واللي مش عاجبه يشرب البحر
السلطة الفلسطينية قد تقع في نفس أخطاء أوسلو وما جرته على الشعب الفلسطيني من غبن، ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه واللاعبين هم ذاتهم، فالصهاينة يقدمون أشكالاً من التكتيك السياسي الذي لا يؤثر على تحكمهم في زمام الأمور عسكرياً أو سياسياً في حين أن الفلسطينيين يقدمون كل أنفسهم قرباناً على مذبح مفاوضات لا تسمن ولا تغني من جوع وتنازلات لا يمكن التراجع عنها..
فأوسلو أدخلت القيادة المتنفذة في منظمة التحرير إلى الأراضي الفلسطينية تحت حراب الاحتلال وبأجندة أمنية كبيرة رأس الانتفاضة كان جزءاً بسيطاً من أولوياتها، وكل ذلك في مقابل إعادة موضعة الاحتلال، وقبل أن يتفق على خطوط المرحلة النهائية اللهم إلا الثقة المطلقة في الراعي الأمريكي «النزيه جداً جداً» وهو ما انتهى لانفجار الانتفاضة المباركة الحالية.
واليوم كما بالأمس خريطة الطريق تطالب الفلسطينيين بإنهاء الانتفاضة وتجريد القوى المقاومة – خاصة الإسلامية – من أسلحتها وضرب بنيتهم التحتية التي تعني – في هذه الحالة – جذور المقاومة ومؤسساتها الفكرية والشعبية.. واعتقال رموزها وتصفية العناصر التي لا تنسجم مع المعطيات الجديدة.. إلى غير ذلك مما هو انقلاب على الذات وحرق للمنجزات، وما هو انتحار جماعي واستسلام بالكلية يمتد في الزمان والأيديولوجيا والظروف إلى الحد الذي إما أن يؤدي لانهيار المشروع الوطني بالجملة أو لحرب أهلية لا تبقي ولا تذر.. هذا ما يراد على الأقل.
وكل هذا في مقابل وعود بتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وهي كلمات إنشائية قد لا يتجاوز محتواها أكثر من رفع حاجز عسكري هنا أو هناك أو إعادة موضوعته أو ذر الرماد في العيون بالسماح بدخول بضعة آلاف من العمال الفلسطينيين إلى منطقة الخط الأخضر أو ما شابه.. مع استمرار الاحتلال واستهداف قوى المقاومة وسياسة الاغتيالات وبناء المستوطنات، ودون القبول بجهة محايدة – ولا حتى غير محايدة – لمتابعة التنفيذ المتوازي أو المتوالي، أو حتى الانتقائي لما رسمته خريطة الطريق كالتزامات على الصهاينة.
الغريب في الأمر ليس صياغة خريطة الطريق، فالذين صاغوها هم حلفاء الكيان الصهيوني التقليديون، والتاريخيون، ولا تبني أمريكا لها فهي – أي أمريكا – تسعى لتعزيز الشعور بالانتصار على الأمة بعد حرب العراق، وهو ما يقتضي فرض شروط الاستسلام ولا الغريب هو سكوت الأنظمة العربية على ما يجري، فما عادت هذه الأنظمة ترد يداً ولا تملك حتى وجهة نظر – لصالح المشروع الفلسطيني في هذه الحالة – ولكن الغريب هو أن القيادة الفلسطينية توافق عليها وبدون تحفظات ودون أن تعرضها على مؤسسات السلطة التي طالما تغنت بديمقراطيتها.. لعلهم – أي رموز السلطة – لا يرغبون في تعريض هذا المشروع للطعن والنقض الفلسطيني.. ولكن هذا لا يعطيهم أية وجاهة اعتبارية لممارستها بالفعل إلا أنها قامت تمارسه عملياً برغم ذلك ثم بدأت الترتيبات الأمنية.
أتذكر هنا يوم دخلت السلطة إلى بعض الأراضي المحتلة قبل عشر سنوات وقد روجت لنفسها بالقول نحن حررنا غزة وأريحا وأنتم حرروا الباقي – والخطاب موجه للمقاومة – التي تخوفت من تداعيات الاتفاق ثم إذا بها تنقلب على المقاومة وتمس جوهرها بحجة الوفاء بالتزامات.. وها هم اليوم يفعلون الشيء نفسه فهم يقولون: من حق الجميع أن يتكلم ولكن لا سلطة إلا السلطة، وفي نفس الحين يوافقون بالمطلق على ما يمس الانتفاضة والمقاومة فلسان حالهم يقول: أنتم لكم حق الكلام ونحن لنا حق الفعل، وأنتم عليكم التضحية ونحن علينا الحصاد.. واللي مش عاجبه يشرب البحر!!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
غارات إسرائيلية مكثفة ومتواصلة على شمال غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الصهيوني - مساء السبت- عشرات الغارات المكثفة والقصف المدفعي على بيت لاهيا وجباليا شمال غزة، وسط...
عدوان إسرائيلي متواصل على لبنان وحزب الله ينفي إشاعات عن قادته
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الدموي على لبنان، واستهدفت مجدداً ضاحية بيروت الجنوبية، والبقاع، وجنوبي...
حزب الله يهاجم مستعمرات الاحتلال ومواقعه ويتصدى لمحاولات توغل
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام نفذ حزب الله سلسلة عمليات -السبت- استهدفت مستعمرات الاحتلال ومواقعه العسكرية وتحشدات القوات الصهيونية على الحدود مع...
الفصائل: لا اتفاق أو صفقة إلاً بوقف العدوان والانسحاب من غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت الفصائل الفلسطينية أنه لا اتفاق ولا صفقة إلا بتحقيق مطالب شعبنا بوقف العدوان، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وفتح...
اليونيفيل ترفض طلب إسرائيل نقل بعض قواتها من مواقعها
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان "اليونيفيل" أن قواتها لا تزال في مواقعها رغم تلقيها قبل نحو أسبوع...
كتائب القسام تنعى القائد القسامي سعيد علي وعائلته
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام نعت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، القائد القسامي سعيد عطا الله علي الذي استشهد برفقة عائلته، إثر غارة...
الأوقاف: جيش الاحتلال دمر 79% من مساجد غزة و3 كنائس ونبش عشرات المقابر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي 79% من مساجد في قطاع غزة خلال عام من حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من...