الثلاثاء 13/مايو/2025

قم للمعلم بالتبجيل لا بالسجن والتكبيل !

محمد محمود أبو سليمان

 

أين من قالوا ( ساق الله على أيام زمان ) حيث كان للمدرسة رونق خاص بها وللتّعلم والتعليم متعة خاصة حيث كان الطالب لا يرفع عينيه في وجه الأستاذ حين يتصرف تصرفاً خاطئاً فكم هي جميلة الأخلاق المرسخة في طلاب الزمن الغابر حيث كان الطالب يقوم بإبدال الطريق إن شعر بأن أستاذه يسير فيه، وكل ذلك من باب احترام المعلم كل هذا يحدث لطلاب الزمن الغابر وليس عندهم مقومات اليوم للتّعلم والتعليم.
أما إذا انتقلنا إلى زماننا نرى تحول النظرات وتحول الطلاب فقليلاً ما نجد الترابط القديم المعهود بين الأستاذ والطالب.

ما أجبرني على كتابة هذه السطور هو حادثة أليمة وقعت لأحد المعلمين في مدينة قلقيلية حيث وضع هذا المعلم في السجن مع المجرمين الجنائيين والسبب ضرب المعلم لطالب ليس إلا !!

تحولت الدنيا بعد أن كنّا نوفي المعلم التبجيل أصبحنا نمنحه السجن والتكبيل وما عاد أو كاد المعلم أن يكون رسولاً بل أًصبح في زماننا مجهولا أكتب هذه المقالة وقلبي يعتصر ألما لهذه الحادثة حيث أن أحد الطلاب أخطأ في التصرف وعاقبة المعلم بجلدة واحده قد تكون الضربة قاسية للطالب بعد أن تركت علامة على جسده لكن مراد المعلم وغايته وهدفه دائما في الضرب التعليم والزجر لا الضرب لمجرد الضرب ولكن الأقسى من ضرب الطالب هو زج المعلم في السجن مع الجنائيين والمجرمين وقمة القسوة حينما نعلم بأن قيادة الشرطة تقوم بزج المعلم داخل الزنزانة وقائد الشرطة يعي تماما أن هذه القضية ليست بحاجة لزنزانة أو ردع للمعلم ما هذا الذي يحدث في زماننا ؟! أهكذا يجب أن نعامل المعلم؟ أهكذا تعلمنا في ساحات العسكرية والجامعات ؟! 

 ولكن ما المغزى من الذي حدث ؟ وهذه القضية لا تحتاج لقضاء ولا لفتح تحقيق ولا تحتاج لرفع شكوى ضد المعلم أصلا لكن الأمور في بلدنا مختلفة حيث أن الطالب ابن مسئول ولهذا فقد اخلص قائد الشرطة لهذا المسئول ووفاء له زج بالمعلم في الزنزانة مع الجنائيين واللصوص والواقعة الكبرى حينما علمت أن المعلم ملتزم ويطلق ذقنه وقاموا بزجه في الزنزانة ظنّا منهم أنه يتبع أحد التنظيمات السياسة، فأرادوا أن ينتقموا عبر سجنه من ذلك التنظيم وفي نهاية المطاف تبين أنه لا حزبي !

فعلا الحقائق مؤلمة وقاسية جدا وخاصة حينما تعلم أيضا أن اتحاد المعلمين لم يكلف نفسه للدفاع عن المعلم في هذه القضية رغم أن الاتحاد صال وجال لمدة شهرين متتابعين لتحصيل حقوق المعلمين ولكن بعد هذه الحادثة يتضح الأمر جليا بأن سياسة الأحزاب الكبرى هي التي تحرك الاتحادات والقيادات المسئولة لا القانون والمصلحة العامة للمعلم والطالب .

حينما فكرت في كتابة المقال أحببت أن أدعّمه من ديننا الحنيف حيث  سئل الشيخ عبد العزيز بن باز _ رحمه الله _ :

” ما حكم ضرب الطالبات لغرض التعليم والحث على أداء الواجبات المطلوبة منهن لتعويدهن على عدم التهاون فيه؟ ” .

فأجاب :

لا بأس في ذلك ؛ فالمعلم والمعلمة والوالد كل منهم عليه أن يلاحظ الأولاد ، وأن يؤدب من يستحق التأديب إذا قصَّر في واجبه حتى يعتاد الأخلاق الفاضلة وحتى يستقيم على ما ينبغي من العمل الصالح ، ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرِّقوا بينهم في المضاجع ” ، فالذَّكر يُضرب والأنثى كذلك إذا بلغ كل منهم العشر وقصَّر في الصلاة ، ويؤدَّب حتى يستقيم على الصلاة ، وهكذا الواجبات الأخرى في التعليم وشئون البيت وغير ذلك ، فالواجب على أولياء الصغار من الذكور والإناث أن يعتنوا بتوجيههم وتأديبهم لكن يكون الضرب خفيفاً لا خطر فيه ولكن يحصل به المقصود . ” مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 6 / 403 )

وينبغي التنبه إلى أنه لا يجوز للمعلم أن يقسوَ في ضربه ولا أن يزيد على عشرة أسواط إلا أن يتعدى الطالب على شرع الله ، أما فيما يتعلق بدراسته وتحضيره لها : فلا ينبغي له أن يزيد على ذلك القدر .

فمن هذا المنطلق أناشد إتحاد المعلمين في محافظة قلقيلية مراجعة ما حدث وحماية المعلمين وأن يراجع قائد الشرطة وقائد المخابرات مع التأكيد على ضرورة عدم الاستهتار بالمعلمين وشخوصهم وضرورة وضع نظام يمنع وضع المعلم في خانة المجرمين الجنائيين والاعتذار عما حدث وجعل الطلاب سواسية في المعاملة.
 
*عضو الهيئة الإدارية لنادي إسلامي قلقيلية ومشرف الطلائع والطفولة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات