تهويد أحياء البلدة القديمة في القدس

حوش المدرسة في عقبة الخالدية (معهد شوفوبانيم):
 
يقع هذا الحوش في منتصف عقبة الخالدية باتجاه الجنوب . يوجد في داخل الحوش بنايتان وعقار تعود ملكيته الى عائلة الدجاني.
البناية الأولى عند مدخل المدرسة الى الغرب وتعيش فيها خمس عائلات عربية بلغ عدد افرادها عام 1981 اكثر من خمسين فردا يعيشون في تسع غرف.

لقد استطاع المستوطنون (جمعية عطيرات بيت هبوتيم هشني) اي بيت الايتام من الاستيلاء على غرفتين تعودان للسيد عبد الجواد ابو رجب الاولى تقع في الطابق الاول عام 1989 والثانية في الطابق الثاني عام 1992.

كما حاولت هذه الجمعية الاستيطانية تفريغ المبنى من سكانه العرب بارسال امر اخلاء من المحكمة (غيابي وبدون تبليغ الطرف المدعى عليه) الا انها فشلت وبقي السكان في بيوتهم.

اما المبنى الثاني فيتكون من طابق ارضي يقع اسفل المدرسة (معهد شوفوبانيم) وتعود ملكيته لال الدجاني) نجم الدين الدجاني وتعيش فيه خمس عائلات عربية (بلغ عدد افراد هذه العائلات عام 1981 ستة وعشرين فردا) ويتكون هذا المبنى من مدخل سقفه منخفض تليه ساحة واسعة وسبعة غرف يرتقي منها بواسطة سلم حجري الى غرفتين صغيرتين الى ناحية الغرب).

يوجد مبنى ثالث اعلى عقار ال الدجاني وهو مبنى المدرسة (المدرسة الدينية محاي عولام) وتتكون من طابقين وتمتد حتى حوش الحلو على طريق باب السلسلة جنوبا وفي الاربعينات من القرن الماضي تم تأجير ما فيها من غرف الى المواطنين الفلسطينيين فسكن في الطابق الاول 15 اسرة وفي الطابق الثاني 13 اسرة بقيت حتى عام 1981.

تطورات الوضع بعد حرب عام 1967 في حوش المدرسة:

 

بعد حرب الايام الستة، اقامت مجموعة دينية جمعية عثمانية اسمتها »عطارة ليوشنا« وكان من اعضاء هذه المجموعة الحاخام مردخاي الياهاو الذي اصبح فيما بعد الحاخام الشرقي الاكبر والحاخام الاكبر الغربي لمدينة رحوبوت بجانب تل ابيب وقد تم تحديد اهداف الجمعية لدى تسجيلها كما يلي: »العمل على خلاص (تحرير) القدس بواسطة تسلم واقتناء عقارات واسكانها بمؤسسات توراتية وخيرية وبالعائلات والافراد«.

انقسمت هذه الجمعية على نفسها عام 1981 فنشأت من هذا الانقسام جمعية مماثلة لها نفس الاهداف تسمت باسم »عطيرات كوهنيم« ووجهت الجمعيتان جهودهما كمرحلة اولى الى العقارات التي يتركز العديد منها في عقبة الخالدية وعقبة السرايا في الجهة الغربية من سوق باب القطانين (احد ابواب ساحات المسجد الاقصى).

كانت هذه العقارات قد وضعت تحت مسؤولية حارس املاك العدو في الحكومة الاردنية بعد عام 1948 ثم اخذتها تحت مسؤوليتها بعد عام 1967 دائرة القيم العام الاسرائيلي التابعة لوزارة العدل وقد نهجت الدائرة المذكورة على تسليم هذه العقارات الى الجمعيتين المذكورتين، اذا تم اخلاؤها »لسبب ما« في نطاق ذلك تم استيلاء جمعية »عطيرات ليوشنا« الاسرائيلية على مساكن العرب في مبنى المدرسة كما تقول مصادر »عطارات ليوشنا« الاسرائيلية وقد بقي في المبنى اسرتان هما: محمود ابو اسنينه وفاطمة ابو ميالة زوجة ابراهيم ابو رموز (عرنوس).

وفي سنة 1982 دخل الى مبنى المدرسة والذي كان بيد جمعية عطيرة ليوشنا عشرات من الشباب اليهود العائد الى الدين في نطاق حركة التوبة التي تنتشر مؤخرا بين الاوساط اليهودية وكان هؤلاء ينتمون الى طريقة صوفية متطرفة (حاسيديم) تسمى الطريقة البراسلافية واطلق عليها اسم جماعة براخات ابراهام (مدرسة براكات ابراهيم)، وكان يقودهم حاخام اسمه »اليعزر برلند« وتدعمهم شخصية يهودية ذات تأثير هي »ابراهام دويك« من زعماء الطائفة اليهودية الحلبية في الولايات المتحدة.

هؤلاء الشباب المتطرفون شكلوا معهدا دينيا اسمه »شوفابانيم« (عودوا ايها الابناء) وارتبط هذا الاسم منذ ذلك الحين باكثر الممارسات عنفا في نطاق محاولات الاستيلاء على البيوت العربية.
وفي بداية احتلالهم لهذا المبنى كنت ترى يافطة مذهبة كتب عليها منذ تحرير القدس في حرب الايام الستة، فان مدرسة »حي عولام« هو اول بيت يجري انقاذه في هذه المنطقة اليهودية على ايدي اوائل المنقذين ويذيل اليافطة »ابرفين موسكوفتيش« المتبرع اليهودي الاميركي الذي نال شهرته كمنقذ مستوطني شرقي القدس (يهوشع حنكين).

تعتبر اراء »شوفوبانيم« الدينية وطقوس العبادة التي تمارسها شاذة حتى في اوساط غلاة المتدينين اليهود.
وتصف صحيفة يهودية تصدر في القدس هذه الطقوس فتقول: »مدة الصلاة عندهم اطول بكثير من اي من الطرق الصوفية، وتتخللها قفزات في الهواء، وصفق بالايدي وخطابات ابتهالية عتابيه توجه للباري عز وجل ويخرج اعضاء المجموعة ليلا الى الحقول المحيطة بقرية النبي صمويل العربية حيث يمارسون النواح والصراخ والبكاء، الذي يتخلله احيانا رقصات عاصفة. ويحرص اعضاء المجموعة على مظهر خارجي شديد الاهمال كرمز لحقارة الانسان، وينامون بشكل بعيد عن كل وسائل الراحة، على المقاعد والموائد الخشبية.

وقد اشارت الصحيفة الى ان جماعة »شوفانيم« ما هي الا استمرارية لجماعة متطرفة اخرى كانت قد اشتهرت باعمال العنف اليومية ضد السكان العرب. هي جماعة »براخات ابراهام« (بركة ابراهيم). التي كان اعضاؤها قد صرحوا لنفس الصحيفة في الماضي »بأن العربي الجيد هو العربي الميت نريد ان يدرك جيراننا العرب اننا اشخاص قساة ولا نرتدع بأي رادع يمكنك ان تكتب اننا جميعا مهاويس وجئنا الى هنا للمعالجة النفسية«.

يزيد من الخطورة كون اعضاء هذه المجموعة يتشكلون من محاربين سابقين في الوحدات القتالية للجيش الاسرائيلي وكذلك من اعضاء كيبوتسات سابقين لكن اغلبهم هو من المجرمين والجانحين اصحاب الماضي الجنائي.

وفي مقابلة اجراها »دانيين بن سيمون« من صحيفة (هآرتس) في شهر 6/1997 قال احد شبان المدرسة الدينية: »ان المسيح سيأتي بعد خمس سنوات بعد ان يتوب كل شعب اسرائيل وهو لا يقلق من وجود المساجد في الحرم، فعندما يأتي المسيح سيختفي الجميع ولن يبقى سوى اليهود ولا داعي لطرد العرب فهم سيختفون بمفردهم.

وهكذا فان هؤلاء الشبان لا يدرسون الا التوراة من الساعة السابعة والنصف صباحا وحتى الخامسة بعد الظهر وهم لا يشعرون بحاجة الى تعلم اي مهنة اخرى، فهذا هراء كما يقول احد الشبان نحن نتعلم كل ما ينبغي لليهودي ان يتعلم وان شاء الله عندما يأتي المسيح سنكون اول اليهود الناجيين، وهم يفخرون بأنهم يسكنون قرب الحرم (جبل البيت) فلا يوجد مكان اكثر قدسية لليهود من هذا المكان يقول احد شبان »شوفابانيم«.

ومنذ وصولهم الى بناية المدرسة التي يقيمون فيها اليوم. جهروا بأن هدفهم ترحيل العائلات الساكنة في بناية آل الدجاني وما تبقى في نفس بناية المدرسة من عائلات (فاطمة ابو ميالة زوجة ابراهيم عنوس) وعائلة (محمود ابو سنينة »ابو يحيى«.

مسلسل اعتداءات مستوطني معهد »شوفوبانيم« على السكان العرب:

1-قتل فاطمة ابو ميالة: في سنة 1983 وجد احد الجيران الحاجة فاطمة ابوميالة زوجة عرنوس مقتولة في بيتها طعنا بالسكاكين. وقد حاول بمساعدة جيران آخرين نقلها الى المستشفى ، لكن المتدينين اليهود قاموا برجمهم بالحجارة وزجاجات فارغة. اخيرا تم نقلها وحضرت الشرطة، لكن التحقيق لم يسفر حتى الان عن اي نتيجة. ويشهد سكان حوش الحلو الملاصق ان الشرطة لم تتعب نفسها بجباية افادات السكان. وقد صرحت احدى ساكنات حوش الحلو السيدة دلال غيث، انها في يوم الجريمة كانت تنشر ملابس مغسولة على سطح يشرف على بيت الحاجة ابو ميالة فشاهدت الكثير من المستوطنين يهاجمون الحاجة وقد وضعوا على رأسها حجرا امام بيتها ثم قاموا بطعنها بالسكاكين وتقول الحاجة ثريا والدة دلال: »ان الشرطة لم تعن بأخذ افادة دلال ولا افادة اي فرد من سكان الحوش«.
على اثر ذلك نقلت السيدة فاطمة ابو ميالة الى مستشفى المقاصد حيث فارقت الحياة واستولى المستوطنون من جماعة »شوفوبانيم« على بيتها.

2-قذف قنبلة على بيت احمد حشيمة: وفي نفس العام والوقت الذي تعرضت فيه السيدة فاطمة للقتل قام طلاب مدرسة »برخات ابراهام« مجموعة طلاب »شوفوبانيم« بقذف قنبلة غازية تصدر روائح كريهة في شهر ايلول عام 1983 باتجاه بيت احمد حشيمة اصيبت زوجته بالدوخة والاعياء وسقطت على الارض.

3-طرد المواطن محمود ابو سنينة من بيته: اما بالنسبة للمواطن محمود ابو سنينة (ابو يحيى) فان المستوطنين اليهود اتباع المدرسة الدينية »شوفوبانيم« وقفوا ذات يوم امام بيته وقالوا له: »سوف نفعل بك صبرا وشاتيلا اذا بقيت هنا« وتعرض واسرته الى عملية ملاحقة وارهاب واطلاق نار في ساعات الليل واغلاق الطريق امام افراد العائلة. كل ذلك من اجل طرده من المكان، حيث كانوا يصرخون عليه بواسطة مكبرات الصوت: »ابو سنينة اذهب الى الخليل 00 هنا ليس مكانك«.

لقد لجأ الى الشرطة التي كانت تحضر احيانا ليدخلوهم الى سكنهم وقد عرض عليه قائد شرطة مركز القشلة في باب الخليل ان يأخذ مبلغا من المال مقابل تنازله عن سكنه ويستريح مما هو فيه من عذاب. لقد قطعوا عنه الماء والكهرباء وكانت له قضية في المحاكم الاسرائيلية تولى الدفاع عنه المحامي الياس خوري، الا انه اضطر فيما بعد الى ترك بيته، وانتقل للسكن في مكان اخر في البلدة القديمة.

مقتل احد طلاب معهد شوفابانيم واسمه (عميدي):

في نوفمبر من العام 1986 قتل احد افراد مجموعة »شوفابانيم« ويدعى الياهو عميدي »طعناً بالسكاكين، وقد قامت الشرطة بالقبض على ثلاثة شباب عرب من منطقة جنين واسندت اليهم تهمة قتله ثم ادانتهم بذلك محكمة عسكرية، وقد آثار حادث مقتل عميدي عاصفة من الاعتداءات والهجومات على العرب في كافة انحاء القدس.

مهاجمة العائلات العربية المجاورة للمدرسة: قام المستوطنون من جماعة »شوفابانيم« بمهاجمة المجاورين لهم من العرب في حوش المدرسة واحرقوا محتويات بيت عارف ابو صبيح وكذلك بيت زين ابو رجب. لقد تعرضت هذه العائلات الى الحرق وألقى المستوطنون عليهم الحجارة والزجاجات الفارغة والاوساخ على بيوتهم.

شردت هذه العائلات من منازلها واقاموا في سوق القطانين (في الشارع العام) وقد منعوا من العودة الى بيوتهم من قبل المستوطنين لفترة تزيد عن اسبوع وعندما عادت الى بيوتها اخذوا يعملون على اصلاح الاضرار التي لحقت بيوتهم من جراء اعمال التخريب التي قام بها طلاب المدرسة الدينية »شوفوبانيم«.

مهاجمة دكان بدر ابو عصب: في 25/11/1986 قام طلاب معهد شوفوبانيم المجاورة لدكان بدر ابو عصب والتي يقع مقابلها النصب التذكاري الذي اقاموه »لعميدي« بمحاولة حرق الدكان وقد فشلوا، كما تقدموا بشكوى ضد زوجة ابو عصب واتهموها بأنها دلقت زيت الشمعدان عليهم، وقد انكرت التهمة وافاد شهود عيان بروايات متناقضة وقد اطلق سراح زوجة ابو عصب بالكفالة.

مسيرة الرعب للمستوطنين: بعد مرور اسبوع على مقتل عميدي نظم المستوطنون مسيرة رعب تأتي الى البلدة القديمة والى النصب التذكاري لعميدي في عقبة الخالدية وكان ذلك يوم 26/11/1986 وقد اعتدى المتظاهرون على المحلات التجارية العربية (التي كانت مغلقة احتجاجاً على اعمال المستوطنين) وعلى من لقيهم في طريقهم من المواطنين العرب.

وقد تحدث »دافيد كراوس« القائد العام للشرطة الاسرائيلية بعد انتهاء المظاهرة »ان انصار الحاخام ليزر- طلاب المدرسة الدينية »برخات ابراهام« جماعة »شوفابانيم« قد عادوا الى مدرستهم التي تقع وسط الاحياء العربية. وقد اعتاد طلاب المدرسةعلى التنكيل بالسكان العرب باساليب تقشعر لها الابدان، اذ كانوا يثيرون ضجة في ساعات متأخرة من الليل وعندما كان السكا