الرابطة الإسرائيلية الخفية

صحيفة البيان الإماراتية
لـ”إسرائيل” سجل متخم بجرائم الاغتيال السياسي، التي لفها الغموض، وقيدت ضد مجهول، أو علقت برقبة بريء وقع عليه دور آلة التصفية، إما لكونه عقبة كؤود في طريق تقدم الفيلق الصهيوني باتجاه إكمال مخططه الإرهابي، وتمرير أول مشروع في تاريخ البشرية لسرقة دولة .
ويقدم لنا تاريخ الحركة الصهيونية، طرق ونماذج وأساليب اغتيال وجرائم تفجير مبهرة في حرفيتها الاستثنائية. لكنها موغلة في انحطاطها الأخلاقي، ووحشيتها وبشاعتها، واستهزائها بقيمة الروح الإنسانية .
من هذه النماذج اغتيال المندوب البريطاني في القدس الكونت بيرونادوت، وتفجير فندق الملك داوود. لتوريط العرب، ودفعهم للتراجع تحت ضغط الخوف من أن تطالهم تهمة الإرهاب. وبالتالي التعجيل بإزاحة قوة الانتداب البريطاني عن فلسطين، وإطلاق يد عصابات الإرهاب الصهيوني في فلسطين .
وبقية القصة معروفة، اغتصبت فلسطين، بعد أن غمرت دماء عشرات الآلاف من أبنائها قنواتها ودروبها، في مذابح جماعية – تتضاءل إلى جوارها الهولوكست المزعوم – حملت خاتم الإرهاب الصهيوني، وبقرت فيها بطون الحوامل، وقطعت رؤوس الأطفال والشيوخ، وفرغت قرى وبلدات من سكانها. وأصبح يوم اغتصاب وسرقة وطن يوماً لاستقلال مزيف ل”إسرائيل” في روزنامة أوروبا وأميركا المتحالفتين على تقسيم كعكة النفوذ في وطننا العربي .
ففي مسيرة الإرهاب الصهيوني مزج فريد لكل ميراث الإجرام الحربي الغربي، بجناحيه: الألماني النازي والبريطاني الإمبراطوري. وخلافاً لما هو شائع من تشهير وعداء إسرائيلي لألمانيا في عهد أدولف هتلر، تكمن في تلافيف الذاكرة التاريخية المحجوبة عن معرفة الغالبية، أسرار العلاقات الوثيقة بين الآباء الصهاينة المؤسسين ل”إسرائيل” وألمانيا النازية. تلك العلاقة التي صبت من ألفها إلى يائها في صالح “إسرائيل” حتى يومنا هذا .
وبعد قيام “إسرائيل”، ظل سلاح الاغتيال والتفجيرات وسيلة مفضلة لتحقيق الأهداف السياسية، وإرباك ساحة العرب، أو دك الأسافين بينهم من جهة وأي قوة دولية من جهة أخرى، مثلما حدث في الإسكندرية بعد قيام ثورة يوليو 1952 وظهور بوادر على تقارب أميركي مع النظام الجديد، ونفذت سلسلة تفجيرات في المركز الإعلامي الأميركي وبعض دور السينما، بأيدي عملاء الاستخبارات الإسرائيلية، وعرفت بفضيحة لافون .
وهدفنا هنا ليس أن نغرق في تفاصيل سجل الإرهاب والاغتيالات الصهيونية، بل أن نقترب من جوهر القضية، وهو تلك الرابطة الإسرائيلية الخفية بأكثر من جريمة اغتيال غامضة هزت العالم. وبعضها تمت هندسته بطريقة تسهل إعادة رسم خرائط سياسية جديدة في وطننا العربي. وأشهرها جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وآخر توابعها اغتيال وزير الصناعة والنائب بيار الجميل .
وعلى صلة بتلك الرابطة الخفية اغتيال ضابط المخابرات الروسي المنشق الكسندر ليتفينكو في لندن. في الشأن اللبناني، ويد الرابطة الإسرائيلية الخفية في تعكير صفو مياهه، وخلط أوراقه، الكثير الذي ما زال قيد البحث، وإن كانت أثاره واضحة، رغم ضبابية السجال بين الطوائف والقوى والأحزاب اللبنانية، وانزلاق بعض القيادات إلى هاوية التبعية للخارج، سواء تحت تأثير مرارات شخصية، وثارات من سوريا، أو المقاومة في الداخل، أو بدافع من مجاراة موجة الثورات الملونة الأميركية التكوين والهوى والتي أثبتت أنها مجرد فقاعات هواء فارغ. لم تحمل لمواطنيها أي نفع .
ومن مضحكات واقعنا العربي أن البحث عن أدلة تورط “إسرائيل” في مسلسل اغتيالات لبنان، جاء من جانب الصحافي الألماني يورغن كاين كولبل في كتابه «اغتيال الحريري أدلة مخفية في لبنان» وكشفه عن «الوحدة 504» المعروفة باسم الموساد الصغير المتمرسة على تنفيذ الاغتيالات في لبنان، وعلاقتها باللوبي اللبناني الأميركي المتخذ واشنطن قاعدة انطلاق تحت شعار تنفيذ القرار 1559 .
ولم يهتم الإعلام العربي كثيراً بإثارة أدلة اتهام “إسرائيل” بالتورط في تلك الاغتيالات، وعندما ضبطت عدة خلايا لجواسيس “إسرائيل” في لبنان أثناء العدوان الأخير في شهر يوليو الماضي، لم يقف الإعلام العربي عند مدلولاته كثيراً، فهو يسير وفق بوصلة يضبط وجهتها المركز الدولي في الغرب، تاركاً للمحيط مجرد اتباعها !.
ومثل اغتيال بيار الجميل نموذجاً جديداً لأسلوب الرابطة الإسرائيلية الخفية، فلم يكن هناك من أحد داخل المعارضة في لبنان له مصلحة حقيقية في إزاحة بيار بهذه الطريقة ولم تكن هناك من مقدمات على تجدد مسلسل الاغتيالات. وكان المشهد مشحوناً بأسلوب التظاهر السلمي لإسقاط حكومة الأكثرية النيابية .
إلا أن الاغتيال جرف السجال باتجاه الترهيب من قوى خفية، أو دفع المستعدين للتظاهر إلى الصمت ذعراً من سيف الإرهاب بتهمة الضلوع في الاغتيال. أو ربطهم بالمتهم الجاهز والمفضل لدى بعض قادة الأكثرية وهو سوريا .
ومن حق الرئيس الأسبق أمين الجميل أن يشاد بحكمته وترفعه على محنة فقد الابن. وترفعه عن ترخص اتهام أحد بدون دليل، بل إصراره على إبراء خصومه في المعارضة من تهمة هائمة في الأفق، يوزعها البعض على من يحلو لهم. وكأنهم يقدمون غطاء مجانياً للرابطة الإسرائيلية الخفية .
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

حماس تثمن إعلان اليمن فرض حصار جوي على كيان الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على العدو الصهيوني، رداً على...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...