تهويد مدينة القدس وتجريدها من عروبتها

فالقدس اليوم في خطر! بأهلها وسكانها العرب فما من مدينة احتلت عبر التاريخ القديم أو الحديث وتعرضت معالمها مساحتها وسكنها لتغييرات جذرية كما تعرضت مدينة القدس.
فالخطر الصهيوني يقترب نحو القدس العربية محاولاً طمس معالمها العربية والإسلامية كلما امتدت أراضي المدينة في الاتجاهات كلها تحت شعار الصهيونية “القدس الكبرى”.
فبعد احتلال الجزء الشرقي من المدينة عام 1967 انتهجت الإدارة العسكرية الاسرائيلية سياسة مركبة أجبرت عدد غير قليل من السكان على ترك المدينة والنزوح إلى الضفة الشرقية.
فكان أول الأمر أن بدأت أعمال الهدم في القدس الشرقية بقيام الجرافات الاسرائيلية بهدم حي المغاربة في 13/6/1967 الذي كان يضم 135 بيتاً بينما كان يسكنها 65 شخصاً وفي الأيام المعدودة اللاحقة هدمت اسرائيل 38 بيتاً منهارة بيتاً من البيوت الأثرية التي تعتبر من معالم المدينة القديمة وهكذا كرست اسرائيل مبدأها الأول في تهويد مدينة القدس وهو حقها في هدم كل ما تشاء هدمه من دون حسيب ولا رقيب.
وما انتهى حزيران إلا وكانت الحكومة الاسرائيلية قد أعلنت في 28 من نفس الشهر أن منطقة مدينة القدس التي كانت تقع تحت الحكم الأردني ما بين المطار وقرية قلندية شمالاً وقرى صور باهر وبيت صفافا وقرى الطور والعيسوية والرام شرقاً قد أصبحت خاضعة لقانون قضاء الدولة الإسرائيلية وإدارتها.
ووراء هذا الأمر مبدأ آخر من مبادىء التهويد وهو توسيع مساحة المدينة ما أمكن فكل المناطق الميحطة بها سوف تضم إلى القدس الكبرى ويستتبع ذلك أن تخضع الأراضي العربية للقوانين الإسرائيلية الجائرة ليتم فيما بعد مصادرتها بذريعة استخدامها للأغراض العامة.
أما السكان العرب الذين شردتهم اسرائيل من القدس الغربية فقد أصبحت ممتلكاتهم وأراضيهم وفقاً “لقانون استملاك الغائبين” الذي سنته اسرائيل سنة 1950 ووفقاً لعدد من القوانين الجائرة اللاحقة عرضةً لعمليات استيلاء متواصل عليها.
ففي عشية عدوان عام 1967 لم تتعد مساحة القدس الغربية 38 ألف دونم لكن ما ان انتهى شهر حزيران حتى أضيف اليها نحو 72 ألف دونم أخرى وضمت هذه المساحات وفقاً لقوانين جديدة قرتها الكنيست وللمثال نذكر “قانون الاستملاك للمصلحة العامة” لسنة 1953 فقد صودرت بناءً عليه آلاف الدونمات وكان يتضح أنه لم تنشأ فعلاً منشآت للمنافع والمصالح العامة إلا على جزء قليل منها. والجزء الأكبر كان لبناء بيوت وأحياء سكنية للمستوطنين اليهود. ومن خلال ذلك انتزعت اسرائيل أراضي القرى المحيطة بالقدس وارتفعت أحياء يهودية في القدس نفسها مكان الأحياء العربية كما ارتفع حي اشكول مكان الشيخ جراح.
وبعد ان استُنفذت امكانات البناء في أغلبية المساحات التي صودرت بعد عام 1967 وبنيت عليها الحارات والمستعمرات اليهودية وهنا نذكر للمثال “معلوت دفنا” التي أقيمت على أراضي الشيخ جرّاح ومساحتها 485 دونماً و”التلة الفرنسية” و”جبل سكوبس” التي أقيمت على أراضي كرم اللويز وأراضي السمار وفي الفترة 1968 – 1970 وحدها صدور ما مساحته وحوالي 17 ألف دونم من أراضي منطقة القدس عاودت الحكومة الاسرائيلية في بداية الثمانينات الى مصادرة المزيد من الأراضي العربية في القدس للأغراض العامة: فصودر سنة 1981 ما مساحته 4400 دونم من أراضي قريتي شعفاط وبيت حنينا بني عليها لاحقاً مستعمرة “بسغات زئيف”.
ولاحقاً استمرت موجات المصادرة في التسعينيات أيضاً حتى بعد توقيع اتفاقية اعلان المبادىء (أوسلو – 1) بين حكومة اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في 13/9/1993. ولم تر في ذلك الحكومة الاسرائيلية خرقاً لاتفاقية اعلان المبادىء التي أجلت البحث في مسألة القدس الى مفاوضات الحل النهائي وإنما رأت في ذلك ترجمة وتنفيذاً لسيادتها على القدس لتتوسع المدينة مرة أخرى لتصبح مساحتها الآن 123 كم2.
ومن المبادىء الأخرى التي استخدمتها اسرائيل في تهويد مدينة في القدس الشرقية وتحديداً في المنطقة (J1) أي المنطقة المضمومة لبلدية القدس سيصل في نهاية عام 2004 الى 262 ألف نسمة في حين أن المنطقة (J2) وهي المنطقة غير المضمومة لحدود بلدية القدس سيصل عدد السكان الفلسطينيين فيها لنفس العام إلى 155.679 نسمة.
أما عدد اليهود الذين جاءوا يستوطنون القدس العربية وفي المناطق التي ضمت إليها من شمال وجنوب شرق المدينة في العام 1967 فقد بلغ عددهم 185 ألف مستوطن حسب إحصائيات 2003 لدائرة الاحصاء الفلسطينية بينما بلغ عددهم 50 ألف مستوطن في المنطقة J2.
وبالإضافة إلى الأشكال والمبادىء الصهيونية السابقة في تهويد مدينة القدس كان التضييق أيضاً على المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية التي ادعت اسرائيل أنها مؤسسات ذات طابع سلطوي فلسطيني فقامت بإغلاق العديد من المؤسسات الاقتصادية والسياسية وكان أشهرها بيت الشرق الذي لا يزال مغلقاً مع باقي المؤسسات الفلسطينية الموجودة في القدس.
وللتأكيد على هذا الأمر أقر الكنيست الاسرائيلي منذ 26 كانون أول 1994 مشروع “قانون القدس” الذي يمنع أية مؤسسة فلسطينية في القدس الشرقية من القيام بنشاط لمصلحة السلطة الوطنية الفلسطينية.
وفي مواجهة السياسة الإسرائيلية بتهويد مدينة القدس وتجريدها من عروبتها لا بد من سياسة عربية واسلامية واضحة قائمة على أساس وحدة المدينة جغرافياً وسياسياً وتاريخياً فقدسية المدينة وتاريخها هي الأثبت إزاء ما شهدته من فرض لوقائع وطمس الحقائق لذلك فإن التأكيد على وحدة القدس يبقى الأساس الأقوى والأصح في مقاومة تهويدها وطمس عروبتها. وتأسيساً عليه فإن التحرك السياسي والدبلوماسي العربي والإسلامي الخاص بقضية القدس سيشكل خطوة في سياق مقاومة تهويد المدينة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

رائد صلاح وشخصيات درزية بفلسطين يدعون لإفشاء السلم الأهلي بسوريا
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام دعا رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح وشخصيات درزية فلسطينية إلى إفشاء السلم الأهلي...

مستوطنون يدنسون ساحات الأقصى ويؤدون طقوسًا تلمودية
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحمت مجموعة من المستوطنين صباح اليوم الأربعاء، باحات المسجد الأقصى المبارك رفقة شرطة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة...

إصابة جندي إسرائيلي بجروح خطيرة إثر انفجار عبوة شمالي الضفة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، إصابة أحد جنوده بـ"جراح خطيرة" جراء انفجار عبوة ناسفة، خلال عدوانه على...

إعلام الأسرى: الأسير القائد حسن سلامة يتعرض لتعذيب ممنهج
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام كشف مكتب إعلام الأسرى (حقوقي مستقل) عن "تعرض الأسير القائد حسن سلامة لتعذيب ممنهج داخل زنازين العزل في سجن مجدو،...

قاض أميركي يأمر بالإفراج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي
المركز الفلسطيني للإعلام أمر قاض فدرالي أميركي، اليوم الأربعاء، أمرا بالإفراج عن محسن مهداوي، الطالب الفلسطيني الذي اعتُقل هذا الشهر أثناء حضوره...

حماس تدعو إلى مواصلة الحراك العالمي تضامناً مع غزة وضدّ العدوان الصهيوني
المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جماهير أمتنا العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى مواصلة الحراك الجماهيري العالمي،...

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...