الإثنين 08/يوليو/2024

أبو مازن: إلى أين ؟

أبو مازن: إلى أين ؟

بعد العقبة وخطابه فيها، إلى أين يمضي السيد محمود عباس «أبو مازن» أول رئيس وزراء في السلطة الفلسطينية؟ هل يمضي نحو أداء جيد في حمل أعباء مهمته بعد أن فقد البوصلة في العقبة؟ هل يكفي أن يمتدحه الرئيس بوش ليتمكن من إزالة كل الأحجار التي رمتها الفصائل الفلسطينية في طريقه بعد أن منيت هذه الفصائل بالخيبة إثر خطابه الذي بدل أن يضع فيه النقاط الفلسطينية المشروعة على حروف الخريطة الملتبسة قام بتفريغ الخريطة الفلسطينية من كل مرتكزاتها؟

كل القراءات السياسية لتفكيك خطاب السيد أبو مازن تقود إلى نتيجتين:

أولاً: تجاهل لثوابت القضية الفلسطينية التي لا يقبل الفلسطينيون التنازل عنها وهي: حق العودة – الأرض – القدس – الأسرى والمعتقلون في السجون الإسرائيلية حيث لم يرد حرف واحد بخصوصها!

ثانيا: تجاهل تام – وهذا هو الأغرب – للمقاومة المشروعة والشريفة للفلسطينيين بل وإدانة كاملة لها وصلت حد الهجوم والتهديد باستئصالها بكافة الوسائل والتعامل معها وكأنها خطيئة يجب محاربتها!

ذهب أبو مازن إلى العقبة حاملاً صفة القائد الفلسطيني الذي يحمل على كاهله مسئولية قضية شائكة وعادلة في آن واحد وبعد أن تحاور والتقى كثيراً مع قيادات الفصائل المختلفة وبعد أن تعهد بعدم الخروج على النص الشرعي لثوابت القضية، لكنه حينما وقف إلى جانب بوش وشارون كان تركيزه على استرضاء الطرف الآخر بالقفز فوق عدالة قضيته وطمأنة بوش إلى أن مجيئه إلى العقبة لا يستحق أقل من تقديم المقاومة كبش فداء إمعاناً في الكرم العربي.

وما أن أعلنت (حماس) وقف الحوار مع أبو مازن كرد فعل على خطابه ذاك، حتى أصدر البيت الأبيض موقفاً فورياً باعتبارها عدواً للسلام مذكراً أبو مازن وشارون بتعهداتهما في العقبة بتفكيك بنية الإرهاب بلا هوادة، دون أن يتطرق إلى تجاوزات شارون التي أثمرت عدداً من الشهداء والضحايا!! هذه هي الواقعية التي يتعامل بها الإسرائيليون بالرغم من هذا الاحتشاد الأميركي خلف خريطة الطريق والتعهد بحل القضية، فلماذا يطلب من الفلسطينيين وحدهم أن يكون نهجهم الواقعي رديفاً للنهج الاستسلامي ليكونوا واقعيين وبراغماتيين ويعرفون أصول اللعبة السياسية جيداً؟ ألا تتطلب الواقعية حداً أدنى من الانسجام في تطبيق قوانين اللعبة؟ أم أنها لعبة بلا قوانين سوى قوانين ومعادلات الإرهاب وفق المنظورين الأميركي والإسرائيلي؟

لقد تعهد بوش وبشكل قاطع بضمان «أمن إسرائيل كدولة يهودية تنبض بالحياة» وتعهد شارون بتعقيد مهمة أبو مازن بمواصلته الاغتيالات والقتل والعمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وكأنه بذلك ينسف الخريطة وجهود السلام من أساسها بينما سمع كل الفلسطينيين رئيس وزرائهم يتعهد باجتثاث مقاومة شعبه وبكل الوسائل، أما حينما جاء ليتحدث عن معاناة شعبه واحتلال وطنه ودموية الاحتلال فقد اختار أكثر الكلمات مرونة حينما قال «وعلينا أن نستخدم الوسائل السلمية في سعينا لإنهاء الاحتلال ومعاناة الفلسطينيين والإسرائيليين».

إلى أين يمضي أبو مازن؟ هل سيبدأ حواراً آخر بعد خطابه؟ هل سيفقد شعبيته؟ هل سيفقد منصبه؟ ولنذهب إلى آخر الأسئلة: هل من الممكن أن يفقد أكثر من منصبه إذا بقي متمسكاً بمشروعه تجاه مقاومة شعبه؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات