المؤشرات تقول: إسرائيل إلى اليمين در

صحيفة الوطن السعودية
بفعل المخاض الذي تشهده “إسرائيل” في الآونة الأخيرة، كثرت المؤشرات الكاشفة للاتجاهات الحقيقية للشارع الإسرائيلي التي بدت قبل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة في حالة ضبابية، ومن بين هذه المؤشرات، مؤشران أظهرا بوضوح جنوح الشارع الإسرائيلي والساحة السياسية الإسرائيلية باتجاه اليمين، رغم أن تأسيس حزب “كاديما” أوحى بأن الساحة السياسية الإسرائيلية تسير باتجاه الوسط .
المؤشر الأول: جاء به استطلاع جديد للرأي بين الإسرائيليين، حول منح العفو لقاتل إسحاق رابين رئيس الوزراء الأسبق، حيث أيد واحد من كل ثلاثة إسرائيليين منحه العفو، وهي نسبة عالية مقارنة بواحد من كل خمسة إسرائيليين قبل عام، والتي اعتبرت في حينها مؤشراً على التوجهات المتطرفة في “إسرائيل” .
المؤشر الثاني: انضمام حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة العنصري أفيغدور ليبرمان إلى حكومة إيهود أولمرت وبموافقة حزب “العمل”، وهو الحزب الذي يدعو إلى طرد عرب “إسرائيل” من الدولة العبرية، وتعزيز الاستيطان، وهو الذي هدد بقصف السدود المصرية وإغراق مصر .
هذان المؤشران الفاقعان هما جزء من طيف واسع من المؤشرات الإسرائيلية التي تقول إن الشارع الإسرائيلي ذاهب باتجاه المزيد من اليمين، والأصوات الإسرائيلية في الحكومة التي تدق طبول الحرب على غزة أو على لبنان أو حتى على سوريا، ما تزال تتصاعد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي على رأس الذين يقرعون هذه الطبول، خاصة بعد الأداء المخزي للجيش الإسرائيلي في الحرب على لبنان.
ومن الطبيعي في هذه الأجواء أن يزداد الشارع الإسرائيلي ميلاً مرة أخرى باتجاه أحزاب اليمين التي تكسب المزيد من الأصوات في الشارع الإسرائيلي، بعد الفشل الذي شهده الأداء الحكومي والعسكري الإسرائيلي في الحرب الأخيرة، وفي هذه الأوضاع يصبح اليمين العنصري هو المنقذ لحكومة أولمرت بعد فقدان الثقة مع حزب “العمل”.
وبات من الواضح أن نجم المرحلة السياسية القادمة سيكون بنيامين نتانياهو الذي يقف على رأس “الليكود”، الذي ازدادت أسهمه في الشارع الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، مقابل الانخفاض المريع لحزبي “كاديما” و”العمل”. وكلما غرقت الحكومة الإسرائيلية بأسئلة الحرب وتحقيقاتها وتكشف المزيد من الفشل، مال الشارع الإسرائيلي باتجاه اليمين.
لقد فككت الحرب الأخيرة التحالف الحاكم في “إسرائيل”. واحتدمت الخلافات بين الحزبين الشريكين في الحكومة، كما احتدمت الخلافات داخلهما، سواء على مستوى الصراع التنافسي على قيادة هذه الأحزاب، أو على مستوى التعاطي مع القضايا المطروحة على “إسرائيل”. والحزب الأكثر معاناة والأكثر انقساماً وخلافاً، والأكثر عرضة للتفكك هو حزب “كاديما”، الذي تشكل حديثاً ولم يزد عمره على العام. والذي يقوم في الأصل على فكرة محورية واحدة وهي فكرة الانسحاب من طرف واحد من الضفة بعد أن انسحبت “إسرائيل” من قطاع غزة، والتي ما لبثت أن سقطت من أجندة الحزب الحاكم. فأولمرت خاض على رأس حزب “كاديما” الانتخابات الإسرائيلية على قاعدة نقطة برنامجية واحدة، وهي الانسحاب من طرف واحد من الضفة الغربية بتقديم “خطة الانطواء”، وقد حصد الحزب في الانتخابات الكتلة الأكبر في الكنيست الإسرائيلي، وهو ما أعطاه الحق في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، التي شكلها بشراكة مع حزب “العمل”، لكن الخطة ذهبت أدراج الريح .
لم يطل الزخم الذي أعطته الانتخابات لحزب “كاديما”، فبعد أشهر من تشكيلها تفككت الحكومة الإسرائيلية التي بدأت قوية ومنسجمة لحظة تشكيلها. وفي هذا الوقت القصير خاضت “إسرائيل” حربها ضد لبنان واثقة بعنجهية من النصر الذي لم يحالفها بسحق حزب الله، ما جعل العداد التنازلي في الشارع الإسرائيلي يأخذ مداه في تقييم أداء الحكومة وقادة الأحزاب المنضوية في إطارها، خاصة كلا من إيهود أولمرت زعيم “كاديما”، ووزير دفاعه عامير بيرتس وزعيم حزب “العمل”. وكان أول ما أعلن عنه أولمرت بعد انتهاء العمليات الحربية، أن خطته للانسحاب من طرف واحد من الضفة لم تعد “مطروحة على جدول الأعمال”، وبهذا الإعلان فقد حزب “كاديما” أساسه المكوّن وعاد حزباً يمينياً يرى نفسه قريباً من حزب “إسرائيل بيتنا” القابع في أقصى اليمين الإسرائيلي .
في ذات الوقت يمر حزب “العمل” بأزمة حادة تفقده هويته التي ادعاها في حملته في الانتخابات الأخيرة. فأن يجلس قادة حزب “العمل” إلى جانب قادة “إسرائيل بيتنا” وهو الحزب الذي كان حزب “العمل” يعتبره قبل أشهر خطراً على “إسرائيل”، هو مؤشر لعمق المأزق الذي يمر به الحزب، والذي يدفعه باتجاه التفكك النهائي. فزعيم الحزب عامير بيرتس يمر بأزمة ثقة داخل حزبه وهذه الخطوة ستفقد الحزب آخر أسهمه في الشارع الإسرائيلي، حيث تعطيه استطلاعات الرأي الإسرائيلية أقل الأرقام أصلاً .
يأخذ التأثير الكاشف لحرب لبنان على الساحة السياسية الإسرائيلية مفعول كرة الثلج التي تكبر، وكلما كبرت استفاد اليمين الإسرائيلي، وأول هذه التأثيرات هو دفع مزاج الشارع باتجاه خيارات أكثر تطرفاً. ففي الوقت الذي أعطى الجمهور الإسرائيلي حزب “كاديما” الثقة للخلاص من المشاكل مع الفلسطينيين، وجد نفسه يواجه المزيد من المخاطر تأتيه من جبهات مختلفة. وفي الوقت الذي أدخلت الحرب الأحزاب الشريكة في الحكومة في أزمة حادة، بات اليمين هو المنقذ لإسرائيل من الورطة التي وقعت فيها. و”الليكود” اليوم بدل أن كان حزباً طارداً بات اليوم حزباً جاذباً، وهو يبدو بوصفه الحصان الرابح في سباق الساحة السياسية الإسرائيلية، فإذا كان ليبرمان هو الحل بالنسبة لأولمرت، لماذا لا يكون نتانياهو هو الحل للمأزق الذي تعيشه “إسرائيل”. هذا ما تقوله المؤشرات .
* كاتبة فلسطينية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...

الدويري: عمليات القسام برفح تمثل فشلا إسرائيليا مزدوجا
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-...

شركات طيران دولية تلغي رحلاتها لتل أبيب عقب قصف مطار بن غوريون
الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركات طيران دولية، صباح اليوم الأحد، إلغاء رحلاتها إلى "تل أبيب"، عقب قصف مطار بن غوريون الدولي. وبحسب...

مؤسسة حقوقية: آلاف المعتقلين بسجون الاحتلال يواجهون عمليات قتل بطيئة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام يواجه الأسرى في سجون الاحتلال تصاعدًا غير مسبوق في عمليات التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، التي تمارسها الإدارة...