الأحد 06/أكتوبر/2024

الهــدنة الرابعــة … و مــاذا بعــد ؟

الهــدنة الرابعــة … و مــاذا بعــد ؟

يجري الحديث و تبذل الجهود و المساعي السياسية و الدبلوماسية ، و تكثّف الحوارات و الاتصالات بهدف التوصل إلى تفاهمات بين الفصائل و القوى الوطنية و الإسلامية الفلسطينية حول عقد (هدنة) مؤقتة بين طرفي الصراع الفلسطيني- (الإسرائيلي) ، و هذه المرة الرابعة خلال انتفاضة الأقصى الباسلة التي يتم التحرك فيها لعقد (هدنة) و إعطاء فرصة للتحرّكات السياسية المبذولة للخروج من دائرة الأزمة و وقف العدوان و إنهاء الاحتلال .. فالمرة الأولى كانت في يوليو 2001م ، و تم نسفها باغتيال الشهيد جمال منصور و الشهيد جمال سليم و هما من القيادات السياسية و الإعلامية لحركة حماس في نابلس ، و المرة الثانية كانت في يوليو 2002م ، و أُجهضت باغتيال الشهيد صلاح شحادة (أبو مصطفى) قائد كتائب عز الدين القسام ، و في المرة الثالثة كانت الفصائل الفلسطينية على وشك التوصل لاتفاق وطني و (هدنة) مؤقتة بهدف إعطاء فرصة للجهود السياسية المبذولة ، إلا أن الحكومة (الإسرائيلية) و قوات جيشها الاحتلالي لجأت كما في المرتين الأولى و الثانية إلى تصعيد عدوانها و حملاتها العسكرية و القيام باغتيال مجموعة من الكوادر النضالية الفلسطينية في بلدة عتيل في طولكرم بعد اختتام أعمال اجتماع قمة العقبة الأردنية مباشرة ، و محاولة اغتيال د. عبد العزيز الرنتيسي عضو القيادة السياسية البارز لحركة حماس ، ليس لعرقلة الجهود و التحركات السياسية المبذولة فقط ، و إنما لإغراق المنطقة في دوامة العنف و التصعيد و الفعل و ردة الفعل ، و هي تعلم بأن التوغلات و الاغتيالات و ما ينجم عنهما من أعمال قتل و جرائم و مجازر لا تجلب الأمن لـ (الإسرائيليين) فحسب بل تستجلب ردود أفعال فلسطينية كما حصل في الموقع العسكري (الإسرائيلي) في منطقة (إيرز) و شارع يافا في القدس ، و ما محاولة اغتيال د. الرنتيسي إلاّ مؤشر لبداية مرحلة خطيرة من التصعيد العسكري (الإسرائيلي) .

و تأتي زيارة الوفد المصري برئاسة اللواء محسن النعماني وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية إلى غزة ، و ما تقوم به جمهورية مصر العربية من جهود قومية و سياسية في إطار تعزيز الموقف الفلسطيني و المساعدة في إنجاح الحوار الوطني الشامل حول ترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي و التوصل لتفاهمات وطنية و اتفاق حول إعطاء فرصة (هدنة) للجهود المبذولة و بخاصة وضع نتائج اجتماع قمة العقبة الأردنية موضع التنفيذ ، و البدء في تطبيق المرحلة الأولى من خطة خارطة الطرق ، و تجاوب الفصائل و القوى الوطنية و الإسلامية بشكلٍ إيجابي مع زيارة الوفد المصري و تقدير الدور الكبير الذي يقوم به الأشقاء في مصر ، و ظهر شبه إجماع وطني في التحليل و قراءة التطوّرات و الإفرازات الإقليمية و الدولية .

إن كافة التصريحات التي صدرت عن المسؤولين و الناطقين بلسان الفصائل و القوى الوطنية و الإسلامية أكّدت الحرص الكبير على تعزيز خيار الحوار الوطني و اعتباره اللغة الوحيدة في التخاطب بين الأخوة و أبناء الشعب الواحد ، و أكّدت استعدادها لدراسة مسألة إعطاء فرصة (هدنة) و أن (للهدنة) شروطاً من أهمها وقف العدوان و التوغلات و الاغتيالات و وقف استهداف المدنيين الفلسطينيين و فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني و قيادته .

إن نجاح الجهود و المساعي المبذولة للتوصل إلى اتفاق (هدنة) و إعطاء فرصة لإحداث انطلاقة جدية في عملية السلام يقوم على أساس التزام أطراف الصراع بشروط (الهدنة) ، و السؤال المهم في هذا السياق هل تريد الحكومة (الإسرائيلية) إعطاء فرصة و الالتزام بشروط (الهدنة) التي جاءت في خطة خارطة الطرق و تطبيق ما جاء فيها من التزامات (إسرائيلية) ، و التوقف عن سياسة المماطلة و التسويف ؟

إن الموقف (الإسرائيلي) و ما يمثله من خلفية يمثل نقطة الانطلاق الأولى في الخروج من عنق الزجاجة ، و هل يريد (شارون) إعطاء أو أخذ فرصة لوقف سفك الدماء ؟ فالمسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق الحكومة (الإسرائيلية) التي تشن العدوان و الحملات العسكرية ضد الشعب الفلسطيني ، و لا زالت تطلق التصريحات و التهديدات بمواصلة سياسة الاغتيالات فالسلطة الفلسطينية قبلت بخطة خارطة الطرق قبولاً صريحاً بينما الحكومة (الإسرائيلية) كانت موافقتها مشروطة بهدف التعطيل و إعاقة التنفيذ ، و الفصائل الفلسطينية و أكثر من مرة أعطت الفرصة ، و الحكومة (الإسرائيلية) لم تكتفِ بعدم التقاطها بل لجأت إلى إغراق الواقع في حمام دم و أعمال قتل و استهداف المدنيين الفلسطينيين ، فالعدوان و التوغلات و الاغتيالات و (الهدنة) لا يجتمعون ، و إذا ما أرادت الحكومة (الإسرائيلية) “هدنة” جدية و التقاط فرصة تاريخية لإنهاء الصراع عليها وقف عدوانها بكافة أشكاله و سحب قواتها من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، و الشروع الفوري في تطبيق التزاماتها الواردة في خطة خارطة الطرق ، على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام و تطبيق قرارات الشرعية الدولية .

إن المشكلة و التناقض الرئيسي هو مع الاحتلال الغاشم بكافة أشكاله العسكرية و الاستيطانية و سياساته الإرهابية ، و الشعب الفلسطيني بكافة فصائله و قواه السياسية و قطاعاته المناضلة يعي تماماً كيف يتعامل مع تناقضاته الثانوية و خلافاته الداخلية و السياسية ، فلقد كان الحوار دائماً سيد الموقف الوطني في التخاطب ، و الطرق الديمقراطية و السلمية كانت الوسيلة الوحيدة في حلّ الخلافات و فض التناقضات الثانوية ، و الشعب الفلسطيني يدرك اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى مدى حاجته إلى استئناف و تفعيل و تعزيز الحوار و الطرق الديمقراطية و السلمية في الحياة الفلسطينية ، لترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي على كافة الصُعد ، لرصّ الصفوف و حشد الإمكانيات لمواجهة التحديات الماثلة أمامه ، و استكمال المشروع الوطني الفلسطيني و تحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة في الحرية و التحرير و العودة و الاستقلال الوطني الكامل و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشريف جنباً إلى جنب مع دول المنطقة و العيش بأمن و سلام .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات