السبت 03/مايو/2025

فتح وحماس طريقان مختلفان حتى إشعار آخر.

نبيل أبو جعفر

 

بينما كان رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنيه يعلن منالقاهرة تفاؤله بقرب التوصل الى اتفاق حول تشكيل حكومةالوحدةالوطنية،مستشهدا ببعض ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، كانعباس نفسه يعلن من مدينة رام الله وأمام وزيرة الخارجية الأميركيةكوندليزارايس الوصول الى طريق مسدود بعد “عذابات” استمرت ستة اسابع !!

ترى لماذا اختار الرئيس الفلسطيني هذا التوقيت لاعلان ذلك ، وما هي الحكاية على حقيقتها ؟

ربما كان يُرجّح البعض وصول مفاوضات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية إلى نتيجة ايجابية بين ساعة أخرى، مدفوعاً بغريزة الأماني الوطنية والتطمينات التي كان يتبّرع بها من لا يُريد وضع أصبعه على الجرح الحقيقي. لكن مقاييس العقل والمنطق كانت وما زالت تقول العكس- مع الأسف-، وستبقى كذلك حتى لو تمّ إعلان الحكومة فعلاً، وأذيعت تركيبتها على الملأ.

طبعاً، هذا التصّور التشاؤمي يحتاج إلى دليل يعزّزه، ويُسلّط الضوء على السبب الحقيقي
لاستمرار التعثر تلو التعثّر، واستمرار تكرار نفس المشهد الذي رأيناه في شهر حزيران الماضي، إثر توقيع وثيقة الوفاق الوطني، بعد تهديد الرئيس عباس بالدعوة إلى استفتاء على اول وزارة لحركة حماس – تحت ضغط الحصار المالي-، ثم فشل المفاوضات التي تلت ذلك بعد أن نام شعبنا على حرير الحلم بإنجاز الإتفاق النهائي على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية خلال ساعات، كما صُوّر له ذلك!

وإذا كان التاريخ لا يُعيد نفسه كما يُقال، فإن الوقائع تشير إلى أن بعض صفحاته تُعاد تفصيلاً وبالنقطة والفاصلة في حالات معيّنة، وهذا ما حدث بالفعل مؤخراً عندما تمّ الإعلان ثانية عن تعليق مفاوضات تشكيل الحكومة بعد أن ساد الأمل جماهير شعبنا بنجاح المساعي المبذولة هذه المّرة، وتمّ إرجاع سبب ذلك إلى عدم الإتفاق على الحقائب الوزارية، والى تصميم حماس على “تنظيف” السفارات والقنصليات من “الزلم” والإمّعات الذين تمّ تعيينهم على أسس ابعد ما تكون عن الكفاءة، ولا داعي للتفاصيل المخجلة جداً، فضلاً عن الغمز من إصرارها على الاحتفاظ بحقيبتي الداخلية والمالية، وإعطاء الخارجية لفتح!

وعلى فرض أن موضوع الحقائب قد شَكَلّ عقبة- وهي عقبة ثانوية على أي حال، قياساً بمسلسل العقبات الأهم- أليس من حق الأكثرية الآتية عبر صناديق الاقتراع الشعبي أن تختار أي وزارتين من المخصص لها؟ ثم أليس من الحكمة ايضاً ان تُسندَ الخارجية لفتح، وهي الأقدر على التكلم بـ “اللغة” التي يفهمها من لا يريد أن يفهم او يتفاهم مع حماس؟!


ومع ذلك، وبالرغم من كل ما سبق، فإن هذه ليست هي الأسباب الحقيقية التي يحاول بعض الأخوة تجريعنا إياها، وليست الأعذار التي سيقت في السابق لتبرير توقف المفاوضات أو تعثرها هي السبب أيضا، ولا ينسى أحد الضغوط التي مورست على حركة حماس لكي توافق على وثيقة الأسرى، بكافة بنودها، والتأزّم الذي حصل على إثر ذلك. ولكن، لما لاحت في الأفق إمكانية إيجاد “حل وسط” لهذه المعضلة، عاد الإخوان الضاغطون إلى التصلب والاشتراط على حماس الموافقة على كل البنود والا فإن تجريد الحكومة من قرارها السياسي سيكون هو الخطوة البديلة، كما أُعلن وقتها!

اليوم يتكرر نفس المشهد بطريقة أخرى، إذ يجري اشتراط استقالة الحكومة أولاً شرطاً لتكليف غيرها “!”، ولما كان مطلب تشكيل الحكومة بحّد ذاته شرطاً أساسياً من شروط فك الحصار، وهو – كما هو معروف- شرط أميركي- غربي- إسرائيلي- وعربي رسمي، فما معنى الإصرار على إلحاق شرط بشرط كي “ننعم” بعدها بتشكيل حكومة جديدة؟
خلاصة القول أن
المشكلة ليست في هذه الذرائع ولا في التفاصيل– على أهميتها -، بل في الجذور المتعلقة بأرضية ونهج كل من الفصيلين الأساسيين، ثم موقفهما من موضوعة التسوية والاعتراف ومسلسل التنازل المجّاني- وهو ما ثبت حتى الآن-.

وإذا أردنا الصراحة أكثر فإن هذين النهجين لا يمكن أن يلتقيا إطلاقاً في ظل وجود الاحتلال وتحت استمرار الضغوط الدولية و”الشقيقة”، إلا في حالتين لا ثالث لهما: إما أن تغيّر “فتح” نهجها في التعاطي مع التسوية، أو أن تتراجع حماس عن نهجها الممانع، الرافض للإعتراف والتنازل بالمجان.
ولما كان ذلك مستحيلاً بعد ذلك الشوط الطويل لكلٍ منهما في اتجاه مختلف، فإن أي حلّ وسط بين الاثنين يبدو مستحيلاً كذلك، لأن أي “وسط” يعني بداهة الإبقاء على بعض “لاءات” حماس المرفوضة.

يبقى القول أن هذه “الحالة” ليست جديدة، بل تعود إلى عقد ونصف من الزمان. ألم يدعو الشيخ حسن الترابي الفصيلين إلى “لقاء تفاهم” في العام 1993 بالخرطوم، بعد أن اشتدت حدّة الخلاف بينهما؟
يومها ارتفعت الأصوات والاتهامات على خلفية الموقف من المنظمة وميثاقها والدولة والاعتراف.. الخ. ويومها أيضاً لم يكن الخلاف على مناصب ووزارات، ولا على تركيبة السفارات، بل على العكس، فقد عرض “أبو عمار” على حماس أن تكون الفصيل الثاني في المنظمة وأن تتمثل على هذا الأساس في كل المؤسسات، ورفضت حماس، فاستغرب “أبو عمار” وثار وعاتب وتساءل، رغم أن رفضها كان واضحاً ولم يخرج عن إطار الموقف السياسي أولاً وأخيراً.

هذا كلام يجب أن يُقال، حتى لو لم نكن من أنصار حماس. فإذا كان المجتمع الدولي لن يعترف بأي حكومة جديدة لا تلتزم بقرارات اللجنة الرباعية- كما يقال- وهي معروفة كنارٍ على علم. وإذا كانت حماس لن تحيد عن موقفها المتعلق بالأساسيات مثلما كانت في مفاوضات السودان قبل 14 عاماً، في الوقت الذي يستحيل فيه إقناع الأخوة والغرباء معاً بحلّ وسط، فكيف يكون المخرج إذن، وهل ثمة مجال للأمل بأي حلّ دائم ومضمون الاستمرار على هذه الأرضية بالذات؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح

رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...