الفساد والهزيمة ظواهر إسرائيلية أيضاً

صحيفة الخليج الإماراتية
إن “إسرائيل” التي اعتادت على مفاجأة العرب بحروب صاعقة تجري على أراضيهم، ويشاهدها “الإسرائيليون” مثل غيرهم من المشاهدين في العالم، ثم يعرضون انتصارهم الباهر في حرب لم تستغرق غير وقت قياسي في القصر، ولم تكلف غير الأقل من الخسائر. إن “إسرائيل” هذه لم تعد هي، وإن السكان “الإسرائيليين” في الجليل (شمال فلسطين) لم يعودوا متفرجين خلال الحرب اللبنانية الأخيرة، ولم يعد كذلك سكان النقب (جنوب فلسطين) خلال قصف “سديروت” بصواريخ القسام، بل إنهم أصبحوا يهرعون إلى الملاجئ، ويهجرون مدنهم وقراهم عندما يزداد هلعهم. فإن تسع فرق عسكرية من جيش الدفاع (العدوان) “الإسرائيلي” معززة بالمدفعية وسلاح الطيران لم تستطع أن تحقق نصراً على بضع مئات من مقاتلي “حزب الله” في جنوب لبنان، كما أن صواريخ “باتريوت” المعدة لمواجهة صواريخ نووية، لا تنفع في مواجهة صواريخ “القسام” البدائية الصنع. والدليل على زيف “النصر” “الإسرائيلي” المزعوم هو الضعضعة التي أصابت المراتب العليا في قيادة الجيش “الإسرائيلي” بما فيها “عمير بيرتس” وزير الدفاع نفسه .
لكن ليس هذا كل ما تعاني منه “إسرائيل”، بل هي ظواهر وأعراض سطحية لأمراض أعمق وأخطر. ففي موازاة الضجة التي أثارها تعيين الصهيوني المتطرف أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للتهديدات الاستراتيجية، فقد ظهر أن هذا الغراب العنصري الذي ينعق مطالباً بطرد الفلسطينيين وتهجيرهم من ديارهم، يخفي وراء هذه الضجة مخازي من الفساد والغش. فإن مكتب التحقيقات “الإسرائيلي” طلب مؤخراً من السلطات القبرصية معلومات عن حسابات خاصة بالوزير ليبرمان في البنوك القبرصية، وطالب المحققون “الإسرائيليون” كذلك بمعلومات عن شركات مسجلة في قبرص ولها ارتباط بحزب ليبرمان “إسرائيل بيتنا”. وقد صرح الناطق باسم وزارة العدل موشى كوهين بأن مناحيم مزوز النائب العام قد طلب من الشرطة أن تسرع في استكمال التحقيق فيما يعتقد بأنه عملية غش تتعلق بالانتخابات “الإسرائيلية” التي جرت في مارس/ آذار 2006. وكان قد سبق رئيس الوزراء إيهود أولمرت أن طلب استشارة قانونية من مزوز إن كان بإمكانه تعيين ليبرمان وزيراً للأمن العام، فكان رأي مزوز أن يسلمه أي وزارة لا علاقة لها بالشرطة بناء على المعلومات التي كانت بحوزة النائب العام حول قضية قبرص .
ما يمكن أن نعتبره جريمة على المستوى الدولي، هو قيام السلطات “الإسرائيلية” باغتصاب ملكيات خاصة من الأرض مسجلة بأسماء أصحابها من الفلسطينيين، ولا يمكن الطعن في حق ملكيتهم لها، ومصادرتها وإقامة مستوطنات عليها. وقد اعتمدت “مافيا” المستوطنات في “إسرائيل” على ثغرة في القانون الدولي تبيح للمحتل أن يستخدم جزءاً من الأراضي المحتلة لأسباب أمنية. وتحت هذا المبرر قامت السلطات “الإسرائيلية” باغتصاب آلاف الدونمات من الأرض من أصحابها الفلسطينيين، حتى بلغت هذه الأرض نسبة 40% من المساحة التي أقيمت عليها المستوطنات. وقد زعمت المحكمة العليا “الإسرائيلية” أن المستوطنات منشآت أمنية ورفضت إعادة الأرض إلى أصحابها، مع العلم أن القانون الدولي يشير إلى أن حيازة الأرض لأسباب أمنية يجب أن يكون مؤقتاً وليس لإقامة مستوطنات .
تحاول “إسرائيل” أن تصور امتلاك إيران للقنبلة النووية بأنه خطر يهدد العالم الغربي بأسره، وأن “إسرائيل” لا تواجه هذا الخطر لوحدها، وذلك حتى تزيل التوقع السائد بأن “إسرائيل” سوف تتصدى منفردة لمواجهة هذا الخطر. وخلال زيارته للولايات المتحدة ناشد إيهود أولمرت رئيس وزراء “إسرائيل” (22/11/2006) العالم لأن يأخذ التهديد الذي يمثله البرنامج النووي الإيراني على محمل الجد، وكذلك تصريحات نجاد بأن “إسرائيل” يجب أن تزول عن الخريطة .
اليوم لا يشبه البارحة، ف”إسرائيل” اليوم غارقة في بحر من الفوضى، والتخبط، وإن أحداً من المسؤولين الثلاثة عن الحرب في لبنان من الجانب “الإسرائيلي”: إيهود أولمرت رئيس الوزراء، وعمير بيرتس وزير الحرب، ودان حالوتس، لا يريد الاعتراف بالمسؤولية عن الفشل في الحرب اللبنانية عكس ما جرت عليه العادة في السابق في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 وحرب لبنان الأولى 1982 .
نشبت معركة كبيرة على السلطة بين أولمرت رئيس الوزراء وبيرتس وزير الحرب بدعوى أن الأخير قد تجاوز سلطاته عندما تباحث في موضوع الهدنة، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بين حماس و”إسرائيل”. وتنتقد صحيفة “هآرتس” (22/11/2006) الصراع على نجاحات سياسية صغيرة في الوقت الذي تتساقط فيه صواريخ القسام على سديروت، وتساءلت عن الضرر من البحث في شأن الهدنة، ما دام الجيش “الإسرائيلي” بكل ما لديه من أسلحة لا يستطيع تأمين كل بيت وكل مدرسة في شمال “إسرائيل” وجنوبها. وتقول الصحيفة في مقالها الافتتاحي المشار إليه: “إننا لا نستطيع أن نوقف استخدام السكاكين، والانتحاريين(!)، والقسام، والأنفاق من خلال الاغتيالات والدبابات، بل فقط من خلال الاتفاقات” .
من الواضح أن القيادة السياسية في حالة ضياع، وتفتقر إلى الشجاعة والبصيرة التي تخرجها من هذه الحالة. فأولمرت رئيس الوزراء يقول إنه ليس لديه “أجندة”، أي أنه ضائع. وأهم التحديات التي تواجه “إسرائيل” هي عدم اليقين في علاقتها مع الولايات المتحدة المتورطة في الحرب العراقية ربما لسنوات قادمة، وإنها (أي “إسرائيل”) غير متأكدة من درجة ثقلها في الموازين الأمريكية بعد الحرب اللبنانية. كما أن مخزونها من السلاح النووي تحوّل من عامل ردع إلى حافز للقوى الإقليمية لامتلاكه، في الوقت الذي تمعن فيه في عرقلة خريطة الطريق، وفي رفض المؤتمر الدولي للسلام .
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

حماس تثمن إعلان اليمن فرض حصار جوي على كيان الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على العدو الصهيوني، رداً على...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...

الدويري: عمليات القسام برفح تمثل فشلا إسرائيليا مزدوجا
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-...