الأحد 06/أكتوبر/2024

عرب «48».. قوة حضور وتأثير

عرب «48».. قوة حضور وتأثير

يبدو الكيان الصهيوني يتصرف بطريقة تنم عن التخبط والارتباك، نتيجة عجزه المتزايد عن القضاء على الانتفاضة والمقاومة، وبسبب تفاقم أزماته التي تسببها له العمليات الفدائية وتصيبه بالشلل الاقتصادي، وفقدان الأمن والاستقرار.

وعلامات هذا التخبط بدت واضحة من خلال إقدام سلطات الاحتلال في الآونة الأخيرة على شن حملة اعتقالات طالت قادة الحركة الإسلامية العربية في الأراضي المحتلة عام 1948، وأبرزهم زعيم الحركة الشيخ رائد صلاح مع أربعة عشر من الكوادر.

ومثل هذه الممارسات التعسفية، الهادفة إلى تقييد حركة المنظمات العربية في الأراضي المحتلة عام 48، تأتي بعد محاولات مماثلة استهدفت الحد من تحركات النواب العرب في الكنيست الصهيوني وفي مقدمتهم الدكتور عزمي بشارة وأحمد الطيبي، وهي تكشف زيف ما يسمى الديمقراطية الإسرائيلية القائمة على التمييز العنصري وفرض مشيئة الاحتلال، تستهدف بالدرجة الأولى تحقيق الأغراض التالية:

أولاً: منع التواصل المتزايد بين أبناء الشعب الفلسطيني في 48 و67، هذا التواصل الذي اتخذ منذ بدء الانتفاضة في 28 سبتمبر من عام ألفين طابعاً نضالياً حيوياً وعملياً، حيث بات العرب الفلسطينيون يسهمون على طريقتهم في الانتفاضة من خلال الدعم والإسناد المادي المباشر والهام لأهلهم المنتفضين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يصل هذا الدعم سريعاً وبشكل مباشر للعائلات والأسر التي تحتاج إليه، مما يؤدي إلى دعم صمودهم وجعلهم أكثر قدرة على تحمل المعاناة ومواجهة إرهاب المحتل وعدوانه، وبالتالي فإن الإجراءات التعسفية الإسرائيلية، إنما تستهدف تضييق الخناق على الانتفاضة وتشديد الحصار على الشعب الفلسطيني، عبر منع المساعدات الإنسانية التي تقدم من عرب 48، تحت ذريعة أنها مساعدات تقدم لدعم أنشطة «إرهابية» في محاولة ليّ عنق الحقيقة وتصوير الاحتلال على أنه احتلال وديع لا يمارس بحد ذاته الإرهاب والعدوان على الأرض والشعب الفلسطيني.

ثانياً: محاولة الحد من الأنشطة التي تقوم بها الحركة الإسلامية على صعيد حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه، وتدعيم بنيانه الذي يتعرض لخطر الانهيار والقيام بسلسلة من المهرجانات والتظاهرات التي تسهم في تعبئة طاقات الجماهير العربية وتحصينها بالوعي الوطني والقومي ودفعها للإسهام في النضال من أجل الدفاع عن عروبة الأرض الفلسطينية، والتي كان آخرها، تنظيم حملة شعبية للتذكير بالقرى العربية التي صادر أراضيها الاحتلال منذ نكبة 48 ومنع أهلها من دخولها.

ثالثاً: العمل على النيل من الأطر والحركات الفلسطينية التي تعمل على تنمية الوعي الوطني والقومي، والقضاء على رموزها، وإخافة الجمهور الفلسطيني لثنيه عن الالتفاف حول هذه الأطر والحركات والمساهمة في الأنشطة التي تنظمها، إذا كانت هذه هي الأهداف التي يسعى إليها الاحتلال عبر هذه الممارسات التعسفية، إلا أن ذلك لا يعني أنه سيتمكن من تحقيقها بل على العكس فإنها تفضي إلى نتائج عكسية، إلى جانب ما تكشفه من دلالات صارخة في آن.

ويبدو من الواضح أن استمرار الاحتلال باعتقال قادة الحركات الإسلامية، سوف يشكل بداية لتأجج الغضب الشعبي الفلسطيني واندلاع تظاهرات ومواجهات مع سلطات الاحتلال حيث هدد الأهالي بالإضراب العام وقطع الطرقات، ما يجعل سلطات العدو أمام مواجهة جديدة مع أكثر من مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48، تقود إلى إظهار صورة «إسرائيل» المزيفة عن الديمقراطية في العالم الغربي وإلى إحداث شلل تام في الحركة داخل الكيان الصهيوني، على غرار ما حصل في المراحل الأولى من الانتفاضة، عندما اندلعت مواجهات في المناطق المحتلة عام 48 وأدت إلى استشهاد 13 مواطناً فلسطينياً خلال المواجهات مع قوات العدو.

وبهذا المعنى، فإن الإجراءات الإسرائيلية في الوقت الذي تؤدي إلى عكس المرجو منها، تزيد من مأزق الكيان أيضاً.

وبالمقابل فإن مثل هذه الإجراءات التعسفية تكشف أمرين مهمين:

الأول: مدى عجز وإفلاس الاحتلال، الذي فشل فشلاً ذريعاً في القضاء على المقاومة والانتفاضة رغم كل الفرص التي أتيحت له، ولذلك فإن حملة الاعتقالات والاتهامات التي يقوم بها إنما تندرج في سياق محاولة التغطية على إفلاسه وفشله في مواجهة الانتفاضة والمقاومة.

الثاني: تعاظم قوة وتأثير ودور العرب الفلسطينيين في 48 وازدياد حضورهم الوطني والقومي وتحولهم إلى رافد رئيسي من روافد دعم الانتفاضة والمشاركة فيها، مما يبرهن على أن الاحتلال غير قادر على عزل الانتفاضة في داخل فلسطين عن شعبها إن كان في فلسطين 48، أو الضفة والقطاع، ولن يكون العدو قادراً على تهجير فلسطينيي 48 في الوقت الذي فشل فيه في القضاء على المقاومة في مخيم جنين رغم تدميره، وعجز عن تهجير سكانه الذين نهضوا من بين الركام ليواصلوا مقاومتهم وتحديهم وتصديهم للاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات