلا نفسه واستغرب قائلا: كيف يسمح هذا لنفسه بالإساءة إلى حركة نفضت الغبار عن وجهه وأزالت العار عن جسده (المسرطن بالأمركة)، وذلك في مقاومتها الشريفة في فلسطين فأخذت على عاتقها أن تحرره من العبودية والتبعية وتحرر كذلك كل ذرة تراب من تراب بلادنا المقدس الذي لا يستوي معه المذكور، فمثلا يقولون في علم النفس – وأنا فيه غير عالم – أن الإنسان المريض بمرض الإسقاط النفسي يحاول دائما أن يُسقط ما في نفسه على الآخرين وذلك نتيجة الضعف الذي يعتريه ونتيجة حالة البؤس والفشل الذريع الذي يمني به الشخص المصاب بمرض الإسقاط النفسي، وكما يبين النفسيون أن ظاهرة الإسقاط النفسي هي عبارة عن مجموعة من التبريرات والأعذار التي تُلقى من الشخص المصاب بهذه الخصلة على الدوام على من حوله سواءً كانوا أشخاصاً بعينهم أو على أحوال وظروف تجري من حوله، ومقصده من إلقاء هذه التبريرات والأعذار هو التهرب من مسؤولية الفشل أو الخلل الذي وقع به في ناحية من نواحي حياته. وهنا بطبيعة الحال فإن هذا الكلام ينطبق على من استهزأ بحركة حماس الرائدة، وشتم شهداء فلسطين، وتهكم على جهادهم غير المسبوق، وهو الذي فشل في تسويق الأفكار الأمريكية في المشرق الإسلامي عبر أبواقه المفضوحة كون المشرق الإسلامي يشهد صحوة إسلامية منقطعة النظير جاءت بفعل دماء آلاف الشهداء الذين ارتقوا إلى العلا في فلسطين والعراق وفي كل مكان، وهم من يصفهم (المنخلع) بالقتلى بمفهومها السلبي وأستغفر الله العظيم على ذلك؛ وهو أراد من وراء إسقاط هذه التهم غير المنصفة على حركة أوقفت العالم على قدم وساق وبحق شهداء مضوا وقضوا ليحيا هو وغيره ممن سار على دربه، وذلك تصديرا للأزمة النفسية التي يعيشها بعد فشله في تسويق أفكاره كما ذكرت آنفا.
إن قمة النذالة والاستحقار أن يلبس المرء ثوبا لا يليق بدينه وعروبته، وإن من ذلك أيضا أن يجعل الإنسان من نفسه سوطا يضرب أصحابه وإخوانه وأهله من أجل أن يرضى عنه أعدائهم، والأخزى من ذلك أن يكون لسانه أيضا خادما لهم بأجر بخس، فكيف يسمح لنفسه أن يكون مدافعا عن أعداء الإسلام والمسلمين ويقف معهم في كفة مكافحة الإرهاب، فكم هم فراعنة عصر الزعرنة والخذلان الذين جعلوا من دماء المسلمين في كل مكان بساطا لأحذيتهم، ولكنهم سيسقطون كما سقطت الإمبراطوريات الكافرة، حيث أن التاريخ الشريف علمنا أن أصحاب الثورات والدعوات الفاسدة يموتون كما تموت الكلاب، ولا يجدون من يترحم على زوالهم، فعندما مات فرعون صفق الناس في عصرهم، لأنه كان مشهورا بالظلم والطغيان، وعندما مات أشباهه صفق أيضا محبو الخير لموتهم، وعندما سيموت أمثاله في عصرنا هذا سيصفق المخلصون لدينهم ولعروبتهم كذلك.
إني أعتذر يا حكومة شعب فلسطين لما ينالك من أفواه المستغربين، إني أستغفر الله العظيم أن تصبح دماء الشهداء ورقة يتغنى بها المتأمركون، لا ضير أيها الشهداء لا تنظرون إلينا بل تمتعوا كما وعدكم ربكم بجنات تجري من تحتها الأنهار، لن نحمي كيانهم المسخ فوالله الذي رفع السماء بلا عمد إننا ما جئنا وما وجدنا إلا من أجل إزالة كيانهم وليس لحمايته وسيشهد على ذلك القفزات النوعية التي ستثبتها مقاومتنا الفلسطينية الباسلة بأطيافها المختلفة في المرحلة القادمة، واعلموا أيها الشهداء أننا ما جئنا إلى هنا إلا من أجل أن تعود العزة والكرامة، لقد سئمنا حياة الذل والهوان ولقد بات فمنا يلفظ كل لقمة مغمسة بالعار والهزيمة والاستسلام، هناك الكثيرون من يريدون التشفي من عمالقة الجبال التي تواجه وحدها وشعبها العالم الظالم بحصاره المفروض والذي يدعمه كثير من (أبناء) جلدتنا (العربية)، ولكن مهما تنقطع المتنطعون، ومهما اتهمنا الخائفون، فسنبقى أبد الدهر مخلصين لديننا ولوطننا ولأخلاقنا، ولن نغير مواقفنا القوية العزيزة، وسنكون كذلك روادا للعلم والتغيير والإصلاح ولن يضيرنا تفاهة التافهين ولا دعوات الهدامين، ولا خذلان المتنازلين.
لقد تفاجأت كثيرا عندما قارنت بين مقال الكاتب (العربي) الذي اتهم حماس بحماية إسرائيل!! ومقال عمير ربابورت الكاتب الصهيوني في صحيفة معاريف العبرية فظننت أن الأول منهم وأن الثاني عربيا وذلك لأن الأول كان يهدم ما بناه الأسرى والجرحى والشهداء، فيما الثاني يعظّم من شان المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها مقاومة حماس؛ حيث يقول الأول: “أن الجميع يرون نتائج سياسة حماس الفاشلة التي قدمت منذ تسلمها السلطة حماية أكثر لإسرائيل” فيما يقول الثاني (الصهيوني): “أن حركة حماس تحقق أهدافا عديدة من اتفاق وقف النار، ويمكن الوصول إلى هذا الاستنتاج أولا وقبل كل شيء حسب اختبار النتيجة، فبعد اختطاف جلعاد شليط وضعت حماس لنفسها هدف النجاة بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي فيما يكون الجندي المخطوف لا يزال محتجزا لديها. وقد حققت هذا الهدف بكامله” كما يقول، فأستغرب من كلام الاثنين ولمن ينتميان كون الأول يهدم والثاني يمجّد.
وبحسب الأول فيقول: “إذا كانت حماس ستفاخر بأنها أطلقت عددا من الأسرى الفلسطينيين من خلال التفاوض عليهم مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي، فإنه مبرر غير مقنع لأن إسرائيل كانت مستعدة من أجل توقيع هدنة معها إطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين من دون الحاجة إلى خطف جنود”، فيما يقول الكاتب الصهيوني ربابورت: “أن الاتفاق يثير لدى الجيش الإسرائيلي الاستياء، صحيح أنه رسميا يقول الضباط أن هذه “مسألة سياسية”، ولكن بشكل غير رسمي يتحدثون خلاف ذلك تماما”، ويضيف في مقاله: “فقد قال أحد الجنود “بدل أن يزحف الفلسطينيون نحو اتفاق وقف النار، نحن زحفنا”.
في نهاية مقالي هذا فإنني أدعو أن يحفظ كل واحد منا ماء وجهه أمام الله تعالى أولا ثم أمام أسرته وأبناءه ثانيا ثم أمام شعبه وأمته ثالثا لأن التاريخ لا يرحم واسألوا ما فاته الزمان وخسر  

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات