الهــدنة الرابعــة … و مــاذا بعــد ؟
يجري الحديث و تبذل الجهود و المساعي السياسية و الدبلوماسية ، و تكثّف الحوارات و الاتصالات بهدف التوصل إلى تفاهمات بين الفصائل و القوى الوطنية و الإسلامية الفلسطينية حول عقد (هدنة) مؤقتة بين طرفي الصراع الفلسطيني- (الإسرائيلي) ، و هذه المرة الرابعة خلال انتفاضة الأقصى الباسلة التي يتم التحرك فيها لعقد (هدنة) و إعطاء فرصة للتحرّكات السياسية المبذولة للخروج من دائرة الأزمة و وقف العدوان و إنهاء الاحتلال .. فالمرة الأولى كانت في يوليو 2001م ، و تم نسفها باغتيال الشهيد جمال منصور و الشهيد جمال سليم و هما من القيادات السياسية و الإعلامية لحركة حماس في نابلس ، و المرة الثانية كانت في يوليو 2002م ، و أُجهضت باغتيال الشهيد صلاح شحادة (أبو مصطفى) قائد كتائب عز الدين القسام ، و في المرة الثالثة كانت الفصائل الفلسطينية على وشك التوصل لاتفاق وطني و (هدنة) مؤقتة بهدف إعطاء فرصة للجهود السياسية المبذولة ، إلا أن الحكومة (الإسرائيلية) و قوات جيشها الاحتلالي لجأت كما في المرتين الأولى و الثانية إلى تصعيد عدوانها و حملاتها العسكرية و القيام باغتيال مجموعة من الكوادر النضالية الفلسطينية في بلدة عتيل في طولكرم بعد اختتام أعمال اجتماع قمة العقبة الأردنية مباشرة ، و محاولة اغتيال د. عبد العزيز الرنتيسي عضو القيادة السياسية البارز لحركة حماس ، ليس لعرقلة الجهود و التحركات السياسية المبذولة فقط ، و إنما لإغراق المنطقة في دوامة العنف و التصعيد و الفعل و ردة الفعل ، و هي تعلم بأن التوغلات و الاغتيالات و ما ينجم عنهما من أعمال قتل و جرائم و مجازر لا تجلب الأمن لـ (الإسرائيليين) فحسب بل تستجلب ردود أفعال فلسطينية كما حصل في الموقع العسكري (الإسرائيلي) في منطقة (إيرز) و شارع يافا في القدس ، و ما محاولة اغتيال د. الرنتيسي إلاّ مؤشر لبداية مرحلة خطيرة من التصعيد العسكري (الإسرائيلي) .
و تأتي زيارة الوفد المصري برئاسة اللواء محسن النعماني وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية إلى غزة ، و ما تقوم به جمهورية مصر العربية من جهود قومية و سياسية في إطار تعزيز الموقف الفلسطيني و المساعدة في إنجاح الحوار الوطني الشامل حول ترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي و التوصل لتفاهمات وطنية و اتفاق حول إعطاء فرصة (هدنة) للجهود المبذولة و بخاصة وضع نتائج اجتماع قمة العقبة الأردنية موضع التنفيذ ، و البدء في تطبيق المرحلة الأولى من خطة خارطة الطرق ، و تجاوب الفصائل و القوى الوطنية و الإسلامية بشكلٍ إيجابي مع زيارة الوفد المصري و تقدير الدور الكبير الذي يقوم به الأشقاء في مصر ، و ظهر شبه إجماع وطني في التحليل و قراءة التطوّرات و الإفرازات الإقليمية و الدولية .
إن كافة التصريحات التي صدرت عن المسؤولين و الناطقين بلسان الفصائل و القوى الوطنية و الإسلامية أكّدت الحرص الكبير على تعزيز خيار الحوار الوطني و اعتباره اللغة الوحيدة في التخاطب بين الأخوة و أبناء الشعب الواحد ، و أكّدت استعدادها لدراسة مسألة إعطاء فرصة (هدنة) و أن (للهدنة) شروطاً من أهمها وقف العدوان و التوغلات و الاغتيالات و وقف استهداف المدنيين الفلسطينيين و فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني و قيادته .
إن نجاح الجهود و المساعي المبذولة للتوصل إلى اتفاق (هدنة) و إعطاء فرصة لإحداث انطلاقة جدية في عملية السلام يقوم على أساس التزام أطراف الصراع بشروط (الهدنة) ، و السؤال المهم في هذا السياق هل تريد الحكومة (الإسرائيلية) إعطاء فرصة و الالتزام بشروط (الهدنة) التي جاءت في خطة خارطة الطرق و تطبيق ما جاء فيها من التزامات (إسرائيلية) ، و التوقف عن سياسة المماطلة و التسويف ؟
إن الموقف (الإسرائيلي) و ما يمثله من خلفية يمثل نقطة الانطلاق الأولى في الخروج من عنق الزجاجة ، و هل يريد (شارون) إعطاء أو أخذ فرصة لوقف سفك الدماء ؟ فالمسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق الحكومة (الإسرائيلية) التي تشن العدوان و الحملات العسكرية ضد الشعب الفلسطيني ، و لا زالت تطلق التصريحات و التهديدات بمواصلة سياسة الاغتيالات فالسلطة الفلسطينية قبلت بخطة خارطة الطرق قبولاً صريحاً بينما الحكومة (الإسرائيلية) كانت موافقتها مشروطة بهدف التعطيل و إعاقة التنفيذ ، و الفصائل الفلسطينية و أكثر من مرة أعطت الفرصة ، و الحكومة (الإسرائيلية) لم تكتفِ بعدم التقاطها بل لجأت إلى إغراق الواقع في حمام دم و أعمال قتل و استهداف المدنيين الفلسطينيين ، فالعدوان و التوغلات و الاغتيالات و (الهدنة) لا يجتمعون ، و إذا ما أرادت الحكومة (الإسرائيلية) “هدنة” جدية و التقاط فرصة تاريخية لإنهاء الصراع عليها وقف عدوانها بكافة أشكاله و سحب قواتها من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، و الشروع الفوري في تطبيق التزاماتها الواردة في خطة خارطة الطرق ، على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام و تطبيق قرارات الشرعية الدولية .
إن المشكلة و التناقض الرئيسي هو مع الاحتلال الغاشم بكافة أشكاله العسكرية و الاستيطانية و سياساته الإرهابية ، و الشعب الفلسطيني بكافة فصائله و قواه السياسية و قطاعاته المناضلة يعي تماماً كيف يتعامل مع تناقضاته الثانوية و خلافاته الداخلية و السياسية ، فلقد كان الحوار دائماً سيد الموقف الوطني في التخاطب ، و الطرق الديمقراطية و السلمية كانت الوسيلة الوحيدة في حلّ الخلافات و فض التناقضات الثانوية ، و الشعب الفلسطيني يدرك اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى مدى حاجته إلى استئناف و تفعيل و تعزيز الحوار و الطرق الديمقراطية و السلمية في الحياة الفلسطينية ، لترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي على كافة الصُعد ، لرصّ الصفوف و حشد الإمكانيات لمواجهة التحديات الماثلة أمامه ، و استكمال المشروع الوطني الفلسطيني و تحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة في الحرية و التحرير و العودة و الاستقلال الوطني الكامل و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشريف جنباً إلى جنب مع دول المنطقة و العيش بأمن و سلام .
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
غارات إسرائيلية مكثفة ومتواصلة على شمال غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الصهيوني - مساء السبت- عشرات الغارات المكثفة والقصف المدفعي على بيت لاهيا وجباليا شمال غزة، وسط...
عدوان إسرائيلي متواصل على لبنان وحزب الله ينفي إشاعات عن قادته
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الدموي على لبنان، واستهدفت مجدداً ضاحية بيروت الجنوبية، والبقاع، وجنوبي...
حزب الله يهاجم مستعمرات الاحتلال ومواقعه ويتصدى لمحاولات توغل
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام نفذ حزب الله سلسلة عمليات -السبت- استهدفت مستعمرات الاحتلال ومواقعه العسكرية وتحشدات القوات الصهيونية على الحدود مع...
الفصائل: لا اتفاق أو صفقة إلاً بوقف العدوان والانسحاب من غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت الفصائل الفلسطينية أنه لا اتفاق ولا صفقة إلا بتحقيق مطالب شعبنا بوقف العدوان، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وفتح...
اليونيفيل ترفض طلب إسرائيل نقل بعض قواتها من مواقعها
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان "اليونيفيل" أن قواتها لا تزال في مواقعها رغم تلقيها قبل نحو أسبوع...
كتائب القسام تنعى القائد القسامي سعيد علي وعائلته
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام نعت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، القائد القسامي سعيد عطا الله علي الذي استشهد برفقة عائلته، إثر غارة...
الأوقاف: جيش الاحتلال دمر 79% من مساجد غزة و3 كنائس ونبش عشرات المقابر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي 79% من مساجد في قطاع غزة خلال عام من حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من...